في كثير من الأحيان يكون رد الفعل عدم التصديق عندما تتحدث عالمة البيولوجيا الهولندية انجريد فان در مير عن عملها الذي يتركز على زهور الهندباء وكيف يمكن أن يؤمن هذا النبات مستقبل النقل البري.
ومن السهل تفهم رد الفعل لأن أغلب الناس يعتبرون هذه الزهور الصفراء عشبا دخيلا مزعجا في حدائقهم لا مصدرا واعدا لاستخراج المطاط لصناعة الإطارات.
وقالت عالمة البيولوجيا “يعتبره الناس عشبا فظيعا فحسب ويتساءلون كيف يمكن استخراج مادة كافية لصناعة الإطارات من جذر صغير.”
ويتنافس فريق الابحاث الذي تقوده مع فرق أخرى من الباحثين في مختلف أنحاء العالم لاستنباط سلالة من نوع من الهندباء ينتشر في قازاخستان ينتج جذره الرئيسي سائلا كالحليب توجد به نسبة من المطاط بالجودة اللازمة لصناعة الاطارات.
وتعتقد شركات صناعة الاطارات العالمية مثل بريدجستون وكونتننتال إنها قد تحقق أرباحا وفيرة وتدعم هذه الابحاث بملايين الدولارات.
والمؤشرات الأولية طيبة. وتوصلت تجربة على نطاق محدود أجراها فريق بحث أمريكي إلى أن مساحة هكتار من نبات الهندباء حققت عائدا من المطاط يساوي عائد مساحة مقابلة من أفضل مزارع أشجار المطاط في المناطق الاستوائية في آسيا.
كما أن بوسع الباحثين إدخال بعض التعديلات. فقد استنبط باحثون ألمان سلالة تنمو حتى يصل ارتفاعها إلى 30 سنتيمترا. كما أنهم يعملون على تطوير النبات لينمو بأوراق منتصبة حتى يسهل حصاده بالالات.
وكان اعتماد صناعة الاطارات بالكامل على أشجار المطاط التي تتركز زراعتها في عدد محدود من دول جنوب شرق آسيا سببا للقلق منذ فترة طويلة. وتستهلك صناعة الاطارات نحو ثلثي انتاج العالم من المطاط الطبيعي الذي تبلغ قيمته سنويا 25 مليار دولار.
وبعد مرور أكثر من 100 عام على اختراع المطاط الصناعي من البتروكيماويات ما زالت صناعة النقل البري والجوي العالمية تعتمد على الخواص الفريدة للمطاط نباتي الأصل الذي لا يضاهيه المطاط الصناعي.
ومن الضروري أن تحتوي إطارات السيارات على ما تتراوح نسبته بين 10 و40 في المئة من المطاط الطبيعي بما يسمح لها بالاحتفاظ بمرونتها في درجات الحرارة المتدنية ومنع الشروخ البسيطة من التزايد. وتحتاج إطارات الشاحنات والطائرات نسبة أعلى من ذلك.
وتتمثل أسوأ مخاوف شركات الاطارات في فطر يتعذر السيطرة عليه قضى على كل المحاولات لزراعة المطاط في مزارع بالبرازيل التي يوجد فيها أصل شجرة المطاط وتخشى الشركات أن يدمر ذات يوم المحصول في جنوب شرق اسيا.
ومن العوامل التي منحت الأمر أهمية أكبر التقلبات التي يشهدها سوق المطاط الذي ارتفع سعره إلى مستوى قياسي يتجاوز ستة دولارات للكيلوجرام في أوائل عام 2011 عندما اقترن نقص المعروض بسبب الطقس بنمو قوي للطلب ومضاربات من جانب التجار.
لكن الأسعار انخفضت إلى دولارين فقط هذا العام مسجلة أدنى مستوى منذ عدة سنوات بفعل توقعات بتباطوء النمو الاقتصادي في الصين أكبر سوق في العالم للمطاط.
وساهم في تزايد تقلبات الاسعار أن تطوير مزرعة جديدة يستغرق نحو سبعة أعوام وأن المزارعين يميلون خلال هذه الفترة لتغيير مساحات الاراضي المزروعة بالزيادة والنقصان حسب تطورات الاسعار.
ومن المخاوف الأخرى في السوق الحالية أن دولا منتجة للمطاط على رأسها تايلاند واندونيسيا ليست لديها المساحات الكافية لمجاراة الزيادة المتوقعة في الطلب على الاطارات في الأجل الطويل.
وقدر محللون لدى بنك كريدي سويس معدلات النمو بما يقرب من أربعة في المئة سنويا خلال السنوات الأربع المقبلة.
وقد استخلصت شركات الإطارات درسا من التاريخ في البحث عن مادة محلية لصناعة الاطارات.
فعندما انهارت التجارة مع آسيا خلال الحرب العالمية الثانية تمت زراعة زهرة الهندباء القازاخستانية والمعروفة أيضا بزهرة الهندباء الروسية في الولايات المتحدة وأوروبا والاتحاد السوفيتي لاستخدامها كمصدر للمطاط رغم ضآلة كمية المطاط المستخرجة منها آنذاك.
وبعد الحرب عادت الروابط التجارية إلى مجاريها وعادت الشركات إلى المزارع الاسيوية.
ولا يكشف الباحثون الذين يعملون على زهرة الهندباء عن كيفية تحويل المحصول إلى مادة قابلة للاستخدام في صناعة الاطارات.
وأظهرت الاختبارات أن المطاط التجريبي يعادل المطاط الطبيعي التقليدي لكن طرح إطارات الهندباء في الاسواق ما زال يتطلب عمليات تطوير ستستغرق أعواما أخرى.
رويترز