ألقى العدد الأخير من مجلة”ناشيونال جيوجرافيك” الضوء على قضية الفحم من خلال تركيز ملف عددها على مناقشة جدلية الفحم النظيف، ورصد تجارب دول آسيوية وأوروبية عانت من التخلص من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
أبرزت المجلة في غلافها الرئيس عنوان الملف”حجيم الفحم” يتوسطه صوره لأحد الأطفال الذين يعملون في التنقيب غير القانوني عن الفحم في الهند، ويحمل فوق رأسه صخرة كبيرة من الفحم متوجهاً بها إلى اسرته لإنتاج فحم الكوك،الوقود الأقل تلوثاً من الفحم الحجري.
أورد ملف العدد أمثلة من دول تعاني من الملوثات الهوائية لاستخدام الفحم في المصانع؛ منها مركز مدينة بكين الذى غدا الهواء في هذه الأيام أكثر تلوثاً من هواء قاعات المدخنين في المطارات. ويعد تلوث الهواء في الصين، الناجم في معظمه عن حرق الفحم الحجري، مسئولا عن وفاة أكثر من مليون شخص سنوياً دون متوسط العمر.
أشار الملف إلى أن الفحم الحجري ملئ بما يصفه الاقتصاديون بتعبيرهم الملطف “آثاراً خارجية”، أي أن له تكاليف باهظة على المجتمع. فهو أقذر مصادر الطاقة وأكثرها فتكاً بالبشر لكنه يعد أرخصها استناداً إلى معظم المعايير، والمشكلة تكمن في أننا نعتمد عليه بشدة .
إرتكز الملف في معالجته على موضوع”الفحم” على كيفية إلتقاط ثاني أكسيد الكربون من انبعاثات الفحم والتخلص الآمن منها، بعد ضمان تولي أجهزة تنقية الغاز انتزاع جزيئات الكبريت والزئبق من الدخان لكنها لاتنتزع جزيئات الكربون.
وألقت الضوء على أول مشروع في العالم لالتقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه مباشرة من محطة لتوليد الطاقة تعمل بالفحم الحجري، وكان قد اجتذبت إليه مئات من الزوار المدفوعين بالفضول من مختلف أرجاء العالم.
في الوقت نفسه، بدأت الصين تجارب إقليمية بالاعتماد على أسلوب أكثر منفعةً للمستهلكين، كانت الولايات المتحدة سباقة في طرحها. ففي تسعينات القرن الماضي، اعتمدت الوكالة الأمريكية لحماية البيئة”مرسوم الهواء النظيف” لفرض سقف على إجمالي ما تطلقه محطات توليد الطاقة من انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت، مانحةً رخص تلويث قابلة للشراء لجهات بعينها ملوثة للبيئة. حينها تنباأ مسئولو صناعة توليد الطاقة بعواقب كارثية على الاقتصاد.
وما حدث هو أن الخطة أدت إلى إيجاد تقنيات مبتكرة وأكثر جودة وأقل تكلفة لالتقاط الانبعاثات، فضلا عن هواء أكثر نقاءً بكثير من سابق عهده.
نادية الدكروري _ الوطن