اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا طلبت فيه فتوى من محكمة العدل الدولية بشأن التزامات الدول فيما يتعلق بتغير المناخ الذي وصفته بأنه تحد لم يسبق له مثيل.
وقالت الجمعية العامة في قراراها، المقدم من جمهورية فانواتو والمدعوم من عدد كبير من الدول الأعضاء، أن رفاه أجيال البشرية الحالية والمقبلة يتوقف على التصدي لتغير المناخ فورا وعلى سبيل الاستعجال.
واستعرض أليتوي إشمائيل كالساكاو رئيس وزراء فانواتو، وهي دولة جزرية في المحيط الهادئ، مشروع القرار قبل اعتماده والوضع المرتبط بتغير المناخ.
وقال كالساكاو إن تغير المناخ خلف آثارا مدمرة على الكثير من الدول والشعوب بأنحاء العالم، وإن الوضع قد يتدهور بشكل كبير بسبب غياب العمل الفوري والجريء.
وأشار إلى أن بلده، فانواتو، قد تعرضت لإعصارين متعاقبين شديدين لا يفصل بينهما سوى أيام. وقال إن موزمبيق تعرضت قبل أسابيع لإعصار فريدي المدمر الذي سجل رقما قياسيا في طول مدته الزمنية وشدته.
وأشار إلى الجفاف المستمر في منطقة القرن الأفريقي والساحل، والفيضانات في بنغلاديش وباكستان وفيتنام، والارتفاع الشديد في درجات الحرارة في كندا وجنوب أوروبا الصيف الماضي، والفيضانات في ألمانيا.
وقال إن كل تلك الأحداث نجم عنها خسائر في الأرواح ودمار. وأضاف أن الدول الأكثر تضررا، غالبا هي الأقل مساهمة في انبعاث غازات الدفيئة.
رئيس وزراء فانواتو تحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نيابة عن مجموعة أساسية من الدول الداعمة للقرار تشمل المغرب، أنغولا، ألمانيا، أنتيغوا وباربودا، البرتغال، بنغلاديش، كوستاريكا، ساموا ونيوزيلاندا.
وقال كالساكاو إن المجموعة ترى أن مواجهة تحديات بهذا الحجم تتطلب استخدام كل الأدوات الممكنة لمعالجة أزمة المناخ وتهديداتها على الأمن البشري والوطني والدولي، بما في ذلك طلب الفتوى من محكمة العدل الدولية.
ومع إيلاء اعتبار خاص لميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وغير ذلك من اتفاقات ومعاهدات ذات صلة، طلب قرار الجمعية العامة من المحكمة إصدار فتوى بشأن:
- التزامات الدول بموجب القانون الدولي تجاه حماية النظام المناخي والجوانب البيئية الأخرى من الانبعاثات البشرية المنشأ لغازات الدفيئة،
- الآثار القانونية المترتبة بموجب هذه الالتزامات على الدول التي تتسبب، سواء بفعل أو بإغفال، في إلحاق ضرر جسيم بالنظام المناخي وبجوانب أخرى من البيئة فيما يتعلق بالدول الجزرية الصغيرة النامية على وجه الخصوص، والشعوب والأجيال الحالية والمقبلة المعرضة للآثار الضارة لتغير المناخ.
العدالة المناخية
بدوره تحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمام الجمعية العامة مشيرا إلى تقرير الهيئة الحكومية الدولية، أوائل الشهر الحالي، الذي أكد أن البشر مسؤولون عن الاحترار العالمي على مدى المائتي عام الماضية.
وأظهر التقرير أن الحد من ارتفاع درجة الحرارة بـ1.5 درجة مئوية أمر ممكن ولكن الوقت آخذ في النفاد. وقال الأمين العام في هذا السياق إن نافذة الفرص لتجنب أسوأ آثار أزمة المناخ تنغلق بسرعة. وأكد أن العقد الحالي حاسم للعمل المناخي.
وقال “أقل المساهمين في أزمة المناخ، يواجهون جحيما مناخيا وارتفاع مستويات مياه البحر. بالنسبة لبعض الدول تعد تهديدات المناخ عقوبة بالإعدام”.
وذكر الأمين العام أن فتاوى محكمة العدل الدولية، وهي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، لها أهمية هائلة ويمكن أن ينجم عنها أثر طويل الأمد على النظام القانوني الدولي. وأضاف أن تلك الفتاوى يمكن أن تقدم الإيضاحات التي تمس إليها الحاجة حول الالتزامات القانونية الدولية القائمة.
وقال الأمين العام إن فتوى المحكمة، في حال صدورها، ستساعد الجمعية العامة والأمم المتحدة والدول الأعضاء على القيام بعمل مناخي أقوى وأكثر جرأة يحتاجه العالم بشدة.
وذكر الأمين العام أن العدالة المناخية تعد حتمية أخلاقية وشرطا أساسيا للعمل المناخي الفعال.
وأشارت الجمعية العامة، في قرارها، إلى توافق الآراء العلمية على أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشرية المنشأ هي السبب الرئيسي للاحترار العالمي الذي لوحظ منذ منتصف القرن العشرين، وبأن تغير المناخ الناجم عن فعل الإنسان قد أحدث أضرارا واسعة النطاق للطبيعة والناس تتجاوز التقلبات الطبيعية للمناخ مع تأثر الأشخاص والنظم الأكثر ضعفا بشكل غير متناسب.
وشددت الجمعية العامة في قرارها على الحاجة الملحة لتوسيع نطاق العمل والدعم، بما يشمل التمويل وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا. وأعربت عن القلق البالغ لعدم تحقيق الهدف الذي يقضي بمشاركة البلدان المتقدمة في تعبئة 100 مليار دولار أمريكي سنويا بحلول عام 2020، لدعم الدول النامية في مجال المناخ.
الأمم المتحدة