صدر العدد 258 من مجلة “البيئة والتنمية” لشهر أيلول (سبتمبر) 2019، وهو متوفر مجاناً على الانترنت عبر الموقع الالكتروني www.afedmag.com
موضوع الغلاف لهذا العدد بعنوان “البلاستيك في العالم العربي: 20 مليون طن تلوث البيئة سنوياً”. أمام الاتجاهات العالمية الجديدة للحد من النفايات البلاستيكية، مازال الموقف العربي ينطوي على كثير من التناقضات. فهو من جهة يشجّع على التقليل من استهلاك المواد البلاستيكية، وفق ما تظهره الكثير من المبادرات على المستويات المحلية والوطنية. لكنه من جهة أخرى لا يظهر الحماس لدعم القيود العالمية، بل يتّجه للاصطفاف مع الولايات المتحدة ودول أخرى، ترى في هذه التحولات خطراً على صادراتها من البوليميرات.
كذلك يتضمن العدد مقالاً بعنوان “”التمييز العنصري” المناخي: الأغنياء يلوّثون والفقراء يضرسون”. فموجة الحر غير المسبوقة التي اجتاحت أوروبا هذا الصيف ليست تقلّباً عادياً في حالة الطقس، وإنما اتجاه عام يتواصل سنة بعد سنة، ويشير إلى حصول تغيُّر مناخي ظاهر للعيان. هذه الوتيرة غير المسبوقة في تغيُّر المناخ لا تمثّل حالة وقتية عارضة، وتضع نحو ملياري شخص من الناس الأكثر فقراً حول العالم بمواجهة تهديد استثنائي بفقدان سبل العيش وخسارة الموطن لأسباب مختلفة، يأتي في مقدمها تغيُّر المناخ. ويتطرق مقال بعنوان “عندما تتآمر الشركات والسلطات عليهم من يحمي حماة البيئة؟”، إلى تحوّل حماية البيئة إلى ساحة معركة جديدة لحقوق الإنسان. فمع تزايد الطلب على الأراضي والموارد، تندفع الشركات إلى مناطق جديدة توسّع فيها أنشطتها في إطار صفقات تبرمها مع مسؤولين حكوميين يبحثون عن مصالحهم الشخصية في كثير من الحالات. وفي الأماكن التي تتلاشى فيها سلطة القانون، وتصبح الموارد الطبيعية مصدراً للسلطة والثروة، تزداد الأمور سوءاً يوماً بعد يوم. هذا ما تؤكده الأخبار المتواترة من مختلف أنحاء العالم، حول العنف والتهديد الذي يلقاه الناشطون في الميدان البيئي، والانتهاكات التي تطال الصحافيين البيئيين.
وفي افتتاحية العدد بعنوان “ماذا صنعتَ بالذهب ماذا فعلتَ بالوردة؟”، يستشهد رئيس التحرير نجيب صعب بقصيدة للشاعر اللبناني الراحل أنسي الحاج كتبها قبل خمسين عاماً، عن امرأة وجدها فريدة بين النساء، لكنه خسرها لأنه أهملها ولم يمنحها ما تستحق من حب وعناية، وهو ما ينطبق تماماً على علاقة الانسان بالطبيعة. ولكن الفارق، كما يُشير صعب، هو أنه “في حين يمكن للشخص، في معظم الأحيان، أن يجد شريكاً آخر ويحاول تصحيح أخطائه، إلا أن تدمير الطبيعة بالتمادي في العبث بمكوناتها لا يمكن إصلاحه، إذ لا توجد أرض أخرى يستطيع البشر الانتقال إليها”. ويضيف صعب انه في السنوات الأخيرة، انتشرت في بلدان أوروبية كثيرة مشكلة الديدان السامة التي تمشي في مواكب. ومع أن هذا النوع من الديدان الشعيرية ليس جديداً، فإن التدخّلات الإنسانية المتطرفة خلال العقود الماضية أدّت إلى خلل في التوازن الطبيعي، بحيث اكتسبت الديدان السامة مناعة ضد المبيدات المعروفة. ويخلص صعب إلى القول بأنه قد يظن البعض أن هذه المشاكل عالمية لا علاقة للبلدان العربية بها. لكن الواقع أن العرب في صلبها. فأراضينا، بما فيها الصحارى، غنية بالأنواع الحية النادرة التي يجب الحفاظ عليها. أما البحار والمحيطات التي تزنّر العالم العربي، فهي تؤوي ثروات كبيرة توفّر، إلى جانب الغذاء، مواقع سياحيّة مميّزة.
البيئة والتنمية