ميل الكثير من السياح إلى البحث عن المعالم الجذابة التي صنعها الإنسان في مجالات مثل الفنون، والعمارة، والمأكولات، والموسيقى، والتاريخ والحضارة. لكن أحيانا تكون المدن والبلدات الأكثر إثارة للاهتمام هي تلك التي شكلت الطبيعة تضاريسها، وغالبا ما تكون النتائج جذابة وخيالية.
وللتعرف على الأماكن الطبيعية الأكثر جذبا، والتي يقطنها الناس بالفعل، لجأنا إلى موقع كورا (Quora) المتخصص في الأسئلة والأجوبة، وطرحنا هذا السؤال: “ما هي أكثر المدن والبلدات إثارة وجاذبية من ناحية الجغرافيا والتضاريس؟”
من مساكن كهوف منحوتة من صخور بركانية إلى بلدة بنيت بأكملها في حفرة كبيرة تشكلت بعد سقوط نيزك، كانت هذه المقاصد شيئا فريدا لم ير مثله أغلب السائحين من قبل.
كندوان في ايران
بدءا من القرن الثالث عشر، إن لم يكن قبل ذلك التاريخ، نحت سكان بلدة كندوان بيوتهم ذات الشكل المخروطي من الصخور البركانية اللينة، والتي تكونت جراء انفجارات بركانية سابقة لبركان جبل سهند، الخامد حاليا.
تقع البلدة على مسافة نحو 55 كيلومترا بالسيارة جنوب مدينة تبريز. تبدو البلدة وكأنها مستعمرة عملاقة للنمل الأبيض على شكل مخاريط ترابية مثقوبة.
بالإضافة إلى منظرها المذهل، فإن مساكن الكهوف توفر تدفئة وتبريدا بشكل طبيعي، بحسب كوشيك باراشار من مقاطعة غواهاتي في الهند في رده على السؤال الذي طرحناه على موقع “كورا”.
ويضيف أن “المادة الصلبة توفر عازلا حراريا فعالا في برد الشتاء القارس وحر الصيف الشديد”. يمكن للسائحين أن يستمتعوا بفوائد هذه المساكن الفريدة والمثيرة للإعجاب خلال إقامتهم في الفنادق، مثل (فندق لاله كندوان الصخري)، الذي يضم 10 أجنحة منحوتة في الصخر تحتوي على حوض جاكوزي وأرضيات مدفأة.
ما الذي دفع سكان بحيرة تيتيكاكا من أبناء قبيلة “الاورو” لبناء جزر بأكملها من أجل حماية قراهم؟ الإجابة تتلخص في كلمة واحدة هي “الأنكا”.
كانت الهجمات المتكررة لجيرانهم العدوانيين من أفراد قبيلة “الانكا” في القرن الثالث عشر هي ما دفعهم لبناء ما يقرب من 42 جزيرة من حزم من القصب الذي ينمو بوفرة وسط البحر، ويطلق عليها “توتورا”، حيث تعمل جذورها الكثيفة كأساسات طبيعية للبناء.
ويستطيع سكان “الأورو” نقل كل جزيرة مثل طوافة ضخمة، إذا ما شعروا بأن هناك هجوما وشيكا.
لا يزال بضع مئات من أفراد الاورو يعيشون في هذه الجزر، ويعمل العديد منهم في السياحة التي توفر فرصا لتحقيق مكاسب مالية، لكنها في الوقت نفسه تؤثر سلبا على جزر القصب الرقيقة.
فالقصب الموجود أسفل هذه الجزر يصاب سريعا بالتعفن، ويحتاج إلى إضافة قصب جديد كل بضعة أشهر، حسبما أوضح باراشار.
رغم أن سائحين كثيرين سمعوا عن المعالم الجذابة في العاصمة السويدية، ستوكهولم، فإن عددا أقل ربما يعلم أن المدينة، التي بنيت عام 1252، هي عبارة عن أرخبيل يتكون من 25 ألف جزيرة متجاورة في بحر البلطيق.
في الحقيقة، وكما يخبرنا أندي وارويك في رده على سؤالنا على موقع كورا، فإن “من أفضل السبل للاستمتاع بمعالم المدينة هو ركوب زورق؛ إذ أنه يمر عبر أميال لا نهاية لها من الأنهار والجداول والموانئ. أضف إلى ذلك حقيقة معروفة وهي أن المدينة منخفضة الارتفاع نسبيا.. فأمامك واحدة من أجمل المدن الأوربية.”
تشكلت هذه الجزر، التي تتراوح بين جزر كبيرة الحجم مأهولة وجزر عبارة عن مواقع وهضاب صخرية، بفعل حركة الكتل الجليدية منذ آلاف السنين، تاركة وراءها قطعا هائلة من صخور الصوان.
يطلق السكان المحليون اسم “سكارغاردن” على أرخبيل ستوكهولم، وهي تعني حرفياً “حديقة الشعاب المرجانية”، في إشارة إلى الصخور البارزة من البحر.
عندما يضل السائحون طريقهم عن الدروب المعروفة في بلدة غواديكس بإسبانيا، التي تقع على مسافة 50 كم غرب غرناطة، فإنهم سيجدون مكافأة في انتظارهم.
يقول تشانغ ليو، وهو مستشار في شؤون السياحة والسفر في لندن على موقع (كورا) إن “الكثير من الناس يعيشون في بيوت الكهوف الواقعة تحت الأرض بالقرب من جبال سييرا نيفادا.”
وثمة اعتقاد بأن السلسلة الرئيسية التي تضم أكثر من ألفي منزل في الكهوف قد بُنيت تقريبا في القرن السادس عشر، عندما دفع الخوف من اضطهاد القوات المسيحية الغازية لقوم “البربر” إلى اللجوء للتلال والهضاب لبناء منازلهم من الصخور الرملية الرخوة.
أما اليوم، فإن هذه المنازل في أغلب الأحيان مجهزة جيدا بمياه جارية وكهرباء وحتى أرضية من المرمر وخدمات الإنترنت.
وفي الوقت نفسه، ووسط هذه المناظر الطبيعية الصحراوية الجافة، فإن هذه الكهوف التي تضم مداخن وأبوابا بيضاء توفر فرصة للاستراحة من حرارة الشمس الشديدة.
وبينما تصل درجة الحرارة في الخارج إلى 40 درجة مئوية خلال فصل الصيف، فإن الكهوف تحافظ على درجة حرارة 20 درجة مئوية طوال السنة.
نوردلنغن هي بلدة فريدة من نوعها، فهي “تقع داخل حفرة كبيرة خلفها سقوط نيزك”، حسبما يقول باراشار.
تقع البلدة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 20 ألف شخص، في إطار حفرة نيزك قطرها 25 كيلومترا. يعود تاريخ البلدة الساحرة إلى عام 898، بمنازلها ذات الأسقف القرمزية وكنائسها من العهد القوطي وهي دائرية الشكل تماما، حتى أن أزقتها الرومانسية المتألقة تمتد بنمط دائري إلى الخارج.
في الستينيات من القرن الماضي، اكتشف العلماء نوعا من أنواع حجر الكوارتز في هذه الحفرة، يتكون فقط عن طريق ضغط ناتج عن اصطدام نيزك، وحينها فقط علم سكان البلدة أن الحفرة الضخمة هي من صنع نيزك، وليست نتيجة انفجار بركاني، كما كان يُعتقد سابقا.
ويعتقد بأن الحفرة قد تكونت قبل قرابة 14.5 مليون عام عندما اصطدم نيزك بقطر 1.5 كم بسرعة هائلة بكرتنا الأرضية.
BBC