تعد القاهرة من أكثر 10 مدن تلوثا في العالم ، مع ذلك فقد سمحت الحكومة المصرية باستيراد الفحم لتوليد الطاقة، فيما انطلقت حملة “مصريون ضد الفحم” ضد القرار، وعارضته وزيرة الدولة لشئون البيئة ليلي إسكندر وتتقاضى لإلغائه.
بدأت السبت12 نيسان/ ابريل 2013 أول جلسات قضية وقف قرار الحكومة فتح استيراد الفحم لتوليد الطاقة أمام محكمة القضاء الإداري المصري، والتي من المقرر أن تحضر جلستها القادمة، 10 مايو/أيار القادم، وزيرة الدولة لشئون البيئة ليلي إسكندر، المعارضة للقرار.
كما انطلقت حملة “مصريون ضد الفحم”، وهي حملة تطوعية تضم خبراء وأكاديميين ومهتمين بشئون البيئة، وشنت هجوما واسعاً ضد استخدام الفحم نظرا للآثار البيئية والصحية والاقتصادية لحماية حق الأجيال القادمة في بيئة وصحة نظيفتين، وقد ضمت الحركة الرافضة للفحم أيضا المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وجمعية التنمية الصحية والبيئية، وجمعية المحافظة على البيئة في البحر الأحمر.
الحكومة تتجاهل وزارة البيئة
مؤخرا نشرت وزارة الدولة لشئون البيئة، على موقعها الرسمي، عدة دراسات أولية تؤكد أن استخدام الفحم في صناعة الأسمنت من المتوقع أن يسبب تكلفة مجتمعية نتيجة لتلوث الهواء بالكربون تتراوح بين 3.9 إلى 5 مليار دولار، في العام الأول، وقد قدمتْ هذه الدراسات لمجلس الوزراء المصري، لكنها لم تؤثر على قراره باستخدام الفحم في توليد الطاقة!
من جانبها بررت نادية الطيب، أستاذ بحوث تلوث الهواء بالمركز القومى للبحوث التابع لوزارة البحث العلمي، القرار الحكومي الخاص باستيراد الفحم بأن “الحكومة المصرية لم تجد أمامها حلا آخرا لأزمة الطاقة”، مبينة أن “الفحم سيكون حلا مؤقت، حتى يتوافر إنتاج كافي من الغاز..لهذا يجب وضع ضوابط لاختيار أنواع فحم تحتوى على كميات قليلة من الكبريت والكربون أيضاً، وأن يتمّ استخدامه في توليد الطاقة تحت رقابة وسيطرة شديدة لمنع تأثيره الملوث للبيئة والهواء”.
” قرار الحكومة جاء نتيجة ضغط بعض رجال الأعمال”
من جانبه قال محمد جابر، أحد المتطوعين بحملة مصريين ضد الفحم، ” إن الجهات الوحيدة المستفيدة من استخدام الفحم في توليد الطاقة هي مصانع الأسمنت. قرار الحكومة جاء نتيجة ضغط بعض رجال الأعمال، حيث يتردد أن هؤلاء هم أصحاب الشركات التي ستعمل في جلب الفحم وتجهيز الموانئ لتخزين الفحم وكذلك نقله”، ويحدد جابر أسباب رفض الحملة لاستخدام الفحم في توليد الطاقة بقوله “الخطورة تكمن في الآثار الصحية لاستخدام الفحم، فحينما يحرقْ الفحم يتشبع الهواء بغازات مثل أكسيد النيتروجين، الذي يسبب تهيّج أنسجة الرئة، وأكسيد الكبريت وثاني اكسيد الكربون والأوزون ومعادن ثقيلة، مثل الزئبق والرصاص والزرنيخ، وهناك أيضا الجسيمات الدقيقة، والأخيرة تؤدي لأمراض الربو، وهناك الملوثات العضوية الدائمة المُسببة للسرطان”.
مخاطر على المسطحات المائية ومياه الشرب
الفحم سيتم استخدامه بشكل أساس في صناعة الأسمنت الواقعة على امتداد النيل و مسطحات مائية أخرى، وهو ما دفع جمعية مستثمري السياحة “بالعين السخنة” (الواقعة شرق البحر الأحمر) لمعارضة استخدام الفحم حيث يمكن أن تسبب ثلاثة مصانع شمال البحر الأحمر في تلوث المشروعات السياحية بالمنطقة بما يهدد بالقضاء على السياحة.
كما تشكك الحملة في إمكانية تطبيق المعايير الدولية التي يجب مراعاتها في حالة توليد الطاقة عن طريق الفحم، وهو ما يؤكده جابر، حيث يقول “الحكومة لم تحدد معايير واضحة، ولا توجد جهة محايدة ستطبق وتراعى المعايير، وهل المنظمات البيئية ستكون لها الصلاحيات الكفيلة بمراقبة المصانع؟!”
“قش الأرز بديل لن تقبل به الحكومة”
اقترحت دراسة لوزارة الدولة لشئون البيئة إتباع المحروقات المعدلة الخاصة بالإتحاد الأوربي، والتي تمزج الفحم بالوقود البديل (مخلفات القمامة بعد فرزها، والمخلفات البيئية أيضا) بنسبة 35% مقابل 65% للفحم، ويعلق محمد جابر بقوله “استخدام الوقود البديل سيكون أفضل، خاصة أن قش الأرز يتوافر بكثرة، ويتسبب حرقه في سحابة سوداء تلوث القاهرة بشكل سنوي، إلا أن لا أحدا سيتحمس لها، لأن دوائر المستفيدين من استيراد الفحم لديها القدرة الأكبر للضغط على الحكومة”.
من ناحية أخرى تروّج الحكومة المصرية لاستخدام الفحم باعتباره السبيل الوحيد لحل أزمة الطاقة، إلا أن خطط مشروعات هيئة الطاقة المتجددة، التابعة لوزارة الكهرباء، تكشف عن وجود توجه حكومي للتوسع في توليد الكهرباء البخارية، عن طريق الفحم، حيث سيتمّ توليد 1300 ميجاوات (محطة العين السخنة البخارية) العام الحالي، ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم، خلال عام، عن طريق محطتي السويس وقنا العام المقبل.
كما ستبدأ 5 محطات جديدة العمل في العام 2016، بينما لا يتمّ التوسع في إنتاج الكهرباء بالطاقة المتجددة والنظيفة، مثل الرياح، إلا بمعدل لا يتجاوز 360 ميغاوات لعام 2014، ولن يبدأ توليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية إلا قبل العام 2015 بمعدل لن يزيد عن 100 ميجاوات !
DW