أصدرت الجامعة الأميركية في القاهرة تقريراً عن قياس انبعاثات غاز الكربون داخل حرمها الجامعي في شرق العاصمة المصرية. وجاء التقرير ضمن مسعى لتخفيض استهلاك الطاقة في الجامعة، في مساهمة منها في مكافحة تغيّر المناخ. وبذا، تعتبر الجامعة أول مؤسسة للتعليم العالي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تسير في خطوة من هذا النوع.
ويحدّد التقرير عدداً من الاستراتيجيات للحدّ من «بصمة الكربون» Carbon Finger Print، في الجامعة، المتّصلة باستهلاك الطاقة. وأعد التقرير «مركز تنمية الصحراء» و «مكتب الاستدامة» في الجامعة.
رواد التحدي
شرحت رئيسة الجامعة ليسا أندرسون أن التقرير هو نموذج لجهود مماثلة في أنحاء المنطقة. «من خلال تقويم تأثيرنا على البيئة، نأخذ الخطوة الأولى للحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بالاحتباس الحراري، داخل حرم الجامعة، ونكون روّاداً في التصدّي لتحدّي تغيّر المناخ».
وأشار منسّق «مكتب الاستدامة» مارك راوخ، إلى أن هذه الدراسة بالغة الأهمية، لأنها توفر معلومات تفيد في تحديد الأولويات في مبادرات الاستدامة المستقبلية داخل حرم الجامعة.
وأوضح أن «بصمة الكربون» تقيس كمية الغازات الدفيئة، خصوصاً ما يُعرَف بـ «مكافئ ثاني أكسيد الكربون» CO2 Equivalent. وتنبعث هذه الغازات من مؤسسة على مدار فترة من الزمن، عادة ما تكون عاماً أو أكثر.
في سياق إعداد التقرير، استُخدِم حاسوب كربون لتحليل الهواء النظيف والمحطة الباردة، مُتضمّناً برنامجاً إلكترونياً وضعته منظمة أميركية غير حكومية وتستخدمه جامعات كثيرة. واقتضى الأمر أيضاً تكييف هذا النموذج لاستيعاب خصوصية الجامعة الأميركية في القاهرة. وبحسب ، مدير «مركز تنمية الصحراء» ريتشارد توتويلر، فإن «السياق المصري مختلف تماماً، ما أوجب إجراء بعض التعديلات على البرنامج مع الحفاظ على نظامه الأساسي وهيكل نموذجه، إذ يعتبر هذا أمراً أساسياً لإجراء مقارنات ذات مغزى. أضفنا أيضاً وحدة لإمدادات المياه، نظراً لاعتماد مصر على نهر النيل».
وفي2011، أنتج حرم الجامعة 55433 طناً مترياً من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. وبتقسيم إجمالي الانبعاثات على عدد الطلاب، تبيّن أن انبعاثات الجامعة الأميركية تُماثِل مستويات نظيراتها في الولايات المتحدة. إذ انبعث من الجامعة الأميركية في القاهرة قرابة 9.3 طن متري من ثاني أكسيد الكربون. وسُجّلَت أرقام مُشابهة في جامعة رايس – تكساس (10.6 طن متري) وجامعة كاليفورنيا – سان دييغو (9.4 طن متري).
وأضاف توتويلر: «تبيّن أن نسبة الانبعاثات للفرد ليست أعلى في القاهرة من نظيراتها في أميركا، مع الأخذ في الاعتبار اعتماد الجامعة الأميركية في القاهرة على التنقّل بالحافلات والسيارات، والاستخدام الواسع لتكييف الهواء، والعدد المنخفض لأعضاء هيئة التدريس والموظفين بالنسبة الى الطلاب، ما يشكّل فارقاً مع كثير من الجامعات في الولايات المتحدة». وكذلك أوضح أن ثلاثة عوامل رئيسية هي التي شكّلت ما يزيد على 90 في المئة من انبعاثات الجامعة، هي: النقل، والتدفئة والتهوية وتكييف الهواء والمياه المحلية الساخنة، والكهرباء للإضاءة والمعدات. واستطراداً، حدّد التقرير طُرُقاً للحدّ من الانبعاثات المتّصلة بهذه العوامل.
واتّضح أيضاً أن ما يزيد على 40 في المئة من انبعاثات الجامعة تأتي من التدفئة وتكييف الهواء، وهي نُظُم تعمل على الغاز الطبيعي والكهرباء. وشكّلت الانبعاثات المتّصلة بكهرباء الإضاءة والمعدات، قرابة 22 في المئة من كميّتها الاجمالية، وجاء 27 في المئة من انبعاثات متّصلة بوسائل النقل.
وشدّد التقرير على وجود جوانب معينة في تصميم الحرم الجامعي تقلّل فعلياً هذه الانبعاثات، إذ تستخدم منطقة الخدمات في هذا الحرم، الغاز الطبيعي الذي يحترق بنظافة أكثر من الوقود الذي يعتمد على الكربون مثل النفط أو الديزل. وتستخدم منطقة الخدمات أيضاً التوليد المشترك للطاقة، وهي عملية تستخدم فيها الحرارة المبدّدة الناتجة من توليد الكهرباء، لتسخين مياه كي تُستعمل لاحقاً في التدفئة وغيرها. وانتج 40 في المئة من المياه الساخنة في الجامعة الأميركية من طريق التوليد المشترك للطاقة، ما جعل «بصمة الكربون» للجامعة أصغر بـ2.5 في المئة عما كان لتكونه لو لم يعتمد هذا النظام.
في قلب هذه الدراسة، يكمن شعور بالقلق حيال مدى حساسية مصر تجاه آثار ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ يمكن أن يتسبب ارتفاع منسوب البحر، في تهجير أعداد كبيرة من سكان مصر الساحليين، إضافة إلى تدمير الأراضي الزراعية الثمينة في الدلتا. ومن المحتمل أن تؤدي التغيّرات المرتبطة بظاهرة الاحتباس الحراري الى تغيّر في سقوط الأمطار في منابع النيل في إثيوبيا، ما يؤثّر على كمية المياه التي تجري في النيل، والتهديد بحرمان مصر من مياه الشرب والزراعة!
في هذا الصدد، علّق راوخ قائلاً: «ببساطة، يساعد الحدّ من انبعاثات الكربون لدينا، وإقناع الآخرين بالحذو حذونا، على استمرار الحياة الطبيعية للمجتمع المصري».
دار الحياة