يطبق الكثير من المدارس الأردنية برامج للحفاظ على البيئة تجمع بين التوعية النظرية والتطبيق العملي ويشارك فيها كل من الطالب والمدرس. الفكرة لا تهدف فقط لتوفير الموارد، بل بالدرجة الأولى إلى تعميم الوعي البيئي في المجتمع.
تهدف برامج البيئة التي تطبق في كثير من المدارس الأردنية، إلى تعزز الجانب الوجداني والسلوكي عند الطلبة في المحافظة على البيئة وتنمية شخصياتهم وتشجيعهم على لعب دور فاعل في كيفية إدارة مدارسهم ومنازلهم لفائدة البيئة، ومن ثم خلق مجتمع يقدر أهمية وضرورة الحفاظ على البيئة.
تقول الطالبة آية القضاة لموقع DW عربية، إن برنامج المدارس البيئية ساهمت في إحداث تغيير كبير في حياتها فهي أدركت بعد ثلاث سنوات من مشاركتها في هذا البرنامج أن هناك الكثير مما يمكن أن تفعله كطالبة على مقاعد الدراسة في سبيل المحافظة على بيئة مدرستها ووطنها، وتضيف أن جميع الأنشطة التي قامت بها مع طالبات المدرسة من حملات توعية لكافة الفئات العمرية والمجتمعية و مبادرات بيئية كزراعة الأشبال و مؤتمرات تتمحور حول البيئة جعلت ” منها إنسانا آخر في حياتها اليومية”، فأصبحت أكثر وعياً لأهمية عدم رمي النفايات والحفاظ على التنوع الحيوي وترشيد استهلاك الطاقة و المياه، وأنها باتت تنتهز جميع الفرص لتقوم بتوعية من حولها عن ذلك.
” شغف بحماية البيئة وحُب للزراعة”
أما الطالبة سلام عبندة فتقول لـ DW ، إن “شعورا استثنائيا يملأ جسدك حتى أطراف أصابعك المغطاة بالطين الطري ولا تستطيع إنكاره، يجعلك تحس بأنك إنسان آخر وبأنك تحاول رغم عجزك في عصر التلوث والتصحر”. وتوضح أنها عندما تقوم بزراعة الأشجار والنباتات تشتم رائحة التراب والأزهار “فيملؤها الإحساس بالفخر” فهي تحب النباتات المزروعة في ساحة المدرسة كما لو أنها كانت في بيتها.
وتضيف عبنده أنها وزميلاتها زرعن عددا من النباتات والأزهار “كالنعناع والزعتر والميرمية والبتونيا والعديد من النباتات المثمرة”. وتؤكد أن حبها للزراعة نما وكذلك “شغفها بحماية البيئة” بفضل برنامج المدارس البيئية في المدرسة وتقول أن حبها سيستمر في “النمو والتطور حتى بعد تخرجها من المدرسة هذا العام”.
الطالبة حور الأمين من جهتها تقول لموقع DW ، انه أتيح لها الفرصة لأن تكون جزءا من المجموعة البيئية عن طريق إعادة تدوير الورق وأنها زارت بعضا من مصانع تدوير الورق في الأردن وتعلمت أهمية تبني هذا المشروع ، وتضيف أنه وبعد تشكيل فريق من فتيات مهتمات بهذا المشروع بدأت حملتهن التوعوية في المدرسة باستخدام شتى طرق التواصل والعرض لإيصال الفكرة على أكمل وجه فوضعن عدة ملصقات في المدرسة بالإضافة إلى حاويات مخصصة للورق لتبدأ رحلة التدوير في المدرسة التي ترسل بشكل دوري كمية من الورق إلى المصنع لتتم إعادة تدويره لتحصل بالمقابل على ورق معاد تدويره.
“دعم مادي للمدرسة”
ويقول قيس الحنطي المشرف على البرنامج البيئي في المدرسة الأهلية للبنات لموقع DW عربية، إن مدرسته أشركت بما يزيد على 100 طالبة بتنظيم وتنفيذ الأنشطة البيئية في المدرسة وفي المجتمع المحلي فضلا عن الطالبات المشاركات في الأنشطة وقت تنفيذها. ويضيف أن خطة العمل شملت هذا العام أنشطة في 5 محاور أساسية هي ” المياه والطاقة والتنوع الحيوي والنفايات والحياة الصحية ” .
ويؤكد الحنطي أن الوعي البيئي زاد لدى الطالبات بشكل كبير انعكس على تصرفاتهن اليومية وسلوكهن داخل وخارج المدرسة إضافة للإسهام بشكل فعال في المجتمع المحلي من خلال أنشطة لزيادة الوعي البيئي لدى طالبات المدارس الابتدائية القريبة و”حملات تنظيف للمنتزهات والأماكن العامة ”
وتقول خولة الاطرم المشرف على البرنامج البيئي في مدرسة الملكة رانيا العبدلله ( وهي مدرسة حكومية ) إن البرنامج البيئي ساهم بتعزيز” الجانب الوجداني والسلوكي ” عند الطالب في المحافظة على البيئة وتنمية شخصيته والحس بالمسؤولية تجاه البيئة وتنمية المواطنة الصالحة عنده ، هذا بالإضافة إلى تحقيق دعم مادي للمدرسة من خلال الفوز بمسابقات بيئية تحقق دعما ماديا للمَدْرسة، كما تم تخفيض فواتير المياه والطاقة في المدرسة.
” كل طالب محور للتغيير الايجابي في أسرته”
وتضيف الاطرم لموقع DW عربية، إن مدرستها التي يبلغ عدد طلابها 800 أصبحت بيئية “آمنة صحيا، نظيفة ونقطة انطلاق للتوعية البيئية” في المجتمع المحلي، “فهذا البرنامج لم يؤثر فقط في 800 طالب بل تعداها إلى المجتمع المحلي وأولياء الأمور”، حيث أن كل طالب يكون محورا للتغيير الايجابي في أسرته. وتؤكد إن المدرسة ترغب في المستقبل بالاستفادة من المياه الرمادية الخارجة من المشارب المدرسية في ري المزروعات المدرسية وكذلك القيام بالحصاد المائي وذلك من خلال تجميع مياه الأمطار بصورة وبطريقة آمنه للاستفادة منها.
وتقول المنسق الوطني لبرنامج المدارس البيئية في الأردن مرام الكيلاني إن البرنامج في مدرستها أنطلق قبل ثلاث سنوات وهو يساعد المدرسة على توفير في الموارد المالية قد يصل مقداره إلى 40 في المائة في فواتير المياه والكهرباء والطاقة بشكل عام . وتضيف أن البرنامج الدولي للمدارس البيئية، هو برنامج للتعليم وللإدارة البيئية وصمم لتطبيق ” ثقافة التنمية المستدامة في المدارس ” عن طريق تشجيع الطلاب لأخذ دور فاعل في كيفية إدارة مدارسهم ومنازلهم لفائدة البيئة. وتشير إلى أن ذلك يتم من خلال العمل في الصفوف المدرسية والمدرسة والمجتمع إضافة إلى نقل الطلاب فكرة البرنامج لمنازلهم عبر إحضار فواتير الماء والكهرباء لبيوتهم قبل تطبيق البرنامج وبعده لمشرفة النشاطات البيئية في المدرسة كدليل على مشاركتهم في المنازل.
وتؤكد الكيلاني أن الخطط المستقبلية لبرنامج المدارس البيئية هو التوسع نحو المحافظات والسعي إلى اعتماد البرنامج من التربية أنه برنامج التعليم البيئي الوحيد في الأردن.
محمد خير العناسوة – عمّان
DW- عربية