كان من المفترض أن يصبح اعتماد مفهوم “الاقتصاد الأخضر” المثير للجدل القصة الأهم في مؤتمر ريو +20، أو مؤتمر قمة الأرض الذي تنظمه الأمم المتحدة في ريو دي جانيرو بالبرازيل. هذا المفهوم مذكور في الوثيقة الختامية التي أعدها البرازيليون لكسر الجمود حول مختلف القضايا التي شهدت مفاوضات استمرت طوال الليل وحتى الساعات الأولى من صباح 19 يونيو. وكان من المقرر أن يتبنى رؤساء الدول هذا النص بمجرد افتتاح المؤتمر بشكل رسمي في 20 يونيو.
ولكن حرية تعريف “الاقتصاد الأخضر” قد تُركت لكل دولة على حدة، ورافقتها تنازلات عديدة. “مفهوم ضعيف عن الاقتصاد الأخضر أفضل من تعريف سيّء،” كما أفاد مارتن خور، مدير مركز الجنوب، وهو هيئة حكومية دولية للبلدان النامية تتخذ من جنيف بسويسرا مقراً لها. وكان العالم النامي في أغلب الأحيان حذراً من الدوافع الكامنة وراء المصادقة على هذا المفهوم من قبل كثير من البلدان المتقدمة. وقال العالم الإفريقي البارز، يوبا سوكونا، الرئيس المشارك للفريق العامل الثالث (قضايا تخفيف الأثر) التابع للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، أن كلاً من الوثيقة والمؤتمر يفتقران إلى أية “أفكار جديدة ولم يحددا رؤية حقيقية حول كيفية التحقق من الاستهلاك غير المستدام على المستوى الفردي”.
ثمة شعور بما هو إيجابي، وما هو سلبي بنفس القدر في الوثيقة الختامية، التي تتعرض لانتقادات من جانب المجتمع المدني والعديد من العلماء لأنها تفتقر إلى الطموح. “يعتمد الأمر على طريقة رؤيتك للأمر – هل الكوب نصف ممتلئ أو نصف فارغ،” كما أشار خور، مضيفاً: “لقد انتهى بنا الأمر بالمدافعة عن المكاسب التي كنا قد حصلنا عليها في مؤتمر ريو عام 1992، ولكننا على الأقل استطعنا تحقيق ذلك”.
النواحي الإيجابية
• الاقتصاد الأخضر: تحدد الوثيقة الرؤية في سياق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر، وتنص على أنها يجب ألا تقيم حواجز تجارية جديدة، أو تفرض شروطاً جديدة على المساعدات والتمويل، أو توسع هوة التفاوت في التكنولوجيا، أو تؤدي إلى تفاقم اعتماد البلدان النامية على البلدان المتقدمة للحصول على التكنولوجيا، أو تحد من حيز سياسات البلدان المختلفة الذي يسمح لها باتباع مسارات خاصة بها لتحقيق التنمية المستدامة. باختصار، هذه محاولة للتصدي لانعدام الثقة المتراكم على مر السنين بين بلدان العالم النامية والمتقدمة. أيدت معظم الدول المتقدمة التخلص التدريجي من دعم الوقود الأحفوري، واستخدام وإنتاج الطاقة المتجددة، وخلق فرص عمل “خضراء”.
• نقل التكنولوجيا: بغية تحديد مسار بديل للطاقة، دعت البلدان النامية إلى نقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة إليها، وكانت هذه معركة طويلة وشاقة، نظراً لمقاومة الدول الغنية لإدراج كلمة “نقل”، أو أية إشارة إلى الأموال اللازمة للقيام بذلك. ويبرز النص النهائي كلا وجهتي النظر.
• المسؤوليات المشتركة والمتباينة في الوقت نفسه: ما زالت الإشارة إلى هذا المصطلح، الذي يعترف أساساً بالفجوة بين العالمين المتقدم والنامي، مدرجة في النص.
• الحق في الغذاء: على الرغم من مقاومة بعض البلدان النامية، أُدرج هذا الحق في النص النهائي. إنه يعني التزام جميع الدول بتطبيق الحق في الغذاء عن طريق القانون. كما يدعو النص أيضاً إلى التخلص التدريجي من دعم الزراعة.
• لجنة التنمية المستدامة: سيتم رفع هذه اللجنة التي تعتبر غير فعالة إلى مرتبة هيئة رفيعة المستوى مكلفة برصد وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وسوف تقدم تقاريرها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
• أهداف التنمية المستدامة: تم حل المسألة المثيرة للجدل المتعلقة بتوقيت وكيفية الشروع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بدون تعطيل الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة. تشير الوثيقة إلى أنه على أهداف التنمية المستدامة أن تكمل وتعزز الأهداف الإنمائية للألفية في خطة التنمية خلال فترة ما بعد عام 2015، وذلك بغية وضع مجموعة من الأهداف في عام 2015 تشكل جزءاً من جدول أعمال الأمم المتحدة الإنمائي بعد عام 2015.
إنها تقترح أن تشمل أهداف التنمية المستدامة الجديدة الاستهلاك المستدام وأنماط الإنتاج، فضلاً عن المجالات ذات الأولوية مثل المحيطات والأمن الغذائي والزراعة المستدامة والطاقة المستدامة للجميع، والحصول على المياه وجودتها والمدن المستدامة والوظائف الخضراء والعمل اللائق والاندماج الاجتماعي والحد من مخاطر الكوارث والقدرة على التكيف.
• الحق في المياه والصرف الصحي.
• المساعدات الإنمائية الرسمية: يحث مشروع الوثيقة الدول المتقدمة على بذل جهود ملموسة إضافية لتحقيق الهدف المتمثل في تخصيص 0.7 بالمائة من إجمالي ناتجها القومي للمساعدات الإنمائية، التي كانت جزءاً من خطة عمل ريو الأصلية في عام 1992. وقد لقي هذا الإدراج مقاومة من قبل بعض الدول المتقدمة.
• الاستهلاك والإنتاج المستدام: يدعو النص إلى وضع إطار مدته 10 سنوات من البرامج الخاصة بالاستهلاك والإنتاج المستدام كجزء من اتفاق عالمي على هذه الجوانب.
النواحي السلبية
• الحقوق الإنجابية: فاز اللوبي المحافظ وتمت إزالة الإشارة إلى هذا الموضوع، ما أدى إلى انتكاسة أخرى للتقدم الذي كان الناشطون في مجال حقوق المرأة قد أحرزوه خلال العقدين الماضيين. وقال أنطونيو دي أغيار باتريوتا، وزير خارجية البرازيل، أنه يشعر “بخيبة أمل شديدة” بسبب هذا القرار. وكحل وسط، تم تضمين إشارة إلى إعلان القاهرة الصادر في عام 1994، والذي حدد الحقوق الإنجابية للنساء.
• المحيطات: بدلاً من الدعوة بشكل واضح، اتفقت البلدان “على المبادرة في التفاوض على اتفاق تنفيذ في أقرب وقت ممكن” وذلك لتناول موضوع “الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية واستعماله بشكل مستدام”. ولكن لاسي غوستافسون، رئيس الصندوق العالمي للطبيعة، أشار في ريو +20 إلى أن هذا قد لا يعني شيئاً على الإطلاق.
• التمويل: قال رئيس المفاوضين البرازيليين، أندريه كوريا دو لاغو، أنه ما من التزام حقيقي بالتمويل لأن الأزمة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي تلقي بظلالها العميقة على المؤتمر. وكانت البلدان النامية قد طالبت بالتزام تمويلي لمساعدة البلدان على توسيع نطاق المشاريع المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة ونقل التكنولوجيا.
• الاقتصاد الأخضر: في ظل وجود كل هذه “الشروط” و “التحفظات”، هل يمكن أن تنطلق التكنولوجيا الخضراء في أي وقت في المستقبل؟
تقرير شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)