ثمة انقسام حاد سياسياً في الولايات المتحدة حول المناخ، إلى حدّ يلامس الأيديولوجيا، لدى الحزبين الرئيسيين وجمهورهما أيضاً؛ إذ يصرّ الحزب الجمهوري على نفي أزمة المناخ جملة وتفصيلاً، وإدراجها في أحاييل سياسية ترمي الى توسيع هيمنة الدولة على العيش اليومي للأفراد. في المقابل، يتبنى الحزب الديموقراطي قضية المناخ بقوة، مندداً بموقف الجمهوريين المنكر لظاهرة الاضطراب فيه، ومُعتبراً هذا الإنكار تعبيراً عن مدى هيمنة شركات النفط العملاقة على مجريات الأمور في الحزب الجمهوري. وفي سنة تسير على إيقاع السباق نحو الرئاسة، اندلعت في بريطانيا «فضيحة» قوامها تسرّب بعض الوثائق المتّصلة بقضية المناخ، فالتقطها مناصرو قضية المناخ ومعارضوها في أميركا، كي تصبح عنصراً جديداً في خلاف مستشر.
وبعد تعرضها لانتقادات الإعلام والعلماء على حد سواء بسبب بطء التحقيق في قضية الـ «هاكر» الذي سرق مجموعة ثمينة من الرسائل الإلكترونية من علماء مناخ في جامعة «إيست أنغليا» في العام 2009، حقّقت الشرطة في مدينة «نورفولك» البريطانية خطوة ملموسة، بعدما نالت بعض المساعدة من وزارة العدل الأميركية على ما يبدو. وأصدر المحققون البريطانيون مذكرة بحث عن البريطاني رودجر تاترسال، صاحب مُدوّنَة إلكترونية (إسمها «تالبلوك») تشكك في قضية اضطراب البيئة. وصادرت الشرطة عدداً من أجهزة الكومبيوتر والأقراص الصلبة من منزل تاترسال في «يوركشاير»، وضمنها جهازا كومبيوتر محمولان وأداة اتصال بالإنترنت «راوتر» Router.
سيول إلكترونية مشكّكة
دخلت مُدوّنَة «تالبلوك» في عداد المُدوّنات المُشكّكة في مسألة الاضطراب المناخي. ونشرت عنواناً إلكترونياً يفتح باباً للاتصال بقرابة 5 آلاف رسالة إلكترونية يُزعم أنها مختلَسة من صفحة لـ «هاكر» يشتهر باسم «فويا 2011». وتمثّل هذه الرسائل جزءاً من 220 ألف رسالة مماثلة!
ورفض متحدث باسم شرطة نورفولك توفير أي شخص كان للإجابة عن الأسئلة، لكنه أعلن في بيان أن البحث «ليس إلا جزءاً صغيراً من التحقيق في ملف سحب البيانات من جامعة «إيست أنغليا» الذي بدأ في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009»، وقال إنه لم يعتقل أي شخص لحد الآن، بل إن تاترسال بحد ذاته ليس مشتبهاً به، وفقاً لبيان الشرطة.
وفي الليلة السابقة للمداهمات، كتب تاترسال في مدونته أنه تلقى إنذاراً من شركة للمُدوّنات الإلكترونية (إسمها «وردبرس») تفيد بأن وزارة العدل الأميركية طلبت منها الاحتفاظ بسجل المراسلات المحفوظة جميعها من مُدوّنَة تاترسال. وطلبت وزارة العدل الأميركية اتخاذ إجراءات مماثلة بمُدوّنَة «نو كونسنسوس» التي يديرها جيف إيد من الولايات المتحدة، في حين أن الثانية هي المُدوّنَة الكندية «كلايمت أوديت» التي يديرها ستيف ماك إنتاير. وانطوت المعلومات على عناوين بروتوكول إنترنت، وعلى اتصالات بالبريد الإلكتروني والهاتف، وعلى أرقام بطاقات ائتمانية تعود إلى هذه الثُلّة من الأشخاص. ورفض تاترسال الإدلاء بأي تصريح بشأن حوافز الشرطة، ولكنه قال لمجلة «ساينس إنسايدر» إنه يتعاون مع الشرطة بالنظر إلى أنها لن تكتشف شيئاً في أقراصه الصلبة.
في المقابل، صرّح إيد، وهو صاحب المُدوّنَة الأميركية، لمجلة «ساينس إنسايدر» بأن وزارة العدل الأميركية لم تتصل به، لكنه أضاف أنه كان ليعتبر مداهمة من هذا القبيل مرعبة. وسأل عما إذا كانت الشرطة تحاول توريطه في هذه المسألة أيضاً. وأضاف: «البيانات الوحيدة التي أمكنهم العثور عليها على كومبيوتر رودجر بعد أن تعذر عليهم الحصول عليها من شركة «وردبرس» (الشركة التي تعتبر منصة للمدونات الجماعية) قد تكون مراسلات مع مجموعة «فويا». أنا لست مالكاً لهذه الرسائل، بل أنني متأكد من أن الآخرين بدورهم لا يملكونها».
وأضاف: «أُدرِج العنوان الإلكتروني على مُدوّناتنا على يد شخص مجهول، ليصبح في متناول العموم لحظة إدراجه. وما من آلية تخولنا منع هذا النوع من الأمور. ونحن مجرد مُدوّنين إلكترونيين في المسائل المناخية، وقد حصلنا على عنوان إلكتروني يعطينا نظرة شاملة على الفساد الذي يشوب علم المناخ».
دار الحياة