شهد سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي ولي عهد عجمان رئيس المجلس التنفيذي أمس افتتاح فعاليات ملتقى الاقتصاد الأخضر.. مسار التنمية والذي تنظمه دائرة التنمية الاقتصادية بالتعاون مع المنتدى العربي للبيئة والتنمية في مركز الشيخ زايد للمؤتمرات في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا.
حضر الملتقى الشيخ احمد بن حميد النعيمي رئيس دائرة التنمية الاقتصادية. كما حضره الشيخ راشد بن حميد النعيمي رئيس دائرة البلدية والتخطيط والشيخ ماجد بن سعيد رئيس الديوان الاميري في عجمان وعدد من مدراء الدوائر الحكومية والفعاليات الاقتصادية في الامارة. وتأتي أهمية الملتقى والذي يشارك في تقديم محاوره الرئيسية نخبة من المتخصصين في هذا الشأن لتسليط الضوء على الاقتصاد الأخضر كبديل أو حل لفشل نماذج التنمية التقليدية ولمواجهة التحديات المتمثلة في تغير المناخ وأزمة الغذاء والأزمات البيئية المختلفة والأزمة المالية العالمية ولتحقيق التنمية المستدامة وذلك بدمج الابعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
التنمية الاقتصادية
وألقى محمود الهاشمي نائب مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية الكلمة الافتتاحية للملتقى ورحب خلالها بحضور سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي ولي عهد إمارة عجمان رئيس المجلس التنفيذي والشيخ أحمد بن حميد النعيمي ممثل الحاكم للشؤون الإدارية والمالية رئيس دائرة التنمية الاقتصادية بعجمان والحضور في ملتقى الاقتصاد الأخضر مسار للتنمية الذي تنظمه الدائرة بالتعاون مع المنتدى العربي للبيئة والتنمية ضمن إطار المبادرات الهادفة إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المستدامة.
وقال إن الإمارات بفضل السياسة والقيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان وسمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي ولي عهد إمارة عجمان رئيس المجلس التنفيذي تجدد تأكيدها على أن التنمية تعتبر إحدى أهم قضايا العصر والطريق إلى تحقيق الأمن والاستقرار والرفاه للشعوب وان الدولة تمكنت من تحقيق إنجازات كبيرة في جميع مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وذلك من خلال الاستراتيجية الوطنية التنموية التي ركزت على استغلال الموارد استغلالا كفؤا ورشيدا وتوفير البنية الأساسية اللازمة وذلك بهدف تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الإنتاجية كما ركزت الدولة أيضا على تطوير المؤسسات والقيادات الوطنية لتحقيق التنافسية العالمية ووضع اسم الدولة على الخريطة الاقتصادية العالمية.
واشار الهاشمي خلال كلمته أهداف ملتقى الاقتصاد الأخضر مسار للتنمية التي بنيت على التعريف بمفهوم الاقتصاد الأخضر ومرتكزاته الأساسية كنهج لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إطار المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية واستدامتها وتسليط الضوء على السياسات الداعمة للتحول للاقتصاد الأخضر ومن ثم الخروج بتوصيات وسياسات عملية لدعم التحول واستدامة التنمية موضحا ان الاهتمام بالاقتصاد الأخضر على المستوى العالمي جاء لمواجهة التحديات العالمية المتمثلة في تغيرات المناخ وأزمة الغذاء والأزمة المالية.
تعريف الاقتصاد الأخضر
وأضاف أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة والتنمية يعرف الاقتصاد الأخضر بأنه نظام من الأنشطة الاقتصادية تعمل على تحسين نوعية حياة الإنسان على المدى البعيد دون أن تتعرض الأجيال القادمة إلى مخاطر بيئية أو ندرة ايكولوجية خطرة وهذا بحد ذاته هدف استراتيجي وجوهري. وأوضح أن الاقتصاد الأخضر يؤدي إلى تحسين مستوى الرفاه الاقتصادي ويعمل على تعزيز الأنشطة المنخفضة الكربون وتقليل المخاطر البيئية والإجهاد المائي وتخفيف تدهور الأراضي وتحسين الأمن الغذائي ويمثل التوجه نحو الاقتصاد الأخضر محركا للنمو الاقتصادي ويعمل على خلق فرص عمل جديدة ومصادر جديدة للدخل. وأشار إلى أن الدراسات توصلت لنتائج مفادها أن التحول نحو الاقتصاد الأخضر لا يعمل على زيادة الثروة فحسب وإنما يحقق معدلات نمو كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي في المدى المتوسط والبعيد ويزيد من رأس المال الطبيعي المتمثل في الموارد الطبيعية المختلفة بالمحافظة عليها وصيانتها.
وقال إن ما يتوصل اليه المشاركون والخبراء من نتائج وتوصيات في هذا الملتقى سيكون إضافة مهمة في سعينا جميعا لبيئة صحية واقتصاد أخضر مثالي في سبيل التقدم الإنساني وتوفير الحياة الكريمة لشعبنا وشعوب العالم قاطبة. وتقدم في نهاية كلمته بجزيل الشكر والامتنان لسمو ولي عهد إمارة عجمان رئيس المجلس التنفيذي لرعايته الكريمة للملتقى وحضوره الشخصي وتشريفه بافتتاحه كما شكر المنتدى العربي للبيئة والتنمية وأمينه العام على تعاونهم اللامحدود في الإعداد والتنظيم لهذا الملتقى. ووجه الشكر أيضا لجميع الدوائر والمؤسسات والشركات الداعمة والراعية لملتقى الاقتصاد الأخضر مسار للتنمية متمنياً للجميع النجاح والتوفيق والخروج بأفضل التوصيات والمقترحات التي نصبو إليها جميعا لتوفير بيئة عمل مثالية وتنمية اقتصادية مستدامة.
محطة أولى
من جهته أكد نجيب صعب الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية على أهمية الملتقى، مشيرا الى انه يعتبر المحطة الأولى لسلسلة ورش عمل حول التحول إلى الاقتصاد الأخضر في العالم العربي، حيث تأتي هذه النشاطات متابعة للتقرير الذي أصدره المنتدى العربي للبيئة والتنمية بعنوان الاقتصاد الأخضر في عالم عربي متغير وتم عرضه ومناقشته في المؤتمر السنوي الذي عقده المنتدى في بيروت في أكتوبر الماضي.
وذكر أن التحول إلى الاقتصاد الأخضر يمكن أن يساعد في نقل العالم العربي إلى اتجاه جديد في التنمية يؤمن الاستدامة والاستقرار في البيئة كما في الاقتصاد وان المبادئ الأساسية للاقتصاد الأخضر إعطاء وزن متساو للتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية وتلبية هذه الأهداف الثلاثة توفر أساسا سليما لمعالجة نقاط الضعف في الاقتصاديات العربية من تخفيف الفقر والبطالة إلى تحقيق أمن غذائي قوي الى توزيع أكثر عدالة للمداخيل ومن صفات الاقتصاد الأخضر أيضاً أنه يركز على الاستخدام الكفؤ للأصول الطبيعية من أجل تنويع الاقتصاد وهذا يوفر مناعة في وجه تقلبات الاقتصاد العالمي. وأشار إلى أن الاقتصاد الأخضر يتيح الانتقال من الاقتصاد الافتراضي القائم أساسا على المضاربات العقارية والمالية والعمولات إلى الاقتصاد الحقيقي القائم على الإنتاج والذي وحده يخلق فرص عمل مستقرة.
تحديات بيئية
وأكد أن العالم العربي واجه تحديات بيئية كبيرة وضغوطا على الموارد الطبيعية فحصة الفرد من المياه العذبة في معظم البلدان العربية تتناقص الى حدود الخطر ويفتقر 45 مليون نسمة الى مياه نظيفة وخدمات صحية مأمونة كما يشكل الأمن الغذائي تهديدا كبيرا بسبب سوء الإنتاجية الزراعية وانخفاض كفاءة الري مما رفع فاتورة واردات السلع الغذائية الرئيسية فوق حدود 30 مليار دولار سنويا ما يسبب عجزا كبيرا وما زالت معظم دول المنطقة تعتمد أساليب ملوثة وغير صالحة لإنتاج الطاقة.
تمدد المدن
وأشار ان أهم التحديات التي تواجه المنطقة العربية التمدد العشوائي للمدن الذي يقضي على المساحات الخضراء ويشكل ضغوطا بيئية كبيرة وهذا يستوجب الى جانب تنظيم المدن بما فيها من مواصلات وأبنية وحدائق دعم برامج التنمية الريفية وخلق فرصِ عمل وإنتاج في الأرياف ما يؤمن التوازن في التنمية ويخفف الضغط على المدن. وأوضح أن الأنماط الاقتصادية لا تزال السائدة تستنزف الموارد الطبيعيةَ المتجددة بشكل غير مستدام لتحقيق أرباح قصيرة الأجل وقد قدرت المنظمات الدولية الكلفة السنوية للتدهور البيئي في البلدان العربية بـ 5% من مجموع ناتجها المحلي الاجمالي أي ما يوازي 95 مليار دولار سنويا.
وتساءل عن كيفية تأمين الاستثمارات المطلوبة للتحول الى الاقتصاد الأخضر بما فيه من نقل للتكنولوجيا وتنفيذ لبرامج ضخمة في الطاقة المتجددة والنظيفة وفي كفاءة الأبنية والمياه وأنظمة المواصلات كما في الزراعة المستدامة والصناعة النظيفة خاصة في وقت يواجه فيه العالم أزمات اقتصادية ومالية خانقة مؤكدا ان تلك المواضيع ستبحث خلال الملتقى لننفذ بالأرقام ما هي الخسائر الناجمة عن التدهور البيئي وما هي الاستثمارات المطلوبة لتخضير ثمانية قطاعات هي الزراعة والمياه والطاقة والصناعة والأبنية والمواصلات والسياحة وإدارة النفايات كما سنبحث العوائد المتوقعة من هذه الاستثمارات وفرص العمل التي تخلقها. وفي ختام حفل الافتتاح تسلم سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي ولي عهد عجمان رئيس المجلس التنفيذي هدية تذكارية من دائرة التنمية الاقتصادية قدمها الشيخ احمد بن حميد النعيمي رئيس الدائرة.
تأكيد على تطوير السياحة الخضراء لتنويع الاقتصادات العربية
أكد المشاركون في ملتقى الاقتصاد الأخضر الى اهمية السياحة في اقتصادات معظم الدول العربية وهي تساهم في التنويع الاقتصادي وإيجاد فرص العمل وكسب إيرادات بالعملات الأجنبية. غير أنّ التأثيرات البيئية والاجتماعية غير الملائمة تبدِّد الإنجازات الاقتصادية لهذا القطاع. فعدم تنظيم الشراء والسفر وخدمات الإقامة والترفيه والضيافة مقروناً بالفوضى في بناء المنتجعات أدّى إلى الإفراط في استخدام الطاقة واستغلال المياه من دون أي حِسّ بالمسؤولية وتوليد كميات هائلة من النفايات لذا يتزايد إسهام هذا القطاع في الانبعاثات العالمية لغازات الاحتباس الحراري بمقدار 2 -%3 سنوياً. ويؤدي التوسّع في بناء المنتجعات البحرية إلى تدهور النظم البيئية الساحلية والبحرية. كما تبرز الشكوك والتساؤلات حول مضاعفات إدخال أنماط السياحة العالمية التوجّه على المجتمع والثقافة والتنمية الاجتماعية.
وتبلغ حصة الشرق الأوسط 6% في سوق السياحة العالمية وحصة شمال أفريقيا 2%. وتتراوح نسبة السياحة الدولية إلى الناتج المحلي الإجمالي بين 26% في لبنان و17% في الأردن و 12% في مصر و10%في آل من المغرب وتونس و9% في البحرين. أما نسبة إيرادات السياحة الدولية إلى مجمل الصادرات عام 2009 فكانت الأعلى في لبنان 33% يليه الأردن 28% ثم المغرب 26% فمصر 22% وسوريا 19%. وأمّنت السياحة في مصر وظيفة واحدة من كل 7 وظائف في العام 2010. كما بلغت حصة السياحة من إجمالي التوظيف في المنطقة العربية عام 2010 نحو 4%.
وعلى أساس القدرات المحتملة في المنطقة لجذب السياحة الدولية والحاجة للتنويع الاقتصادي وفرَص التوظيف جذب هذا القطاع استثمارات كثيرة. فبالإضافة إلى المنتجعات الساحلية في بلدان شمال أفريقيا العربية رسّخت دول أخرى في المنطقة أقدامها في سوق المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات الثقافية بحيث أصبحت مقاصد لهذا الغرض ومنها أبوظبي ودبي في الإمارات وعُمان وقطر.
والاتجاه الغالب حالياً في التطوير السياحي في عدد من أهم المقاصد السياحية في مصر والأردن والمغرب وتونس وبلدان الخليج العربي يركز على المراكز السياحية المتكاملة وهي عادة مشاريع تطوير واسعة تتجاوز مساحتها 200,000 متر مربع وتقع في المناطق الساحلية. وتضم هذه المراكز مجموعات فنادق وبيوت ومحلات تجارية وأحواض للمراكب وميادين غولف وهي تستهلك الطاقة والمياه بكثافة وتخلّف كميات كبيرة من النفايات.
ومن أكثر اهتمامات المراكز السياحية المتكاملة في البلدان العربية صيانة ملاعب الغولف التي تبتلع كميات هائلة من المياه مع أنها مورد شحيح في المنطقة. فمتوسّط استهلاك المياه في ملعب غولف واحد في منطقة الخليج يقدّر ب 1,16 مليون متر مكعب سنوياً ويصل في دبي إلى 1,3 مليون متر مكعب وهي كمية كافية لاحتياجات 15,000 من مواطن سنوياً. إن انعدام الأنظمة المُلزمة وغياب المراقبة هما من أهم العوائق التي تعترض التحول إلى قطاع سياحة مستدام.
فالمبادرات الخضراء في قطاع السياحة العربية تكاد تكون اختيارية بمجملها لأن الحكومات العربية الراهنة عاجزة أو غير راغبة في صياغة وإنفاذ المعايير التنظيمية اللازمة لضبط أعمال المستثمرين وشركات التطوير العقاري. أضف إلى ذلك أن حوافز الاستثمار في السياحة الخضراء محدودة جداً. أما شروط تطوير المراكز السياحية المتكاملة فنادراً ما تفرض أي اجراءات بيئية. حتى إن الحكومات تدعم الكهرباء والماء والوقود ممّا يدفع إلى الإفراط في استهلاك هذه الموارد وما يستتبع ذلك من تأثيرات بيئية سلبية.