تحتفل منظمة الصحة العالمية، بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين (31 أيار/مايو)، بالنجاحات التي أحرزتها اتفاقيتها الإطارية في مكافحة وباء تعاطي التبغ. وتعترف المنظمة، في الوقت ذاته، بأنّ ثمة مشكلات لا تزال تحول دون تكريس كامل طاقات تلك المعاهدة الصحية العمومية بوصفها أقوى وسائل مكافحة التبغ في العالم.
وقد أصبح 172 بلداً والاتحاد الأوروبي أطرافاً في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ منذ اعتمادها من قبل جمعية الصحة العالمية في عام 2003. والأطراف ملزمة، مع مرور الوقت، بتنفيذ عدة تدابير منها ما يلي:
حماية الناس من التعرّض لدخان التبغ
حظر الإعلان عن منتجات التبغ وبيعها للقصّر
وضع تحذيرات صحية كبيرة على أغلفة التبغ
حظر المضافات المستخدمة في منتجات التبغ أو الحد منها
زيادة الضرائب المفروضة على التبغ
إنشاء آلية تنسيق وطنية لمكافحة التبغ.
وسيودي وباء التبغ، هذا العام، بحياة نحو ستة ملايين نسمة، بمن فيهم 600000 من غير المدخنين الذين سيقضون نحبهم جرّاء التعرّض لدخان التبغ. ومن الممكن أن يتسبّب ذلك الوباء في هلاك ثمانية ملايين نسمة بحلول عام 2030.
وقالت الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، “إنّ النجاح الأخير الذي قد تحرزه المعاهدة ضدّ دوائر صناعة التبغ يعتمد على مدى وفاء الأطراف بجميع التزاماتها. ولا بدّ من بذل المزيد من الجهود للتمكّن من تكريس كامل طاقات المعاهدة. ولا يكفي أن تصبح البلدان أطرافاً في المعاهدة، بل يجب عليها أيضاً سنّ أو تعزيز التشريعات التنفيذية اللازمة والعمل، بعد ذلك، على إنفاذها بشكل صارم.”
وتعاطي التبغ من أكبر العوامل التي تسهم في استفحال وباء الأمراض غير السارية- مثل نوبات القلب والسكتة الدماغية والسرطان والنُفاخ- الذي يقف وراء حدوث 63% من مجموع الوفيات، علماً بأنّ نحو 80% منها تُسجّل في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. والجدير بالذكر أنّ نصف مجموع المدخنين تقريباً سيتموتون، في نهاية المطاف، بسبب أمراض لها علاقة بالتبغ.
وقد قطعت بلدان عديدة خطوات عملاقة في تنفيذ المعاهدة. وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
أوروغواي تشترط الآن أن تغطي التحذيرات الصحية 80% من مساحة أغلفة التبغ.
أستراليا تعكف الآن على إعداد قوانين تشترط أن تكون جميع منتجات التبغ مغلّفة بشكل بسيط ولا تحتوي على أيّة علامة تجارية.
أصبحت موريشيوس، في عام 2008، أوّل بلد أفريقي يشترط وضع تحذيرات مصورة على أغلفة التبغ.
قامت أيرلندا، في عام 2004، بحظر التدخين في الأماكن العامة.
قامت تايلند، في عام 2008، بزيادة الضرائب المفروضة على التبغ ممّا أدّى إلى بلوغ معدل ضريبي إجمالي يساوي 57% من سعر البيع بالتجزئة.
تبلغ قيمة الضرائب المفروضة على السجائر في سري لانكا 73% من سعر البيع بالتجزئة
قامت إيران، في عام 2006، بحظر جميع أشكال الإعلان عن التبغ.
بدأت الصين، في مطلع هذا الشهر، بإنفاذ حظر على التدخين في الأماكن العامة، مثل المطاعم والمسارح والحانات.
قامت تركيا، في عام 2009، بإنفاذ حظر مماثل على التدخين.
بيد أنّه ما زال يتعيّن بذل المزيد، كما تشير إليه التقارير الصادرة عن الأطراف. فمن الملاحظ، مثلاً، أنّ من أصل مجموع الأطراف التي قدمت التقارير الإلزامية مرّتين والبالغ عددها 65 طرفاً، أبلغ 40 طرفاً عن إحراز تقدم في زيادة الضرائب المفروضة على التبغ، وأبلغ 39 طرفاً عن إحراز تقدم في جعل الأماكن العامة خالية من دخان التبغ، وأبلغ 35 طرفاً عن إحراز تقدم في تعزيز البحوث وأنشطة ترصد مكافحة التبغ. كما أبلغ ثلث إلى نصف الأطراف الخمسة والستين عن إحراز تقدم في تنفيذ عدة تدابير منها تعزيز عمليات وضع التحذيرات الصحية على أغلفة التبغ، وحظر الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته، ومساعدة المدخنين على الإقلاع عنه، وحماية السياسات الصحية العمومية من تدخل دوائر صناعة التبغ.
وقال الدكتور هايك نيكوغوزيان، رئيس أمانة الاتفاقية، “إنّ اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ تمثّل أقوى وسائل مكافحة التبغ التي في حوزتنا، وينبغي للبلدان الاستفادة منها على أكمل وجه. والحاجة إلى تنفيذ المعاهدة بشكل تام تتجلى بوجه خاص في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، حيث تركّز دوائر صناعة جهودها التسويقية. وعليه فإنّ من الضروري إقامة تعاون دولي بغرض تيسير امتثال الأطراف لأحكام المعاهدة.”
ولا بدّ للأطراف، في حال وجود ثغرات تقنية ومالية، من جمع الموارد اللازمة، بمساعدة المجتمع الدولي الأساسية. وتقدم منظمة الصحة العالمية المساعدة التقنية والإرشادات السياسية إلى دولها الأعضاء من أجل مساعدتها على الوفاء بالتزاماتها بموجب المعاهدة.
وقال الدكتور دوغلاس بيتشير، مدير مبادرة منظمة الصحة العالمية للتحرّر من التبغ، “من المجالات التي نودّ رؤية التحسّن فيها الحكم المتعلّق بحماية السياسات الصحية العمومية من تأثير دوائر صناعة التبغ. وتواصل تلك الدوائر، في سعيها الدؤوب إلى تحقيق الأرباح، العمل على إحباط محاولات الحكومات الرامية إلى مكافحة وباء التبغ. وعلى الرغم من شروع بعض البلدان في تنفيذ سياسات ترفض إقامة شراكات مع دوائر صناعة التبغ وتضفي الشفافية التامة على كل تعاملاتها مع تلك الدوائر، فإنّنا نودّ مشاهدة المزيد من التقدم في هذا المجال.”
وقد دخلت اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ حيّز النفاذ في عام 2005. وتركمانستان هو آخر بلد يصبح طرفاً فيها في 13 أيار/مايو 2011. ويمثّل مؤتمر الأطراف جهاز المعاهدة الرئاسي؛ وتتولى أمانة الاتفاقية تقديم الدعم اللازم له.
ويُحتفل باليوم العالمي للامتناع عن التدخين كل عام في 31 أيار/مايو، طبقاً لقرار جمعية الصحة العالمية، التي تمثّل أعلى هيئة لاتخاذ القرارات في منظمة الصحة العالمية وتتكوّن من الدول الأعضاء في المنظمة. ويتيح اليوم العالمي للامتناع عن التدخين فرصة لإبلاغ الناس بأخطار تعاطي التبغ، والممارسات التجارية التي تنتهجها شركات التبغ، والإجراءات التي تتخذها منظمة الصحة العالمية لمكافحة وباء التبغ، والإجراءات التي يمكن للناس اتخاذها للمطالبة بحقهم في الصحة والعيش مع موفور الصحة ولحماية أجيال المستقبل.