أعلنت منظمة الصحة العالمية تفشي فيروس كورونا الجديد جائحةً في مارس/آذار 2020، وانشغل العالم منذ ذلك الوقت بالتعامل مع التداعيات.
واستنزفت الدول قدراتها لاحتواء انتشار الفيروس القاتل وآثاره، ولجأت إلى معالجة التحديات الصحية الفورية والضغوط الاقتصادية وإدارة الحدود.
وعلى الرغم من أهمية منع الأوبئة في المستقبل، اهتم علماء الأوبئة بمحاولة فهم أسباب ظهور الفيروس.
ويستكشف تقرير صدر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بالتعاون مع المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية ومجموعة من المؤسسات البحثية والجامعات، العوامل بشرية المنشأ التي تؤدي إلى تفشي الأمراض المعدية.
وينتمي الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19 إلى عائلة الفيروسات التاجية (فيروسات كورونا)، وهو حيواني المصدر، ومن الأمراض التي نتقل بين الحيوانات والبشر، ومنها السارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
وتضاعف تفشي الأمراض المعدية المستجدة أكثر من ثلاثة أضعاف كل عقد منذ الثمانينات، وكان أكثر من ثلثي هذه الأمراض من الحيوانات. ووجد التقرير أن العوامل الرئيسة المسببة للأمراض الناجمة عن النشاط البشري زيادة الطلب على البروتين الحيواني والتكثيف الزراعي والاستغلال التجاري للحياة البرية والاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية والتوسع الحضري وزيادة السفر والنقل.
وتؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى تدمير الموائل الطبيعية وفقدان التنوع الحيوي. ويشجع هذا على نمو الأنواع الانتهازية، ومنها الخفافيش، والتي تُعَد مستودعات للفيروس.
ويزيد هذا من فرص انتقال الفيروسات من الأنواع المضيفة إلى البشر، ويؤدي أيضًا إلى زيادة الاتصال بين البشر والحياة البرية، ما يزيد اتصال البشر بناقلات الأمراض.
وهذه العوامل ذاتها مسؤولة أيضًا عن تغير المناخ، والذي يفاقم خطر انتشار الأمراض المعدية. وأظهرت الأبحاث وجود صلة بين الظواهر المناخية المتطرفة وظهور الأمراض الناشئة، إذ تتأثر الأمراض حيوانية المنشأ بالطقس الحار.
وثبت أن تلوث الهواء يساهم في زيادة سرعة انتشار الأمراض المنقولة جوًا وجعلها فتاكة أكثر. ومقاطعة ووهان الصينية التي بدأ فيها انتشار فيروس كورونا المستجد منطقة حضرية كثيفة تُعرف بمستويات عالية من تلوث الهواء.
وإجراءاتنا للتخفيف من تأثير تغير المناخ ضرورية للحد من تهديد تفشي الأمراض حيوانية المنشأ. ويتطلب هذا جهدًا تعاونيًا. وعلى الحكومات والشركات والأفراد اتخاذ إجراءات للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومنع تدمير الحياة البرية والإضرار بالنباتات والحيوانات.
وضمان التنوع الحيوي والنظم البيئية الصحية للحياة البرية ضروري لصحتنا وصحة كوكبنا.
ولدى حكومة الإمارات العربية المتحدة مجموعة متنوعة من السياسات المصممة للانتقال نحو حياة أكثر استدامة، لأهمية ضمان الصحة المستقبلية لكوكبنا.
وتوجد مبادرات كثيرة على مختلف المستويات في دولة الإمارات لتشجيع التحول نحو أسلوب حياة صديق للبيئة، وتتراوح أهداف هذه المبادرات بين زيادة كفاءة الطاقة الكهربائية وتقليل انبعاثات الكربون.
وهنا بعض الإجراءات التي بإمكاننا اتخاذها اليوم لدعم الممارسات المستدامة في المنزل ومكان العمل وحتى على مستوى العالم عبر سلسلة الإمداد، لتقليل انبعاثات الكربون وحماية النظم البيئية.
زارعة الأشجار
قد يبدو الحل بسيطًا ومباشرًا، لكن زراعة الأشجار من الطرائق الواضحة لتقليل بصمتنا الكربونية. وتساعد النباتات والأشجار في الحفاظ على نقاوة الهواء ونظافته عبر التقاط ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتحويله إلى أكسجين.
وتشارك حكومة الإمارات العربية المتحدة اليوم في مبادرة لزراعة أكثر من عشرة ملايين شجرة في نيبال وإندونيسيا، وتشارك في مبادرة أخرى لزراعة مليون شجرة غاف في مختلف أنحاء الإمارات العربية المتحدة. وتوجد طرائق كثيرة لدعم مبادرات غرس الأشجار، ومنها برنامج جيفينج إيه غاف ومبادرة كومبانيز فور جود.
استبدال السيارات العادية بسيارات كهربائية
تسعى دولة الإمارات إلى أن تكون 10% من سياراتها ومركباتها كهربائية أو هجينة بحلول العام 2030. وانتشر جدل عن مدى تأثير المركبات الكهربائية على تغير المناخ، لكن دراسة حديثة وشاملة أجراها معهد ماساتشوستس للتقنية أظهر أن استخدام السيارات الكهربائية بدلًا من السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل سيؤدي إلى انخفاض بنسبة 30% تقريبًا في الانبعاثات الناجمة عن وسائل النقل.
وهكذا قد يكون للسيارات الكهربائية دور أساسي في تقليل انبعاثات الكربون والحفاظ على نظافة الهواء.
تناول كميات أقل من اللحوم
أظهرت دراسات سابقة أن دولة الإمارات تستهلك لحومًا أكثر بكثير من المتوسط العالمي. والاستغناء عن اللحوم ليوم أو يومين في الأسبوع فحسب يقلل انبعاثات الاحتباس الحراري العالمي التي تسببها الماشية، دون الحاجة إلى اتباع نظام نباتي كامل.
وتظهر الاتجاهات الحالية أن استهلاك اللحوم آخذ في الازدياد في ظل تزايد عدد سكان العالم. وسيؤدي هذا إلى خسارة أكبر في موائل الحياة البرية الطبيعية، وسيؤدي أيضًا إلى إزالة الغابات لإفساح المجال للزراعة.
وبإمكاننا أن نساعد في إبطاء الطلب العالمي على اللحوم وعكس هذا الاتجاه عبر تقليل تناول اللحوم.
وتشمل التغييرات الأخرى في أنماط الاستهلاك التي تساهم في التخفيف من الأضرار البيئية الاستغناء عن المكونات الضارة، ومنها زيت النخيل، والذي يعد سببًا لإزالة الغابات في ماليزيا وإندونيسيا ودول أخرى.
تقليل النفايات
تزداد النفايات البشرية مع الزيادة السكانية ومعدلات الاستهلاك المتزايدة.
وتنتهي هذه النفايات في مدافن النفايات، وهي مصدر أساسي للميثان وتغير المناخ. ولدى دولة الإمارات مبادرات عدة لزيادة كمية النفايات المعاد تدويرها وتحويل النفايات إلى طاقة كهربائية، حرصًا من حكومة الإمارات على الحد من مساحة مكبات النفايات وإيجاد طرائق بديلة وصديقة للبيئة لمعالجة النفايات.
وبإمكان الناس أن يلعبوا دورًا مهمًا في تقليل هذه النفايات، وخاصة النفايات الضارة. وتشمل أهم الإجراءات التي يستطيع الأفراد اتخاذها تقليل المواد البلاستيكية غير القابلة للتحلل التي تُستخدم مرة واحدة، والتي تنتهي في المحيطات ومكبات النفايات.
مرصد المستقبل