عززت الصين هيمنتها في السوق العالمية للألواح الشمسية ليتركز لديها الآن أكثر من نصف وظائف القطاع في العالم، في حين سجل المصنعون الأوروبيون انخفاضاً ملموساً في استقطاب هذه الوظائف.
ولا شك أن إفلاس مؤسسة “سولاروورلد”، ليست سوى حلقة أخرى من سلسلة مصاعب إنتاج الألواح الشمسية في أوروبا، لكن إغلاق واحد من العمالقة الألمان في تصنيع الألواح الشمسية، الذي تم الإعلان عنه في منتصف أيار (مايو) الجاري، يراه كثيرون من العاملين في الصناعة عاما بعد عاما، إذ ينخفض نمو قطاع الطاقة الشمسية الأوروبية، بسبب تكلفتها الباهظة.
هذه خلاصة ما تجلى في آخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة المتجددة “أرينا”، فعلي الصعيد العالمي، ارتفعت الوظائف في الطاقة الشمسية الضوئية بنسبه 12 في المائة في العام الماضي، لتصل إلى 3.1 مليون شخص، وقد سجلت الهند زيادة بنسبة 17 في المائة، والولايات المتحدة 24 في المائة، وبطبيعة الحال، الصين هي التي غذَّت أغلب النمو.
وعزز النمو القوي، خاصة في أعمال نصب الألواح الشمسية، العمالة في الهند إلى 121 ألف وظيفة، أي بزيادة 17 في المائة عن 2015، وزادت العمالة الأمريكية بنسبه 24 في المائة لتصل إلى 242 ألف شخص.
وقفزت الوظائف في مجال الطاقة الشمسية في ماليزيا إلى 28 ألف وظيفة في عام 2016 من 19 ألفا في 2015، وأيضاً واصل القطاع الشمسي في بنجلادش نموه، بدعم 140 ألف وظيفة في 2016.
لكن على نحو مُغاير، أدت الوتيرة البطيئة للمنشآت اليابانية في 2016 إلى إنخفاض بنسبة 20 في المائة في الوظائف المرتبطة بصناعة الطاقة الشمسية.
لكن للصين أرقاما أخرى مختلفة، إذ تستحوذ الشركات الصينية الآن على 80 في المائة من السوق العالمية للألواح الشمسية، وتم إحصاء ما يقرب من مليوني وظيفة في هذا القطاع، بما في ذلك 1.3 مليون وظيفة في إنتاج وحدات الطاقة الشمسية.
وتستأثر بكين بأكثر من نصف وظائف العالم في صناعة الطاقة الشمسية، “ومن ثم فإن البلد وطَّد مكانته بوصفه الصانع والمثبت الرائد للألواح الشمسية، والاتجاه لا يزال في تصاعد، خاصة أنه في بداية العام الحالي أعلنت الوكالة الوطنية للطاقة الصينية عن استثمار 144 مليار دولار لتطوير الطاقة الشمسية”، حسبما أكده واضعو الدراسة.
ويتناقض هذا التقدم الصيني مع المناخ السائد على المستوى الأوروبي، ففي القارة القديمة، انخفض عدد الوظائف المتصلة بالطاقة الشمسية بنسبة 22 في المائة إلى 114 ألفا.
وانخفض إنتاج الوحدات النمطية بنسبة 16 في المائة في 2016، وهذا الأمر مؤكد منذ 2011، حيث فقد قطاع الألواح الشمسية في أوروبا ثلثي قوته العاملة. وتقول أرينا إن الطلب المنخفض، وعدم القدرة التنافسية للمصنعين الأوروبيين يجبرانهم على الخروج من الأعمال التجارية وإغلاق أبواب مصانعهم.
وعقب شكوى قدمتها مجموعة من الشركات المصنعة الأوروبية، استحدثت المفوضية التجارية الأوروبية، علاوة على الولايات المتحدة، حواجز جمركية لكبح موجات الألواح الشمسية الصينية التي يُشتبه في تلقيها دعماً مالياً قوياً من بكين وتباع بأسعار تقل عن تكلفة الإنتاج.
ولا شك أن هذا الوجود الصيني القوي والمريح في مجال إنتاج الألواح الشمسية له آثار في السوق العالمية، خاصة أنه انفجر بقوة في القارة الآسيوية، إذ تستثمر الصين الآن المليارات في الخارج لتوسيع القدرة الإنتاجية، وهو ما أخذ يُهدد الصحة المالية لمصنعي ومثبتي الألواح الشمسية في آسيا.
وفي الهند، على سبيل المثال، كافح المصنعون المحليون في مواجهة الواردات الرخيصة من الصين، حيث تقدم الشركات الصينية ما يقدر بـ 80 في المائة من مجموع الاحتياجات الهندية، ولم تتجاوز الشركات الهندية نسبة 13 في المائة. علاوة على ذلك، تلقت الصين ضربة قوية ثانية بعد أن أصدرت منظمة التجارة العالمية حكماً لصالح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد إجراءاتها المتعلقة بـ “المحتوي المحلي”، أي تفضيلها المنتجات المحلية على المستوردة في إنتاج الألواح الشمسية، وتبحث نيودلهي الآن عن تدابير أخرى لدعم صناعتها التحويلية للألواح الشمسية بطريقة لن تتعارض مع معايير التجارة العالمية.
ماجد الجميل – الاقتصادية