معظم التحليلات حول أداء الرئيس الاميركي دونالد ترامب خلال المئة يوم الأولى له في البيت الأبيض تقوم على عرض الوعود التي لم يتمكن من تحقيقها بعد. أما عندما يأتي الأمر للبيئة، فلا يمكن لأحد أن ينكر قيام ترامب بتحقيق الكثير من الإنجازات، الأضرار بمعنى أصح. خلال هذه الفترة وقّع ترامب على ثمانية أوامر تنفيذية على الأقل تضر بالبيئة. كما أمرت وكالة البيئة في عهده بتأجيل ومراجعة العديد من القواعد الخاصة بالتلوث.
هذه الإجراءات لم تكن ذات صفة رمزية فحسب. بجرة من قلمه، دفع ترامب الناشطين إلى خصومات قضائية ستمتد طيلة فترة رئاسته لمواجهة أوامره التي ستؤثر على البيئة لعقود قادمة. فيما يأتي بعض الإجراءات التي اتخذها ترامب خلال المئة يوم الأولى، وهي تمثل جزءاً من إرثه البيئي الذي سيذكره العالم على الدوام.
ترامب فتح الأبواب لمزيد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من خلال موافقته على متابعة إجراءات تنفيذ خطَّي النفط “كيستون إكس إل” و”داكوتا أكسس”، وكان المشروعان طواهما النسيان بعد معارضة تنفيذهما من قبل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
لم يكتف ترامب باختيار شخصيات معادية للبيئة في إدارته التنفيذية، مثل “سكوت برويت” رئيس وكالة حماية البيئة، الذي ينكر التغير المناخي وينادي بالانسحاب من اتفاقية باريس المناخية، بل أثمرت جهوده في تعيين “نيل غورسوتش” قاضياً في المحكمة العليا، وهو شخصية معادية لقضايا البيئة، وغالباً ما كان يرفض الدعاوى القضائية التي تقف وراءها الجماعات البيئية.
ألغى ترامب الحظر الذي وضعه أوباما على تأجير الأراضي الاتحادية لشركات الفحم، وأصدر أوامر أخرى للتراجع عن اللوائح البيئية المرتبطة باستخراج الفحم والانبعاثات الناتجة عن حرقه. بموجب قرارات ترامب، فإن 600 مليون طن من الفحم المدفون تحت الأراضي الاتحادية أصبح متاحاً الآن للتعدين.
اتخذ ترامب قراراً بإعادة النظر في معايير أوباما حول كفاءة السيارات في استهلاك الوقود. هذا الأمر أعطى إشارات لشركات صناعة السيارات لمراجعة تصاميمهم. الأمر الذي ستكون له آثار سلبية كبيرة خاصةً أن السيارات هي من بين أكبر المساهمين في تلوث الهواء ضمن الولايات المتحدة.
أعطى ترامب إشارات إلى الملوثين بأنه لا ينبغي عليهم الخوف من الوكالات الاتحادية. اقتراحه بخفض ميزانية وكالة حماية البيئة بنسبة 31 في المئة، بما فيها اعتمادات مكاتب إنفاذ القانون، فسّرها كثيرون بأنها ضوء أخضر لتجاوز إجراءات حماية البيئة. بعض الصناعيين أوقفوا شراء المعدات والتجهيزات اللازمة للحد من التلوث لأن المعايير البيئية ستضعف، وفق تقديراتهم.
في مئة يوم فقط، أثار ترامب نزاعات قضائية ستستمر لسنوات. أشرس المعارك القانونية ستكون حول تعهد ترامب بإلغاء قرار أوباما الخاص بالمياه الاتحادية الذي وسّع فيه تعريف المياه المحمية بموجب قانون المياه النظيفة، وكذلك الإجراءات التي اتخذها ترامب في التراجع عن خطة الطاقة النظيفة الرامية لخفض الانبعاثات. إلى جانب تعهداته بمراجعة لوائح التلوث الخاصة بالسيارات والشاحنات الخفيفة.
المصدر: مجلة البيئة والتنمية