الطاقة هي القدرة على القيام بنشاط ما، وهي أحد المقومات الرئيسة للمجتمعات المتحضرة، وتلزم لتسيير الحياة اليومية من تشغيل الأدوات المنزلية، ووسائط النقل، وإدارة المصانع وغيرها. ويستمد الإنسان الطاقة اللازمة لإنجاز نشاطه اليومي من حرق الغذاء الذي يتناوله، وهناك أشكال عدة للطاقة منها: الطاقة الكهربائية، والحركية، والإشعاعية، والديناميكية، والذرية، والحرارة، والضوء، والصوت.
ويمكن تصنيف الطاقة اعتمادًا على إمكانية تجدد مصادرها إلى نوعين:
الطاقة التقليدية (غير المتجددة) وتشمل: النفط والغاز الطبيعي والفحم والمواد الكيميائية؛ وسميت طاقة غير متجددة لأنها تحتاج لفترات زمنية طويلة لتعويضها.
الطاقة المتجددة أو النظيفة وتشمل: طاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة المياه والأمواج والطاقة الجوفية، وهي طاقات غير قابلة للنفاد.
تطلق كلمة “طاقة” على كل ما يندرج ضمن مصادر الطاقة، وإنتاج الطاقة، واستهلاكها وأيضا حفظ موارد الطاقة. وبما أن جميع المتطلبات الاقتصادية تتطلب مصدرا من مصادر الطاقة، فإن توافرها وأسعارها هي ضمن الاهتمامات الأساسية في حياتنا. حيث برز استهلاك الطاقة في السنوات الأخيرة كأحد أهم العوامل المسببة للاحترار العالمي، مما جعلها تتحول إلى قضية أساسية في جميع دول العالم.
إن الطاقة المتجددة هي تلك التي تستمد من الموارد الطبيعية التي تتجدد أو لا تنفد. والتي تختلف جوهريا عن الطاقة التقليدية كالوقود الأحفوري من نفط وفحم وغاز طبيعي، أو الوقود النووي. كما لا تنشأ عن الطاقة المتجددة مخلفات كثاني أكسيد الكربون أو غازات ضارة كالتي تعمل على زيادة الاحتباس الحراري. وتسمى أيضا “الطاقة المستدامة” أو “الطاقة الخضراء”.
أنواع الطاقة النظيفة
تتنوع مصادر الطاقة النظيفة، فمنها طاقة المد والجزر، والطاقة المائية، والطاقة الكهرومائية، وطاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة الحيوية، والطاقة الحرارية الأرضية، والطاقة الحيوية. وأبرزها حاليا هي تلك التي تُنتج في محطات القوى الكهرومائية بواسطة السدود العظيمة.
وتستخدم الطاقة المعتمدة على الرياح والطاقة الشمسية على نطاق واسع في البلدان المتقدمة وبعض البلدان النامية، وهناك بلدان وضعت خططا لزيادة إنتاجها من الطاقة المتجددة بنسبة 20% من استهلاكها عام 2020.
وفي مؤتمر كيوتو باليابان 1997، اتفق معظم رؤساء الدول على تخفيض إنتاج ثاني أكسيد الكربون في الأعوام التالية لتجنب التهديدات الرئيسية لتغير المناخ بسبب التلوث واستنفاد الوقود الأحفوري، بالإضافة للمخاطر الاجتماعية والسياسية للوقود الأحفوري والطاقة النووية. أما مميزاتها، فهي متوفرة في معظم دول العالم، ولا تلوث البيئة، وتحافظ على الصحة العامة للكائنات الحية، وهي اقتصادية في كثير من الاستخدامات، واستمرار توافرها وتواجدها مضمونان، وتستخدم تقنيات غير معقدة.
الجدوى الاقتصادية
لقد جعل تذبذب أسعار النفط عالميا وعدم استقرارها البعض يفكرون جديا بالحاجة إلى طاقة الشمس أو طاقة الرياح أو الطاقة المائية أو ما يناظرها، إلا أن الحقيقة عكس ذلك تماما كما تقول الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، فالطاقات المتجددة أقل كلفة من الطاقة الأحفورية (النفط والفحم والغاز).
فأسعار ألواح الخلايا الشمسية انخفضت بنسبة 80% منذ العام 2008، وطاقة الرياح وجوف الأرض والطاقة الكهرومائية تعتبر منافسة وبجدارة للطاقة الأحفورية، مما حفز دول العالم وأصحاب القرار على الاستثمار الحقيقي في الطاقة النظيفة بما يعود بالفائدة المرجوة للاقتصاد القومي، والنفع للناس جميعاً، والتنمية المستدامة للمجتمع كافة.
بدائل الطاقة النظيفة
يعتبر اليورانيوم أحد بدائل الطاقة النظيفة، ورغم أن بعض الخبراء حذروا من قرب نضوبه في العالم فإن أحدث الدراسات تقدر عمر الاحتياطي منه بمئة عام. وتحفظ بعضهم على القول إننا مسرفون في استخدام الطاقة. وشكك بعضهم في إمكانية استمرار نمو الطلب بمعدل 8%، قائلا إن المشكلة قد تكون بسبب قصورنا السابق في إيصال الطاقة لكل المدن والقرى والمحتاجين، فإذا اكتمل النصاب ستعود نسبة نمو الطلب إلى مستواها الطبيعي لاحقا. لكن العالمين ببواطن الأمور يؤكدون صحة نمو الطلب بمعدلات كبيرة.
في المقابل يطالب آخرون بالنظر في بدائل الطاقة الأخرى كطاقة الحرارة الأرضية، حيث الوفرة في طاقة الحرارة الأرضية وهي الأنظف والأرخص والأيسر. والواقع أن الجدل حول بدائل الطاقة ما زال كبيرا وواسعا، فلكل بديل مزايا وعيوب، مما يجعلنا قادرين على اختيار البدائل الأنسب لنا، في ظل امتلاكنا الكمية الفائضة والمتاحة للاستهلاك.
الآفاق المستقبلية
يتم مؤخرا تداول الكثير من الكلام حول ما يعرف باسم تجارة الطاقة المتجددة التي هي نوع من الأعمال التي تتدخل في تحويل الطاقات المتجددة إلى مصادر للدخل والترويج لها، والتي على الرغم من وجود الكثير من العوائق التي تمنع انتشار الطاقات المتجددة بشكل واسع -مثل كلفة الاستثمارات العالية البدائية- فإن ما يقارب 65 دولة حاليا تخطط للاستثمار في الطاقات المتجددة، وعملت على وضع السياسات اللازمة لتطوير وتشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة، كمنتدى الطاقة العالمي 2012 في دبي.
لقد ناقش ذلك المنتدى آفاق التحول والنمو نحو اقتصاد أخضر، وما يرافقه من عقبات أهمها نقص الاستثمارات المرصودة، مع ضرورة التشديد على شراكة القطاعين العام والخاص في هذا المجال. حيث يواجه العالم تحديات كثيرة أهمها: تأمين الكهرباء في ظل النمو السكاني، ومحدودية الموارد الطبيعية، مع أهمية التكامل والتعاون الإقليمي بين الدول المتجاورة، والاعتماد على الطاقة المستدامة البديلة، ودخول الاستثمارات الخارجية في مجال الطاقة إلى الدول الفقيرة لتأمين الكهرباء، وتلبية الاحتياجات المتزايدة من الطاقة، لتحقيق الطاقة الآمنة والمتاحة للجميع في ضوء وضع البنى التحتية المطلوبة، كضرورة ماسة لديمومة الحياة.
د. يعرب قحطان الدوري
* أستاذ جامعي وباحث علمي، وعضو المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
المصدر : الجزيرة