في تحول استراتيجي توقفت الامم المتحدة عن حث الدول على الالتزام بخفض أكبر لانبعاثات الكربون خشية ان يعطل استمرار الجدل محادثات مشحونة للتوصل الى اتفاقية مناخ تنطوي على طموحات أكبر.
ويقول مسؤولون ان من الافضل البدء بالتعهدات التي قدمت بالفعل والعمل من هذه النقطة نظرا لقصر الوقت المتبقي لابرام اتفاق يوسع نطاق بروتوكول كيوتو توقع عليه كافة الدول التي تسجل بها نسب عالية من انبعاثات الغازات من أجل مكافحة التغيرات المناخية.
وهذا الجهد ضروري لتفادي حدوث فجوة عقب نهاية المرحلة الاولى من بروتوكول كيوتو عام 2012 وطمأنة المستثمرين في سوق الكربون الذي تشرف عليه الامم المتحدة وحجمه 2.7 مليار دولار.
وقال هولدر تورجيرسون مسؤول المناخ البارز في الامم المتحدة في كلمة اواخر الشهر الماضي “هذه التعهدات دون التوقعات ولكنها لن تتغير على المدى القصير. استمرار التفاوض من أجل تحقيق الطموحات يؤجل تحقيق نتائج.”
وتقر تصريحاته بان المحادثات مهددة بالتعثر بسبب قضية اقتسام عبء خفض الانبعاثات بين الاغنياء والفقراء وضعف الثقة بين الاطراف الرئيسية مثل الصين والولايات المتحدة صاحبتي أكبر حجم من انبعاثات الغازات.
ووصف مفاوض بارز في محادثات المناخ الخطوة بانها تحجيم للخسائر.
كما تعترف تصريحات تورجيرسون بان التعهدات الحالية لن تحول دون ارتفاع درجة حرارة الارض كثيرا عن الحد المتفق عليه وهو اقل من درجتين مئويتين.
ويقول علماء ان العالم سيواجه تغيرات مناخية خطيرة مثل فقد للمحاصيل وتقلبات اعنف للطقس على غرار تلك التي ادت للفيضانات في باكستان والجفاف في روسيا في العام الجاري في حالة ارتفاع درجة حرارة الارض عن الحد الموضوع.
وصرحت كريستيانا فيجيريس الامينة التنفيذية لاتفاقية اطار الامم المتحدة بشأن التغير المناخي لرويترز على هامش محادثات المناخ في الصين بأنه ينبغي ان تركز الحكومات على ضمان تعهدات رسمية من خلال مقترحات خفض الانبعاثات التي قدمت بالفعل و”تطبيقها بالكامل كخطوة أولى ضرورية ولكنها غير كافية”.
وبدأت يوم الاثنين بمدينة تيانجين الشمالية المحادثات التي تستمر اسبوعا وتهدف لايجاد سبيل للمضي قدما قبل اجتماع هام يعقد في منتجع كانكون المكسيكي في اواخر نوفمبر تشرين الثاني.
ويبحث مفاوضون اضفاء صبغة رسمية على التعهدات الحالية للدول الفقيرة والغنية الواردة في اتفاقية كوبنهاجن وهي اتفاقية غير ملزمة تم التوصل اليها العام الماضي في محادثات المناخ التي جرت في الدنمرك والتي شهدت خلافات حادة بين المشاركين.
وذكر تقرير للامم المتحدة سرب العام الماضي ان التعهدات تعني ارتفاع درجة حرارة الارض ثلاث درجات. ويقول علماء ان مستويات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الارض ترتفع بسرعة كبيرة في الدول صاحبة أكبر انبعاثات مثل الصين وليس هناك وقت كاف للتحرك.
والاهداف الاعلى ضرورية لمساعدة الحكومات والشركات على وضع سياسات لتوجيه الاستثمارات بعيدا عن الوقود الاحفوري الملوث للبيئة واستبداله بانواع صديقة للبيئة مثل الطاقة المولدة من الرياح والشمس.
وامكانية جمع تريليونات الدولارات من رأس المال الخاص أمر حيوي لمكافحة تغيرات المناخ والشكل النهائي لاتفاقية المناخ الجديدة سيساعد في تحديد كيفية انفاق هذه الاموال.
ولهذا تأمل الامم المتحدة ان تتفق محادثات كانكون على قضايا أقل اثارة للجدل مثل بدء برنامج للحد من ازالة الغابات وصندوق لمساعدة الدول الفقيرة على التكيف مع تأثير تغير المناخ واتفاق لتبادل المعلومات بشأن تكنولوجيا الطاقة النظيفة.
ويقول مفاوضون ومحللون ان اضفاء صبغة رسمية على تعهدات خفض الانبعاثات الحالية ووضعها في اطار ملزم قانونا يمثل تحديا اصعب.
وقالت جنيفر مورجان مديرة برنامج المناخ والطاقة بمعهد الموارد العالمية ومقره واشنطن ان احد الاسئلة المهمة التي تواجه الوزراء “هي هل يضفون صبغة رسمية على تعهداتهم وما يرتبط بذلك. وهل يرتبط بمراجعة مدى الملاءمة وما شكلها..”
وتقول لجنة المناخ التابعة للامم المتحدة انه ينبغي على الدول الغنية خفض الانبعاثات بنسبة بين 25 و40 في المئة بحلول عام 2020 عن مستوياتها في عام 1990 لتفادي تغيرات مناخية خطيرة.
وعرضت الصين والهند والبرازيل واندونيسيا وهي من اكبر الدول من حيث انبعاثات الغازات خطوات طوعية لكبح زيادة الانبعاثات لا خفضا مطلقا. ويلزم بروتوكول كيوتو الدول الغنية فقط بتطبيق اهداف خاصة بانبعاثات الغاز.
كما أصرت الدول النامية على ان توافق الدول الغنية على خفض الانبعاثات بنسبة لا تقل عن 40 في المئة بحلول عام 2020 كخطوة اولى والكيفية التي يجري بها تسوية هذ المطلب امر حيوي.
كما ان الاتفاق بشان اهداف محددة للدول الغنية امر غير واضح بما ان بعض الدول حددت نطاقات ضمن اتفاق كوبنهاجن ويتوقف ذلك على قوة اي اتفاق بشأن المناخ يبرم في المستقبل.
وتقول مورجان ان كيفية اضفاء طابع رسمي على التعهدات لا تزال لغزا لانها تتعلق بالشكل النهائي لاتفاق اوسع ملزم قانونا خاص بالمناخ.
وتضيف “تثير فكرة وضعه (اتفاق كوبنهاجن) في صورة قرارات جدلا في بعض الدول ولكن في بعض النواحي ليس لدينا وقت طويل لنبدأ من جديد.”
المصدر: رويترز