ما تبوح به لغة الأرقام بالنسبة لتصحر الأراضى الزراعية فى مصر والعالم العربى بفعل تملح التربة ينذر بكارثة، وبالتالى أصبح التغلب على تلك المشكلة مرهوناً بجهود البحث العلمى فى المراكز البحثية المتخصصة، وأعرقها «مركز بحوث الصحراء»
التابع لوزارة الزراعة المصرية، الذي اجتهد في تقديم الحلول على مدي تاريخه.
فمن خلال حزمة من المشروعات التنموية لخبراء المركز يمكن درء تلك الأخطار متى توافرت لها الإمكانات.
وعلى الرغم من ضآلة الاعتمادات المالية فإنها تنجز أضعاف المرجو منها، وهو ما تؤكده الحقائق على أرض الواقع. ولعل أبرز الحلول التى قدمها المركز أخيراً؛ دراسة قدمها الدكتوران: طارق عبد الفتاح وناجى حامد متولى، إذ تمنح حلولا علمية عملية يقول عنها الدكتور طارق: «نتحدث هنا عن تنمية تتكيف مع الواقع، وتتبنى عناصر الطبيعة التى تمثل عصب الحياة للمناطق التى يزحف عليها التصحر بفعل طغيان ملوحة التربة الذى يفقدها خصوبتها، ويعريها من غطائها الأخضر، لذا كان تضافر الجهود أمرا لازما، بين مركز بحوث الصحراء من خلال محطاته البحثية المنتشرة بكل صحارى مصر، بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمى، والمركز الدولى للزراعات الملحية بالإمارات العربية المتحدة.
ويضيف أن هذا التعاون ضروري في مجال تنمية الزراعات الملحية بمحاصيل تتحمل ملوحة التربة أو النباتات الطبيعية الموجودة أصلاً بها، مع الاستفادة منها فى صناعة الأعلاف بتكلفة أقل بكثير، مما يشجع على تربية الحيوانات، لأن ارتفاع تكلفة الأعلاف يمثل حجر عثرة أمام إقبال مواطنى تلك المناطق على تربيتها، وهذا يعنى تعظيم الاستفادة بعنصرى التنمية الصحراوية، وهما النبات والحيوان.
وفى إجابته عن سؤال حول النجاح الذى تحقق فى زراعة المحاصيل بتلك الأراضى أجاب الدكتور طارق: هناك الكثير من النباتات التى حققت نجاحات فائقة فى زراعتها بفعل المتابعة الجيدة، والمحصلة النهائية مجموعة من النباتات التى تمت زراعتها بنجاح إلى جانب النباتات الطبيعية الموجودة أصلاً فى تلك البيئات، لتحتضن مجتمعة نباتات البرسيم الحجازى والبرسيم الشجيرى والشعير والكوخيا والسيسبان والسيسبانا والسورجم والخن والليوسينا والأكاسيا وغيرها من النباتات التى يمكن الاستفادة منها فى تنمية الثروة الحيوانية.
ويؤكد أنه إذا كانت زراعة النباتات الملحية تواجه العديد من المشكلات كنقص الاستساغة فى بعض الأنواع بسبب ارتفاع محتواها من الألياف، وانخفاض محتواها من البروتين، وارتفاع نسب المركبات الثانوية التى تفرزها بعض النباتات وغيرها من المركبات التى تؤثر تأثيراً مباشراًعلى عمليات الهضم فى الحيوان، فقد تم التغلب عليها بمعالجات تصنيعية عدة.
ويشير إلى أن عملية تصنيع النباتات الملحية العلفية سواء المنزرعة أو الطبيعية فى صور مختلفة مثل (السيلاج المكعبات العلفية دريس) تفيد فى عملية الاستفادة منها، وتحسن القيمة الغذائية لها، وبالتالى خفض تكاليف التغذية بنسبة لا تقل عن 30%، ومن ثم زيادة ربحية مربى الثروة الحيوانية، علما بأن عملية التصنيع تمر بمراحل عدة طبقا لنوع العلف المنتج.
وعن النتائج النهائية للدراسات التى تمت على هذا المشروع يختتم الدكتور طارق عبد الفتاح حديثه بالقول: «لقد أُجريت العديد من الدراسات بالمركز على استخدام النباتات الملحية دون معاملات، وكذلك فى صور تصنيعية مختلفة، وكذلك مع بعض الإضافات البيولوجية والكيميائية والمعدنية على كل من الأداء الإنتاجى والتناسلى للأغنام والماعز والأبقار والجاموس وكذلك الأرانب».
وأوضحت النتائج أنه يمكن استخدام النباتات الملحية فى صورتها الطبيعية، وكذلك فى صور مصنعة بشكل آمن دون التأثير على أى من وظائف جسم الحيوان، وكذلك زيادة الكفاءة الإنتاجية لجميع الحيوانات المغذاة على النباتات الملحية المعاملة ببعض الإضافات، ورفع القيمة الغذائية، ومعامل التمثيل الغذائى للنباتات المتحملة للملوحة والمعاملة بهذه الإضافات، وكذلك زيادة إنتاج اللبن من الأبقار والجاموس والنعاج والعنزات المغذاة على النباتات الملحية.
الأهرام