تغير المناخ وعدم المساواة: وتأثيره على النساء؟ .. عنوان ملفت وغريب لمقال .. ولكن هل يمكن ان يكون للمناخ تاثير على المساواة والعدالة بين البشر ؟!
تشرح هذه المسالة بتعمق “سوزان ماك ديد Susan Mcdade” التي تشغل منصب نائب مدير المكتب الإقليمي لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP وتقول: ان نجاح خطط مواجهه تغير المناخ تعتمد بشكل كبير على سماع أصوات النساء والتأكد من خبراتهم والاستماع لوجهات نظرهم ودعمهم ليصبحوا قادة في التكيف مع المناخ بمشاركتهم في صنع القرار.
ومن بين جميع آثار تغير المناخ التي تتراوح بين ارتفاع منسوب مياه البحر إلى حدوث الانهيارات الارضية والفيضانات والعواصف هناك اثر واحد لا يحصل على ما يستحق من اهتمام: وهو تفاقم عدم المساواة وخاصة بالنسبة للنساء في البلدان الفقيرة وكيف يحدث هذا؟!
ان حياة المرأة كثيرا ما تعتمد بشكل مباشر على البيئة الطبيعية وفي البلدان الفقيرة والنامية نجد أن المرأة هي من تتحمل المسؤولية الرئيسية لتزويد المنزل بالماء والحطب للطبخ والتدفئة، فضلا عن المشاركة في زراعة المحاصيل الغذائية والجفاف وندرة الأمطار وإزالة الغابات يجعل هذه المهام أكثر صعوبة ومشقة عليها وتهدد سبل معيشة المرأة وتحرمها من الوقت لتعلم المهارات وكسب المال والمشاركة في حياة المجتمع.
ولكن اذا نظرنا الى الأدوار المجتمعية التي تجعل النساء أكثر عرضة لتحديات البيئة نجدها هي نفسها أيضا ما يجعلها عنصرا فعالا رئيسيا لقيادة التنمية المستدامة في نطاقها؛ فهي تملك المعرفة والخبرة التي يمكن عن طريقها أن تدير الموارد الطبيعية المتاحة والتكيف مع تغير المناخ وتطبق استراتيجيات التخفيف على جميع المستويات بشكل أكثر نجاحا.
ولكي ندلل على هذا الكلام وخير مثل على ذلك هو القاء نظرة فاحصة على “منطقة الأمازون الإكوادورية” حيث توجد جمعية”Waorani ” النسائية وهي رابطة تشجع نساء المنطقة على زراعة الكاكاو العضوي كإجراء لحماية الحياة البرية وطريقا للتنمية المحلية المستدامة.
وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقوم الرابطة بإدارة أراضيها بشكل جماعي وقد حققت انجازا كبيرا في اطار حماية الغابات واقترب معدل ازالة الاشجار والغابات الى مستوى الصفر وهي ايضا تساعد على حماية الحيوانات والطيور والأنواع المعرضة للخطر في الحياة البرية.
وفي هذه العملية؛ تساهم النساء بدور كبير في بناء قدرة المجتمع من خلال استثمار الإيرادات من زراعة الكاكاو و إنتاج الشوكولاته العضوية في تنمية المشاريع المحلية الخاصة بالصحة والبنية التحتية والتعليم توجيه الاقتصاد المحلي بنجاح بعيدا عن اقتصاد ازالة الغابات وقطع الاشجار والاتجار باخشابها وأسواق لحوم الطرائد عبر الصيد الجائر في الغابات.
وهناك نموذج اخر وهن “نساء الشعوب الأصلية” التي بدات تقود التنمية المستدامة في مواطنها بالمكسيك. حيث يدعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جمعية Koolel-Kab، وهي تقوم على مبادرة الزراعة العضوية وادارة اراضي الغابات التي أسستها نساء “قبائل المايا ” التي تعمل على حفظ الغابات وتعزيز حقوق السكان الأصليين في الأرض وتعتمد استراتيجيات الحد من مخاطر الكوارث على مستوى المجتمع المحلي.
وقد نجحت الجمعية في اقامة مجتمع على 5 الالاف هكتار من اراضى الغابات يديره و يشغله المدافعون عن وقف إزالة الغابات وتقديم بدائل للزراعة التجارية كما تشارك الجمعية ايضا فى مشروع نموذجى لتربية النحل العضوي في أكثر من 20 مجتمعا قبلى وتوفر بديل اقتصادي لقطع الأشجار غير القانوني.
لذا نجد ان ” تمكين المرأة” هو واحد من أكثر الاستجابات الفعالة المؤدية لنجاحا استراتيجيات وخطط مواجهه التغير المناخي ونجاح التكيف مع التغير المناخي يعتمد بشكل كبير على استيعاب المرأة و خبراتها ودعمها لتصبح عنصرا فعالا و قائدة في مجال التكيف ولن يتحقق هذا الا عن طريق ضمان تمكين المرأة واشراكها في صنع القرار بصورة منتظمة وعلى قادة العالم الذين اختتموا مؤتمر تغير المناخ لعام 2014 في ليما – بيرو ان يضعوا دور المراة في مخططاتهم التي ستعقد على اساسها قمة باريس في ديسمبر 2015 على ان تضم اجندة القمة ما يمكن أن يقلل بدلا من ان يفاقم التفاوت القائم الان بين المراة والرجل وهو الامر الذي سيعود بالخير والنجاح على التنمية المستدامة و جهود مجابهه التغير المناخي .
أخبار مصر