ماذا يفعل العالم وقطاع كبير من سكانه محرومون من احتياجاتهم الأساسية من المياه؟ وكيف تتحسن حياة البشر مع تزايد عدد البلدان تحت خط الفقر المائي، الذي يقل فيه نصيب الفرد سنويًّا عن 1000 متر مكعب من المياه؟
البحث عن بدائل ممكنة للمياه تصدر نقاشات الرواد العرب والأمريكيين، الباحثين في العلوم والطب والهندسة، خلال ندوتهم الثانية، التي احتضنتها سلطنة عمان في العاصمة مسقط، في المدة 13- 15 ديسمبر الجاري، وكان البحث العلمي حاضرًا بقوة من خلال عقول عربية وأمريكية وأوروبية وآسيوية طرحت رؤى متنوعة لبدائل معالجة المياه؛ بحثًا عن استدامة هذا المورد الحيوي.
”علينا أن نقر أولاً بحقيقة أننا نعاني في معظم البلدان العربية مثل لبنان والدول الخليجية وحتى مصر فقرًا مائيًّا خطيرًا“، هذا ما أكدته رولا الديب، الباحثة المتخصصة في المياه الجوفية والتربة بجامعة كاليفورنيا، موضحة لشبكة SciDev.Net: ”بالطبع تحلية المياه بديل أخذ طريقه في بعض البلدان القادرة على كلفة التحلية، في حين يواجه البديل الآخر -الخاص بإعادة استخدام مياه الصرف الصحي- عدة صعوبات، منها مدى تقبل البشر لفكرة استخدامهم لمياه استخدمها آخرون، وهنا تأتي أهمية رفع الوعي بضرورة تقبل هذه الفكرة“.
دافيد سيدلاك -الباحث بجامعة كاليفورنيا- داعبني قائلاً: ”هل زرت كاليفورنيا من قبل واستمتعت بزيارة ديزني لاند؟ لو حدث هذا فحتمًا شربت مياه الصرف المعالجة كملايين غيرك“.
بلاك أكد ضرورة التحرك العلمي السريع لتوفير بدائل مستدامة، فإعادة استخدام مياه الصرف المعالجة تلبي في أمريكا 25% من احتياجاتها من المياه، وتصل النسبة إلى 85% من احتياجات الري في إسرائيل.
جهود إعادة استخدام مياه الصرف تتركز منذ عقود على توظيفها في الأغراض الصناعية والزراعية، فصارت مياه المصارف تستخدم على نطاق واسع، ويعاد استخدامها في تلك الأغراض، وهو أمر شائع ومستمر منذ قرون في العالم، وله تطبيقاته اليوم في البلدان العربية أيضًا.
نجحت تجارب إعادة استخدام مياه الصرف الصحي والنفايات السائلة بعد معالجات فائقة، في استعمالها لأغراض الشرب في كولورادو وتكساس دون أدنى ضرر على الصحة العامة، ”فقط يجب تغيير نمط التفكير البشري ليتقبل الفكرة ويتبناها على نطاق واسع، وهذا يستلزم قدرًا من الشفافية والمصارحة في تعريف الناس بالعمليات التقنية الداخلة في تحويل مياه الصرف إلى مياه صالحة للشرب“، وفق بلاك.
محمد أحمد -الباحث بمعهد الكويت للأبحاث العلمية- أكد لشبكة SciDev.Net أن ”الكويت تنفق مليارات الدولارات لتحلية مياه البحر، ولأن ذلك غير كاف رغم كلفته الباهظة، تتجه إلى إعادة استعمال مياه الصرف الصحي ضمن خطط استراتيجية طويلة المدى، تستهدف توفير الاحتياجات المائية للبلاد بطريقة مستدامة، وبتقنيات معالجة فائقة هدفها أيضًا عدم الإخلال بالنظام البيئي في البلاد، خاصة مسألة تقليل الانبعاثات الكربونية“.
مي مسعود -الباحثة بالجامعة الأمريكية في بيروت- أشارت إلى أهمية حل معضلة إدارة المياه؛ لوقف الهدر الحاصل في هذا المورد الذي يعاني ندرة بالأساس، قائلة: ”قبل اتخاذ قرار يكلفنا المليارات بتبني تقنيات إعادة استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة، لا بد أن نعي الفروق الجوهرية بين الدول المتقدمة والنامية، وبين الحضر والريف، وأن نفهم حجم التحديات التقنية والاقتصادية والبيئية والمجتمعية الخاصة بتقبل فكرة إعادة الاستخدام“.
SciDev.Net