يتساءل قادة الشعوب الأصلية عما إذا كانت خطط الأمم المتحدة لتمويل تقنية للحد من تأثيرات تغيُّر المناخ في جنوب الكرة الأرضية، تضع ما يكفي من ضمانات لاحترام حقوق الإنسان.
ففي إحدى جلسات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيُّر المناخ (COP 20)، التي انعقدت الأسبوع الماضي في ليما، تساءل ماكسيمو با تيول -ممثل من مجلس شعب تزولوتلان، وهي إحدى مجموعات السكان الأصليين في جواتيمالا- قائلا: ”لماذا يجب أن تُنتهَك حقوقنا الإنسانية من أجل الحد من تأثيرات تغيُّر المناخ؟“.
وقوبل سؤاله بصمت خيّم على قاعة الاجتماع.
وجاء أغلب النقاش الذي تبع هذه التعليقات مشيرًا إلى آلية التنمية النظيفة (CDM)، وهي نظام تعويضي أُنشئ لمساعدة الدول المتقدمة على الوفاء بالتزاماتها حيال التغيرات المناخية من خلال الاستثمار في مشروعات تقلل انبعاثات الكربون في الدول النامية.
لكن إنشاء سد ’سانتا ريتا‘ الكهرومائي في جواتيمالا، والذي سُجل مشروعًا ضمن آلية التنمية النظيفة، جرى دون مشاورات ملائمة مع الشعوب الأصلية سكان هذه المنطقة، وكان لهذا عواقب خطيرة على شعب المايا وهم من السكان الأصليين، وفق مجلس شعب تزولوتلان.
ويُعَد مشروع سانتا ريتا هو المشروع الأول الذي اعتمدته هيئة آلية التنمية النظيفة رسميًّا.
وبعد مراجعته في شهر يونيو الماضي، أخبرت الهيئة ممثلاً للسكان الأصليين أنه: بعد تقييم دقيق، عُد المشروع متوافقًا مع متطلبات آلية التنمية النظيفة.
ولم يجر إخطار السكان عن سبب بناء السد، أو عن المشاكل أو المكاسب المحتملة لإنشائه. وعندما اعترضت المجموعات المحلية تم نشر قوات الجيش لقمع الاحتجاجات، وبدأت عملية الإنشاء.
ومنذ عام 2009 قُتل سبعة أشخاص -من بينهم فتيان، أحدهما 11 عامًا والآخر 13 عامًا- في اشتباكات بين الجيش وقرويين معارضين لبناء السد.
وفي أثناء المؤتمر ضغطت العديد من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني على الدول المشاركة لأخذ مزيد من الاعتبار لحقوق الإنسان، عند اتخاذ القرارات أو التفاوض حول مشروعات التكيف، والحد من تغيُّر المناخ، خصوصًا الشعوب الأصلية.
وعلى سبيل المثال، اقترح ديفيد إسترين -الرئيس المناوب لقوة عمل نقابة المحامين الدولية، المعنية بالعدالة وحقوق الإنسان في تغيُّر المناخ- أن يُدمَج تقييم حقوق الإنسان في كافة برامج تغيُّر المناخ.
وكانت اتفاقية كانكان، التي تم التوصل إليها في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيُّر المناخ عام 2010، قد أصدرت سبعة مبادئ توجيهية للحماية يتوجب أخذها في الاعتبار قبل البدء في أي مشروع، واضعة هدفًا عامًّا يتمثل في حماية حقوق الإنسان والبيئة.
لكن بعض المجموعات، مثل مجموعة ’مراقبة سوق الكربون‘، والتي تقوم بعدة أنشطة من بينها مراقبة ’آلية التنمية النظيفة‘، تقول إن الآلية نفسها ليس لديها -ضمن مبادئ التوجيه التشغيلية الخاصة بها- ضمانات كافية لحماية حقوق الإنسان.
وفي الجلسة التي تحدث فيها با تيول، اعترف هيو سيلي -رئيس الهيئة التنفيذية لآلية التنمية النظيفة- بأن قضية سانتا ريتا أدت إلى بذل جهود لتحسين الضمانات لمنع الصراعات المستقبلية.
وقال خوان كارلوس كاريللو -من المركز المكسيكي لقانون البيئة- لشبكة SciDev.Net: ”إن أحد أكبر التحديات فيما يتعلق بالضمانات هي أن مبادئها فضفاضة للغاية. فلا بد أن تتحدث المفاوضات الدولية بلغة عريضة بما يكفي لتسمح لكافة الدول باتباع المبادئ التوجيهية، لكن هذا الأمر خطير على المستوى العملي؛ لأن المبادئ التوجيهية غامضة للغاية، لذا فإنها تبقى حبرًا على ورق“.
ويقول أندريا رودريجيز -المستشار القانوني لبرنامج تغيُّر المناخ، التابع لرابطة الأمريكتين للدفاع البيئي-: ”ينبغي أن تتبع إجراءات الحماية القانون الدولي وحقوق الإنسان، والعمال، والسكان الأصليين. لذلك يعد التقييم الفعال لتطبيق ومراقبة الحماية أمرًا حاسمًا“.