من بين 155 صفحة، هي إجمالي صفحات تقرير ’التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي‘، الذي أطلقته الأمم المتحدة مطلع الشهر الحالي، لم يرد ذكر أيٍّ من الدول العربية سلبًا أو إيجابًا، رغم مشاركة عدد من الباحثين العرب في إعداده، لتثير هذه المفارقة علامة استفهام بين الحاضرين في حفل إطلاق النسخة العربية للتقرير الإثنين الماضي في القاهرة.
يهدف التقرير إلى قياس مدى التقدم المحرَز في تحقيق أهداف ’أيشي‘ العشرين للتنوع البيولوجي بمختلف دول العالم، مع اقتراب انتصاف المدة التي تم إقرارها لتحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي (2011- 2020)، التي اتفقت دول العالم عليها في عام 2010 في منطقة ناغويا باليابان.
ومن المفترض أن يسهم تحقيق أهداف ’أيشي‘ في الدفع بالأولويات العالمية الأوسع التي تناولتها أجندة التنمية لما بعد عام 2015، وهي: الحد من الجوع والفقر، وتحسين صحة الإنسان، وضمان إمدادات مستدامة من الطاقة والغذاء والمياه النظيفة.
يرى مصطفى فودة -مستشار وزير البيئة المصري لشؤون التنوع البيولوجي، وأحد الباحثين المشاركين في إعداد التقرير- أن كثيرًا من الدول العربية بذل جهدًا ملموسًا نحو تحقيق بعض من هذه الأهداف، لكنه عزا غياب الدول العربية عن التقرير إلى افتقارها لما سماه ”ثقافة التوثيق“.
يقول فودة : ”انتظرنا أن ترسل لنا الدول العربية نتائج ما بذلته من جهود، لكن أحدًا لم يرسل، فصدر التقرير دون أن يتضمن أيًّا من الجهود العربية في هذا المجال“.
ولم يحدد التقرير الدول التي تخلفت عن تحقيق الأهداف، ولا تلك التي لم تتعاون بإرسال تقاريرها لرصد ما تحقق، لكنه اكتفى برصد أن ”179 دولة من أصل 194 وقعت على خطة أيشي، وأعلنت سعيها لوضع استراتيجيات وخطط عمل وطنية للتنوع البيولوجي، منها 57 دولة لا تزال تحدِّث استراتيجياتها تماشيًا مع الخطة، و26 دولة انتهت من ذلك بالفعل حتى أغسطس 2014“.
ويشير فودة إلى أنه من بين الأهداف التي تتضمنها الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي: التوسع في إنشاء المحميات الطبيعية، حيث طالب التقرير بحلول عام 2020 أن يتم حماية 17% على الأقل من المناطق الأرضية ومناطق المياه الداخلية، و10% من المناطق الساحلية والبحرية، ذات الأهمية الخاصة للتنوع البيولوجي حول العالم.
ويوضح فودة أن دولة مثل مصر حققت تقدمًا ملموسًا بهذا المضمار، فيقول: ”تضم مصر حتى الآن 21 محمية، تعادل 8% من المساحة الإجمالية لمصر، ومن المتوقع زيادتها لتبلغ 17% بحلول عام 2017“.
وعلى المنوال نفسه دافع رؤوف الدباس -المستشار في وزارة البيئة الأردنية- عن غياب الأردن عن التقرير الدولي، وقال : ”لدينا 12 محمية طبيعية في الأردن، تمثل أبعادًا بيئية متميزة، ومنها محميات ضمن مواقع التراث العالمي، ومن هذه المحميات محميتا ’ضانا‘ و’رم‘“.
ووجد الدباس في دراسة تعلن نتائجها الشهر المقبل حول تقييم تأثير التغيرات المناخية على كافة القطاعات الزراعية والبيئية والاقتصادية في الأردن، ما يدافع به –أيضًا– عن مسايرة دولته للأهداف التي تتضمنها الخطة الأممية.
وقد أشارت 70% من التقارير المقدمة إلى اللجنة المعنية بصياغة التقرير أن هناك تقدمًا محرزًا في الهدف المتعلق بدمج التنوع البيولوجي في الاستراتيجيات الوطنية للتنمية على مستوى معظم الدول.
ورغم أن التقرير قد خلص إلى أن هناك تقدمًا نحو الوفاء ببعض مكونات أهداف ’أيشي‘ للتنوع البيولوجي، غير أنه أكد أنه: ”في معظم الحالات لن يكون هذا التقدم كافيًا لتحقيق الأهداف المحددة لعام 2020“.
ولتحقيق كافة الأهداف، رصد التقرير حاجة العالم إلى ما بين 150 و440 مليار دولار أمريكي سنويًّا، وأوصى ألا يتم الاعتماد في تحقيق الأهداف الاستراتيجية على التمويل المخصص لحماية التنوع البيولوجي وحده، بل يمكن الاعتماد على ميزانيات المجالات المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتنوع البيولوجي، مثل الزراعة، والزراعة السمكية، والمياه، ومكافحة التلوث.
SciDev.Net