لرصد آثار سد النهضة الإثيوبى على البيئة المصرية، تحرك علماء مصر لتدارس تلك الاثار، وطورت الدكتورة نهى سمير دنيا (أستاذ الهيدروليكا البيئية بمعهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس) نموذجا رياضيا لادارة خزان السد العالى فى أسوان؛ لمحاكاة عملية تشغيل السد تحت ظروف مختلفة مثل تغير المناخ، وبناء سد النهضة، مع تحليل قواعد التشغيل الأمثل للخزان، وأخذ عدد كبير من الأهداف بعين الاعتبار، بما فى ذلك إنتاج الطاقة الكهرومائية، وتوريد المياه لأغراض الري.
استخدمت الدكتورة نهى السيناريوهات الهيدرولوجية المستقبلية لتقويم الآثار المتوقعة للسد مع الأخذ فى الاعتبار السيناريوهات العالمية المستقبلية المحتملة لتغير المناخ خلال المائة عام المقبلة.
وأظهرت النتائج أنه إذا كانت فترة الملء لخزان سد النهضة ثلاث سنوات حتى عام 2017 -كما يقال- فإن ذلك سوف يؤثر تأثيرا شديدا على حصة مصر والسودان من المياه بنقص يقدر بنحو 24 مليار متر مكعب سنويا.
وبعد الانتهاء من بناء السد سيتم فقدان 5 مليارات متر مكعب سنويا مقسمة بين حصة مصر والسودان، كما أن تغير المناخ قد يزيد مخاطر المشروع، وأولها زيادة نسبة مستويات الحد الأدنى للمياه فى خزان السد العالى حيث توقع النموذج نسبة 10% أقل من الحد الادنى لمنسوب المياه اللازم لتشغيل السد العالى فى السنوات من 2017-2070.
كما توقع النموذج نسبة 40% أقل من الحد الادنى لمنسوب المياه اللازم لتشغيل السد العالى فى الفترة الثالثة (2070-2099). وبحساب التأثير المتوقع على الطاقة الكهرومائية التى يتم توليدها من السد، توقع النموذج نقصا فى الطاقة يقدر بنحو 10% فى الفترة الاولى (2017-2040)، ونقصا فى الطاقة يتراوح بين 16 و30% فى الفترة من (2040-2070)، ونقصا حادا فى الطاقة يتراوح بين 30 و45%فى الفترة من (2070-2099).
بوار.. وزلازل
وتضيف الدكتورة نهى أن استكمال بناء السد المذكور خلال ثلاث سنوات سيترتب عليه تبوير نحو مليون فدان من الأراضى الخصبة من ثروة مصر الزراعية المنتجة، ومن ثم يقضى على الأخضر واليابس من الثروة الغذائية، بما يفجر مجاعة لا تُحمد عقباها خاصة.
وبالنظر للزيادة المطردة لعدد السكان، وهم أكثر من تسعين مليون مواطن، كما يؤكد علماء جيولوجيا كثيرون.. فسيترتب على إنشاء هذا السد حدوث زلازل.
ومن جهته، يقول الدكتور مجدى توفيق، أستاذ البيئة المائية بعلوم عين شمس، إن الحل يكمن فى ترشيد صرف كمية المياه، فى حدود القدر الذى سيصل مصر، ويقدر بنحو 40 مليار متر مكعب.
ويتابع أن هذا يتطلب تطبيق سياسة ترشيد إجبارية نحو الزراعة التى تستهلك 80% من موارد المياه، وكذلك ما يستخدم فى الصناعة والأغراض المنزلية، فضلاً عن حتمية التعاون المثمر مع دول حوض النيل.
ويتطلب ذلك إجراء خطوات عدة، منها التغيير الإجبارى لطرق الرى وأن يستبدل بوسيلة الرى بالغمر الرى بالتنقيط أو بالرش مع تغطية الترع والمصارف، بحيث تكون المياه فى مواسير لتقليل الفاقد من التبخر، والتوقف فورًا عن زراعة المحاصيل المستهلكة للمياه بنهم، كالأرز وقصب السكر، ومعالجة واعادة استخدام مياه الصرف الصناعى والصحى والزراعي.
وتضمنت الخطوات أيضا وقف صرف مياه صرف الزراعة بمنطقة الدلتا فى البحيرات الشمالية، التى تُقدر بملايين الامتار المكعبة، بهدف استعادة حيوية هذه البحيرات، واستغلال المياه مرة أخرى فى الزراعة.
الأهرام