حقوق الإنسان هي إحدى المسلمات التي نسمع بها في كل مكان ، وقد أصبحت هذه الحقوق أكثر وضوحاً خلال العقود الماضية . هذه الحقوق هي التي تسعى كثير من الجمعيات والهيئات والمؤسسات العالمية للدفاع عنها ، وعن حق كل مواطن بالتمتع بها في أي مكان في هذا العالم .
ولعل ماحدث في سجن «أبو غريب» بالعراق يدل دلالة واضحة على اهتمام العالم بما حدث من اعتداء صارخ على حقوق الإنسان !!.
وتحاول كثير من جمعيات حقوق الإنسان أن تمنع ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وإذا لم تستطع أن تمنع هذا الظلم ، فعلى الأقل فإنها تقوم بالكشف عن هذا الظلم وفضحه أمام الناس والرأي العام العالمي في كل مكان .
ولكن هل هناك علاقة بين حقوق الإنسان والبيئة ؟! والإجابة على هذا السؤال هي نعم !! .
لقد عانت البيئة منذ القدم من ظلم الإنسان وتعديه المباشر واللامبالي على أبسط حقوق هذه البيئة ، لقد تعدى الإنسان على البيئة وانتهك حرماتها ، وخاصة في العصر الحديث .
إن كل أجزاء البيئة سواء الهواء أو الماء أو التربة قد تضررت من انتهاك الإنسان لحقوقها ووجودها ، وقد تم ذلك من خلال ممارسات الإنسان الجائرة وتصرفاته العشوائية .
فلننظر إلى الهواء النظيف الذي حبانا الله إياه بمكوناته الثابتة والمتوازنة والمتكاملة من أجل أن يتمتع الإنسان بصحة جيدة وهواء منعش مفيد لتنفسه وتوازن جسمه ، فماذا حدث ؟!
لقد أصبح هذا الهواء عرضة لغزو الملوثات في كل يوم ، حتى تحول هذا الهواء إلى عامل هدم ومرض بدلاً من أن يكون عامل بناء وصحة .. عامل ضعف بدلاً من أن يكون عامل بناء وصحة .. وقد فعل الإنسان بالتربة والمياه وكل أجزاء البيئة مافعله بالهواء .
لقد شُغل الإنسان بتنفيذ مخططاته الصناعية والتنموية والعسكرية على حساب البيئة، كما نسي في خضم أعماله اليومية الكثيرة أحد المفاهيم المهمة جداً وهي أن أي ظلم أو تعد على البيئة يُعد ظلماً وتعدياً على الإنسان نفسه ، وإهدار لحقوقه الأساسية التي تتضمن حق كل إنسان في العيش في بيئة نظيفة وسليمة وصحية .
ويشمل ذلك حقه المشروع في الحصول على هواء نقي غير ملوث ، وماء صحي سليم بالإضافة إلى تربة سليمة ومنتجة يعيش عليها ويستفيد من منتجاتها وخيراتها.
وهكذا نجد أنه لا يجوز لأي إنسان أو مجتمع أن يعتدي على حقوق الآخرين في البيئة التي يعيشون فيها . ولا يحق لأي إنسان أن يلقي ملوثاته في الهواء أو الماء أو التربة مهما كانت الأسباب ، لأن الجميع شركاء في هذه الموارد البيئية .
إن الحفاظ على البيئة ونظامها الأيكولوجي وثرواتها هو مطلب إنساني مشترك ، وحق أساسي من حقوق الإنسان . وينبغي رعاية هذه البيئة والحفاظ عليها لضمان قدرتها على الاستمرار والقدرة على العطاء .
إن الدعوة إلى المحافظة على حقوق البيئة هي دعوة إلى ضمان حقوق الإنسان من أجل هذا الجيل ، ومن أجل بيئة مستدامة للأجيال القادمة …
د. أحمد عبدالقادر المهندس
صحيفة الرياض