هل يُقلِقك موضوع شحة الماء؟ وهل تعتبر ترشيد استخدامك له ضرورة؟
هل هاجس حفظ الماء معك مُنذ صغرك من خلال تربيتك؟
هل الأرقام الصادمة تحرّك مشاعرك أم تحرّك قراراتك؟
في هذا المقال نسلّط الضوء على اليوم العالمي للمياه الذي يوافق 22 مارس تحت شعار “المياه وتغيّر المناخ”، وتندرج تحته رسائل عديدة طرحتها الأمم المتحدة، نركّز على التالي منها: ” لا ينبغي الانتظار” و”لكل منّا دور يؤديه”.
إن كلا الرسالتين مهمتان ولابد من تفعيلهما معاً، فليس هناك متسع من الوقت يسمح لنا حكومات وأفرادا بالتخلّف عن الأدوار المطلوبة منّا أداؤها، فالعالم يشهد تسارعا ملحوظاً في حدّة التأثيرات تغير المناخ من زيادة حالات الفيضانات وما تُسبّبه من تدمير لمصادر المياه وشحتها وتلّوثها. ويمكن القول بأن الضحية الأولى لظاهرة التغيّر المناخي هو “الماء” إذا هو صار إما زائداً بكثرة أو شحيحاً للغاية. بمعنى أن ارتفاع درجة حرارة الكوكب أدى إلى زيادة تبخّر الماء وبالتالي زيادة هطول الأمطار، لكنَّ الإشكالية إن الأمطار ليست للجميع وفي كل مكان، وإنما اختلفت في شدّتها ومدتها وزمانها، ففي المناطق الرطبة ازداد فيها المطر، وفي المناطق الجافة قلّت كميتها، فازداد الجفاف قسوة. كما تغيرت مواسم الأمطار لدى بعض المناطق فباتت تهطل عليها الأمطار في غير موسمها الزراعي المعتاد، ومناطق أخرى امتدت فترة المواسم الزراعية لديها لأكثر من ذي قبل. إن الواقع الجديد مع تأثر الماء بقضية المناخ أشبه بحال الغني يصبح أكثر غناء والفقير يصبح أكثر فقراً !!.
ولو سلّطنا الضوء على الماء وتوافره عالمياً فإن الماء يُشكّل 72٪ من كوكبنا، إلا أن المياه العذبة نادرة للغاية فهي تُشكّل فقط 3٪، وثلثيها غير متاح للاستخدام كونها على شكل جليد، بمعنى أن سكان العالم كله لديهم أقل من 30% من ال 3% من المياه العذبة على الكرة الأرضية. علماً بأن 95% من هذه المياه العذبة تذهب للزراعة والبقية الباقية هي للصناعة ولنا سكان الأرض.
ومع قضية تغيّر المناخ، فإن الوضع يزداد تعقيداً في تفاقم أزمة المياه، وبحسب احصائيات الأمم المتحدة فإن 1.1 مليار شخص حول العالم يفتقر إلى إمكانية الحصول على المياه، ويجد 2.7 مليار شخص ندرة في المياه لمدة شهر واحد على الأقل من العام. إن الأرقام تبدو مخيفة، لكن لا يشعر بها غير المبتلين بأزمة المياه، فأنماط الحياة لكثير من الناس ممن اعتادوا على فتح الحنفية والماء يصلهم بسهولة ويسر – ولم يكابدوا مشياً وعناءً للحصول عليه – لازالت هي كما هي، فلا يجدون أنفسهم بأنهم جزء من الكل في هذا الكون وأنهم يؤثّرون ويتأثرون بمخزون الماء الكلي في العالم. لا ينبغي الانتظار والوقوع في الكارثة لنستيقظ ونشعر أن العالم مرتبط بعضه ببعض وتعم العوارض والنتائج على الجميع كما نحن عليه الآن في قضية مرض الكارونا،علينا العمل الآن لنوقف كارثة شحة المياه، فما بعد المياه حياة!
والمستغرب منه، إن أكثر البلدان إسرافاً في الماء هي ذات الإجهاد المائي العالي للغاية، فالدول الخليجية على سبيل المثال هي ضمن 17 دولة عالمياً في الإجهاد المائي.
إن ما اعتدنا عليه وصار “اعتياديا” لم يعد كذلك الآن، لابد أن يدق لدينا ناقوس الخطر لدينا، إذ إن 95 % من سكان العالم لم يعد لديهم الماء بالوفرة التي كانت لديهم من قبل. ما يُحتّم علينا كأفراد أن نقوم بواجبنا في حفظ الماء بدءا من الممارسات اليومية الاعتيادية كغسل اليدين والوضوء والاستحمام وغسل الأطباق، إذ لا زال الحس بإغلاق الحنفية خلال هذه العمليات يكاد يكون معدوماً. أيضا ممارساتنا الأخرى مهمة أيضا مثل اختيار نوعية النباتات التي نزرعها، وآليات الرّي الموفرة للماء، وفي شراء الأجهزة المنزلية الموفرة للماء، وفي ترشيد استخدام الطاقة (الكهرباء) لأن الطاقة والماء مرتبطان معاً، فإنتاج الطاقة الكهربائية يستهلك الماء في تبريد البخار الذي يدوّر التوربينات المولدّة للطاقة، وتوفير المياه وتحليته وضخه، كلها عمليات تستلزم الطاقة، والطاقة تعني إنتاج غازات دفيئة تفاقم ظاهرة تغيّر المناخ.
إن ارتفاع درجة حرارة الكوكب لم يحدث بسرعة، إنما على مرّ مئات السنين من خلال التطورات والاحداثيات التي قمنا بها نحن سكان العالم، وهي ليست بالفترة الطويلة فيما لو قارناها بما يقابلها من رسائل إخلافيه وعقائدية لدى العالم تحثهم على المسؤولية اتجاه كوكبنا الأرض والمحافظة على ثرواته. أي إن المسؤولية حس فطري أخلاقي موجود في فطرة كل واحد فينا، لكن الأهم، متى سنضغط على زر تفعيلها !!
منى العلوي
رئيسة جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية