تمتلك الطاقة الشمسية في تشيلي القدرة على توليد جميع الكهرباء المستهلكة، حيث يتمتع شمال تشيلي بأعلى معدل للطاقة الشمسية في العالم. ولا شك أن قدرة الطاقة الشمسية على توفير مصدر طاقة مجانا ولا ينضب، تشكل حافزا كبيرا للمجتمعات والحكومات الساعية للنمو لدرجة أنه في بعض الحالات تصدر شركات الطاقة بكل بساطة فواتير صفرية للعملاء. وفي الحالات الأكثر تطرفا حققت الطاقة المولدة من مزارع الطاقة الشمسية فائضا ضخما، ما اضطر الحكومات إلى تقديم الأموال للمواطنين للحصول على الطاقة الشمسية الفائضة.
وقد أصدر الكونجرس التشيلي قانونا مهما بخصوص نقل الكهرباء من شأنه المساعدة في تطوير مشاريع كل من الطاقة المتجددة والطاقة غير المتجددة. وبموجب هذا القانون الذي تم إقراره في الكونجرس في أكتوبر 2015 سيتم إنشاء نظام طاقة وطني مترابط جديد، إضافة إلى تعيين مشغل مستقل جديد.
وقد شهدت تشيلي طفرة في مجال الطاقة المتجددة في الآونة الأخيرة، كونها أول دولة في أمريكا اللاتينية تتجاوز قدرة الطاقة الشمسية الكهروضوئية فيها 1 جيجاوات في وقت سابق من هذا العام. ومع ذلك فقد شهدت بالفعل بعض مشاريع الطاقة الشمسية شمال وسط تشيلي انخفاضا كبيرا منذ أكتوبر 2015، وذلك بسبب ضعف نظام الطاقة والتأخير في محاولات تطوير وتوسيع نظام النقل في ظل الوقت الطويل الذي تستهلكه عمليات طرح المناقصات وإصدار التصاريح وتنفيذ أعمال البناء.
ويعد اللجوء إلى الطاقة الشمسية هو الخطوة المقبلة في حل قضايا الطاقة في العالم. وقد استثمرت بالفعل كل من البرتغال، وإيطاليا، وألمانيا، وتشيلي استثمارات ضخمة في مجال الطاقة الشمسية، إلا أن هذا النمو في بعض المناطق كان أكبر وأسرع من اللازم. ويمثل الانخفاض الهائل المتحقق في التكاليف حافزا كبيرا للمستهلكين، على الرغم من أن شركات الطاقة ليست سعيدة بهذا الانخفاض. وفي تشيلي – التي توشك على تحطيم الرقم القياسي المتحقق العام الماضي عندما سجلت 192 يوما من الكهرباء المجانية – يشعر المستثمرون بالإحباط بسبب الخسائر المالية واضطراب معدلات النمو. ويرى رافائيل ماتيو – المدير التنفيذي في قسم الطاقة في شركة “أكسيونا” أن “وجود كثير من المطورين في المكان نفسه لا يعد وضعا نوذجيا”.
ومما لا شك فيه أن البنية التحتية للطاقة التشيلية في حاجة شديدة إلى التطوير. ومع ذلك فإن ماكسيمو باتشيكو وزير الطاقة التشيلي يرى أن هذه المشكلات تمثل آلام نمو بسيطة. وتسجل تشيلي ما لا يقل عن سبع أو ثماني نقاط في خطوط النقل المنهارة والمتعطلة، وتواجه تحديا هائلا لتجاوز نقاط الاختناق. ومن المفهوم أنه عند الشروع في مسار النمو والتنمية مثلما تفعل تشيلي، تظهر مشكلات عديدة وتطفو إلى السطح. وعلى كل الأحوال فإن حقيقة إمكانية توفير الكهرباء مجانا لجزء هائل من سكان تشيلي أمر واعد جدا.
ومن المهم أيضا ضمان الشفافية والاستقلالية والكفاءة التقنية لتشغيل النظام الكهربائي. وستكون عملية إيجاد التوازن بين سعادة المستهلكين وأرباح قطاع الطاقة مضطربة في البداية. إلا أنه بمجرد تحقيق هذا التوازن يمكن التوصل إلى عالم من المجتمعات المكتفية ذاتيا بالطاقة الخضراء.
أما من يعتقد أن الدول لا يمكنها الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة فهو لم يعلم بعد أن أجزاء من دولة تشيلي منحت الطاقة الشمسية مجانا لمدة 113 يوما في العام الماضي. ووفقا لتقرير جديد صادر عن “بلومبرج” فمن المتوقع أن يزيد عدد أيام مجانية الطاقة الشمسية. ولمعالجة المعضلة الحالية تعتزم تشيلي بناء وصلة نقل بطول ثلاثة آلاف كيلومتر (1865 ميلا) بين الشبكتين بحلول عام 2017. وإضافة إلى ذلك يجري العمل على إنشاء خط بطول 753 كيلوجراما (468 ميلا) بهدف حل الضغط الشديد في الأجزاء الشمالية من الشبكة المركزية، حيث ينعم السكان بانخفاض تكاليف الطاقة الشمسية.
ووفقا لبلومبرج فإن المشكلة الأساسية هي تقسيم الدولة إلى شبكتي وسط وشمال منفصلتين، وهما حاليا غير مترابطتين على الإطلاق. وتعمل الحكومة التشيلية على ربط المنطقتين، بحيث يمكن نقل الطاقة الزائدة، وكذلك تحسين الاتصالات داخل مناطق الشبكة. ومع ذلك- وفي الوقت ذاته – ترى بلومبرج أن المستثمرين في قطاع الطاقة الشمسية يخسرون أموالهم، وأن الفوضى قد تلقي بظلالها على تمويل المشاريع المستقبلية.
د. هيثم باحيدرة – الاقتصادية