تهدف التنمية المستدامة إلى تلبية احتياجات الحاضر دون الإخلال بالقدرة على تلبية الاحتياجات المستقبلية، وتعني الطموح إلى غدٍ أفضل على جميع المستويات دون الإخلال بالبيئة ومواردها؛ حيث إن تحقيق التنمية رهين بما توفره البيئة من موارد فالعلاقة بين البيئة والتنمية علاقة قوية ومتبادلة من أجل الحفاظ على الأولى وضمان استمرارية الثانية. كما تهدف الاستدامة الاقتصادية من الغذاء إلى رفع الإنتاجية الزراعية من أجل تحقيق الأمن الغذائي. والتمتع بالأمن الغذائي يعني الحصول على الأغذية التي يحتاجها الفرد لممارسة حياة ملؤها النشاط والصحة في جميع الأوقات.
ولتحقيق الأمن الغذائي يتطلب من كل بلد أن يكون قادراً على إنتاج أو استيراد الأغذية التي يحتاجها، وبناء قاعدة إنتاجية في التوسع بالإنتاج الزراعي وتحسينه لضمان عدم التبعية السياسية والاقتصادية خاصة وأن الأمن الغذائي يعتبر أحد المكونات الرئيسة للأمن الاستراتيجي القومي.
ويعد القمح أهم محاصيل تحقيق الأمن الغذائي على المستوى العالمي. وفي دراسة تم تقديمها في الملتقى الخامس للجغرافيين العرب بجامعة الكويت عام 2009م بعنوان: الأمن الغذائي والقمح في المملكة العربية السعودية نحو تنمية اقتصادية مستدامة، ألقت الضوء حول معادلة تحقيق الأمن الغذائي والقمح في المملكة العربية السعودية من خلال الإجابة عن عدد من التساؤلات أهمها: هل يُنتج القمح في المملكة بكميات تفي بحاجة السكان؟ هل يستهلك سكان المملكة كميات من القمح تفوق الإنتاج المحلي وبالتالي يتم استيراده من الخارج؟ هل هناك سياسة معينة تنتهجها المملكة للمحافظة على القمح باعتباره أحد أهم محاور تحقيق الأمن الغذائي؟
وقد خلصت الدراسة إلى أن المملكة قد وصلت إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي ابتداءً من عام 1980م حيث تجاوز الإنتاج مليوني طن من القمح، وبدأت بتصديره للخارج لأكثر من أربعين دولة في مختلف قارات العالم منذ عام 1986م لما يتمتع به من جودة عالية منافسة في الأسواق العالمية، واحتلت المرتبة السادسة بين الدول المنتجة والمصدرة للقمح عالمياً، وقد تجاوزت الكميات المصدرة منه 18 مليون طن خلال عشرة أعوام تقريباً الفترة الممتدة ما بين عامي 1985-1996م حتى إيقاف تصديره عام 1996م.
وأوصت الدراسة إلى الاستمرارية في إنتاج القمح في المملكة لتحقيق الأمن الغذائي في ضوء ارتفاع سعره عالمياً لتراجع إنتاجه في بعض الدول بسبب شح المياه اللازمة للتوسع في زراعته، إضافة إلى زيادة عدد السكان في العالم، واستخدام القمح ومحاصيل الحبوب بشكل عام لإنتاج الوقود الحيوي كبديل للنفط كما يحدث في البرازيل حين اخترق سعر النفط حاجز الـ 100 دولار للبرميل. ولا تقف مشكلة انخفاض منسوب المياه الجوفية عائقاً أمام الاستمرارية في زراعته لتنويع الإنتاج ولتحقيق الأمن والأمان للمواطن بالتوسع في مشاريع تحلية مياه البحر في دولة تحيط بها مياه الخليج العربي من الشرق ومياه البحر الأحمر من الغرب، إضافة إلى مياه الصرف الصحي المعالجة، كما تعد أكبر منتج للنفط الخام بالعالم بطاقة إنتاجية وصلت 12.5 مليون برميل يومياً خلال عام 2013م.
أ.د فريال الهاجري
أستاذ التنمية الاقتصادية بجامعة الدمام
المصدر: صحيفة “اليوم”