لم تغفل قمة الدول الصناعية «السبع» الكبرى التي انعقدت خلال يومي 7 و8 من شهر يونيو الحالي في جبال الألب البافارية في ألمانيا قضية خفض الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري من جدول أعمالها، حيث خصص قادة مجموعة السبع قسما كبيرا من مناقشاتهم لهذه المعضلة قبيل محادثات المناخ التي ستجريها الأمم المتحدة في باريس في نهاية عام 2015 والدعوة إلى الاتفاق على الحد من ارتفاع متوسط درجات كوكب الأرض بواقع درجتين مئويتين ما قبل مستويات الحقبة الصناعية.
أصبح الحديث عن المناخ وقضاياه المقلقة والمؤرقة هما يوميا في مختلف بقاع الأرض للعمل يدا بيد بسبب زيادة الكوارث التي شهدتها مناطق متعددة في العالم سواء من أعاصير وفيضانات تحمل الدمار الكامل للقرى وموجات من الجفاف وتهدد ملايين البشر، ويكون حصيلة هذه الكوارث اولا: هجرة السكان وثانيا: تدهورا في إنتاج الغذاء، وثالثا: تراكما لمآسي انسانية كنقص في أدنى ظروف الحياة الانسانية. ناهيك عن ان هذه «الهجرة البيئية» الناتجة من الاضطرابات المناخية تفرض نفسها على الأمن والاستقرار السياسي وتهدد دول الجوار. وأصبح الآن معروفا ان التعامل مع البيئة من قبل المجتمعات الصناعية سواء على أراضيها وبحارها واجوائها أو في البلدان النامية، وحتى عهد قريب، كمصدر طبيعي «الهواء، الماء، الحرارة، التخلص من النفايات» لا يأخذ بالحسبان التكلفة المالية والاقتصادية ولا تدون في بنود حسابات المشاريع الصناعية والتجارية. كما ترسم انعكاسات ذلك منحنى لا صلة له بالحياة الاجتماعية والحياتية، بل إن الآثار السلبية للاستغلال البشع للطبيعة سطرت وتيرة تناسل سريعة والقت على كوكب الأرض بعبء تلوث ثقيل وتدهور بيئي خطير.
إن الدعوة إلى اتفاق على حد لارتفاع متوسط درجات حرارة الأرض بواقع درجتين مئويتين فوق ما قبل الحقبة الصناعية، هو الهدف المراد الوصول اليه في مؤتمر باريس في ديسمبر القادم والذي سيضم أكثر من 190 دولة. وقد لا يرى هذا الهدف النور ولن يعتد به إلا بالالتزام بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري حيث إن هذا الهدف قد تم الاتفاق عليه سابقا في مؤتمر كوبنهاجن في عام 2009.
وبالمقابل لازال هناك تخوف يسود البلدان ذات الأراضي المنخفضة من ارتفاع درجات الحرارة، وإن التزايد الحراري بواقع درجتين يشكل خطرا كافيا في تهديد مستقبلها بناء على مستوى الانبعاث الحراري الحالي والمقدر بأربع درجات مئوية على مستوى العالم. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بصورة ملحة ومستمرة هو: هل ستظل الانتهاكات الدائمة للبيئة لا تراعي إلا توجهات الاقتصاد ودون مراعاة لصفة الاستدامة للموارد الطبيعية، أو أن عمليات شد الحبل بين الأطراف المتنازعة على استغلال خيرات الأرض خالية من العاطفة؟ صحيح هذا السؤال يحمل في جوفه صفة المثالية ولكنه بلا شك أقل تدميرا.
د. هاشم الباش – صحيفة الأيام