تمكن وباء إيبولا من حصد أرواح المئات وأصاب مئات أخرى بسيراليون. لكن لولا الشرارة التي أشعلتها طبيبة شعبية كانت تدعي القدرة على شفاء الحمى النزفية لما تجاوزت هذه الجائحة الحدود واجتذبت مرضى من غينيا المجاورة.
وإيبولا مرض فيروسي يؤدي إلى الإصابة بحمى نزفية، وينتج عن الإصابة بأحد خمسة أنواع من فيروس إيبولا. كما يؤدي إلى وفاة ما بين 25 و90% من المصابين، بحسب نوع الفيروس.
وأوضح أكبر مسؤول طبي بكينيما (شرق سيراليون) محمد فاندي -حيث انطلقت شرارة الوباء في البلاد- أن هذه الطبيبة التي تداوي بالأعشاب من قرية سوكوما النائية القريبة من الحدود الغينية “كانت تؤكد أنها قادرة على الشفاء من إيبولا”.
وأضاف أن مرضى من غينيا كانوا يجتازون الحدود لتلقي العلاج على يد هذه الطبيبة. وقال إنها أصيبت بالعدوى وما لبثت أن ماتت وخلال جنازتها انتقلت العدوى إلى نساء من المناطق المجاورة.
ثم تفرق المشاركون في الجنازة عبر تلال المنطقة الحدودية، فحصلت وفيات بالجملة تلتها مراسم دفن كبيرة جراء الإصابات الجديدة بالعدوى.
وتحولت هذه الشرارة إلى وباء لدى وصوله يوم 17 يونيو/حزيران الماضي إلى مدينة كينيما المتعددة الإثنيات التي يبلغ عدد سكانها 190 ألف نسمة. وتشتهر هذه المدينة بالرقم القياسي العالمي المحزن لحمى لاسا، وهي نوع آخر من الحمى النزفية القريب من إيبولا.
ورغم خبرته في معالجة هذا النوع من الأمراض، عجز مستشفى كينيما القديم عن مقاومة شراسة هذا الوباء الجديد.
وتعطي صور الممرضات اللواتي توفين والمعلقة على لوحات الإعلانات على الجدران المقشورة للمستشفى، صورة مرعبة عن الجهود المبذولة لمعالجة إيبولا.
ويبلغ عدد الممرضات 12 بين 277 وفاة سجلت منذ استقبال الحالة الأولى في مستشفى كينيما. وقد أصيب عشرة آخرون بالعدوى ثم شفوا.
ويضم المستشفى وحدة العزل الوحيدة في العالم لحمى لاسا، وتختلف عن المبنى الرئيسي الذي تتوفر لديه الآن شعبة بنيت على عجل لعزل المصابين بوباء إيبولا.
وقال فاندي إن الممرضات المتوفيات واللواتي نجون لم يعرفن أنهن كن مصابات بالعدوى. فوباء إيبولا جديد في المنطقة ويتم التعرف عليه تدريجيا.
وكانت مبالو فوني المسؤولة منذ أكثر من 25 عاما عن قاعة معالجة حمى لاسا، نجت من هذه الحمى النزفية لكنها لم تنج من إيبولا الذي انتقل إليها الشهر الماضي من أحد المرضى، وتوفيت بعد بضعة أيام.
وهذه الوفاة ووفاة ممرضتين أخريين وسائق سيارة إسعاف، حملت مئات الممرضات على إعلان الإضراب احتجاجا على سوء إدارة مركز معالجة إيبولا.
وقال فاندي إنه في كل مكان يتفشى فيه إيبولا للمرة الأولى يصيب نسبة عالية من العاملين في المجال الصحي. وحذر من أن إيبولا مميت وفتاك. وتنتقل العدوى به لدى حصول أدنى خطأ.
وقد توفي الخبير في الأمراض الوبائية ورائد مكافحة إيبولا في سيراليون عمر خان الشهر الماضي بعدما أنقذ مئات الأرواح، وتوفي العديد من الممرضات منذ ذلك الحين.
وتضم وحدة معالجة إيبولا 80 سريرا أي ما يفوق ضعف قدرتها تقريبا. والعاملون فيها متطوعون، ورفض عدد كبير من الممرضات العمل فيه.
وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد من أصيب بإيبولا منذ بداية العام بلغ 848 شخصا في سيراليون وأدى إلى وفاة 365.
الجزيرة