تعاني النباتات الطبية في بلدان “الربيع العربي” بشكل خاص من عدة مخاطر في مقدمتها الاستخدام العشوائي والتغيرات المناخية القصوى وغياب الرقابة عليها.
حراس الغابات والمحميات الطبيعية والثروة النباتية البرية في كل الدول العربية التي هبت عليها نسمات الثورات أو الانتفاضات العربية غير راضين تماما هذه الأيام عن عدم وجود وعي شعبي وإداري وسياسي بالمخاطر التي أصبحت تهدد النباتات العطرية البرية. ويكمن تحديد أهم هذه المخاطر في ثلاثة وهي التقلبات المناخية القصوى واستغلال هذه النباتات استغلالا عشوائيا في الداخل وتعزز الشبكات التي تهربها إلى الخارج لاستخدامها في أغراض متعددة.
وهناك اليوم إجماع لدى خبراء الثروة النباتية العربية على أن النباتات الطبية البرية في صدارة الموروث النباتي المهدد بالانقراض بسبب احتداد فترات الجفاف التي تطول. ونظرا لأن غالبية أتربة المناطق الطبيعية العربية يتحكم فيها مناخ جاف أو شبه جاف، فإن ذلك من شأنه التأثير سلبا في المستقبل على هذه الثروة.
ولوحظ أن تزايد استغلال النباتات الطبية البرية بشكل عشوائي في البلدان التي عرفت ثورات أو احتجاجات يعزى إلى عدة أسباب منها غياب الرقابة على الثروات النباتية الواجب الحفاظ عليها واحتداد ظاهرة البطالة التي تدفع بكثير من العاطلين عن العمل في الأرياف والقرى وحتى المدن إلى الانتقال فرادى وجماعات إلى المناطق الجبلية أو الصحراوية أو شبه الصحراوية لاقتناء كميات كبيرة من الأعشاب الطبية وبيعها .
واتضح أن ثروة النباتات الطبية البرية تضررت كثيرا لأن كثيرا من جامعيها من الذين ليست لديهم معرفة بطرق جمعها يعمدون إلى قلعها بجذورها ظنا منهم أن كل ما في العشبة الطبية يصلح مادة يتداوى بها. وفي ذلك خطر كبير على التنوع الحيوي والتوازن البيئي.
وبالرغم من أن أساتذة العلوم الطبيعية يحذرون دوما من مخاطر التداوي بالأعشاب البرية انطلاقا من وصفات المشعوذين ويدعون إلى ضرورة الاحتكام إلى الأخصائيين الحقيقيين، فإن تنامي أزمة المصداقية في طريقة إدارة مؤسسات العلاج الحديث جعل سوق التداوي بالأعشاب حسب وصفات غير دقيقة سوقا رائجة هذه الأيام في بلدان الربيع العربي.
ونظرا لتدني آليات الرقابة على الثروة النباتية والحيوانية البرية، فقد ازدهرت سوق تهريب النباتات الطبية إلى الخارج لأنها تدر على مهربيها أموالا هامة ولأنها تسمح باستخدامها بكلفة منخفضة في أغراض شتى منها صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل والبهارات والتوابل.
فرانس 24