تعدد المصادر العلمية فوائد كثيرة للصيام كطرح الجسم لسمومه والتخلص من جراثيمه ودهونه الضارة، وإراحة أعضاء الجسم فسيولوجيا، وصيانة أنسجته، وتجديد خلايا الأعضاء الحيوية، وتعزيز المناعة والذاكرة، وتحسين أنظمة الإحساس ووقاية جهاز المناعة والكبد أيضا.
كما يساعد الصيام في الشفاء من أمراض مزمنة كالربو والسعال التحسسي والتهابات الجهاز التنفسي وعسر الهضم وبعض حالات السكري، ويقلل مخاطر مقاومة الإنسولين المؤدية إلى داء السكري ومرض الشريان التاجي، ويحسّن أداء هرمونات النمو والذكورة والحيوانات المنوية.
لكن بعض المرضى يحتاجون إلى رعاية إضافية خلال شهر الصيام بسبب حساسية أمراضهم، كمرضى القلب وضغط الدم والفشل الكلوي والسكري. وينبغي لهم استشارة أطبائهم للتأكد من أن الصيام لن يفاقم أحوالهم المرضية، أو في الحد الأدنى أخذ نصيحتهم في طريقة التكيّف معه طبيا، بما في ذلك ضبط مواعيد الغذاء والدواء، علما بأن الاختلافات الفردية هي القاعدة العامة.
والمعلوم أن الصيام تحت ظروف شاقة، كامتداد ساعات النهار وشدة ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والعمل في الأماكن المفتوحة الحارة أو المغلقة الرطبة سيئة التهوية، يسبب إجهادات ملموسة ترفع مستويات سكر الدم لدى مرضى السكري، مما يؤكد ضرورة مراقبتها بالفحص والمتابعة المتواصلة، والتأكد من كفاية جرعات الدواء وحقن الإنسولين الموصوفة للمريض عند تناول وجبات الإفطار والسحور. ويفضل تقليل طعام الوجبة الواحدة وتكرار الوجبات الصغيرة.
ورغم تحسين الصيام لأحوال مرضى الضغط والقلب والسكري عموما، فإنه قد يسبب لهم إجهادات تؤدي بدورها إلى ارتفاع ضغط الدم ومستويات الكولسترول، نظرا لإطلاق هرمونات الإجهاد في ظروف الصيام الشاقة. وينبغي مراجعة الطبيب بشأن الحمية الغذائية المناسبة وتعديل مواعيد وجرعات الدواء.
الساعة البيولوجية
بالنسبة للمرضى النفسيين والعصبيين والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية والعصبية، تؤدي النشاطات الروحية المعتدلة دائما إلى تحسن عام في أحوالهم الصحية، لكن الإجهادات الناجمة عن قلة النوم خاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان قد تؤثر سلبا على الساعة البيولوجية للجسم، مما قد يؤدي إلى اندلاع أمراض نفسية كامنة، أو انتكاس أي حالات مرضية متحسنة.
ومن ناحية أخرى، يعتبر شهر الصيام فرصة جيدة لفقدان الوزن ولاكتساب الوزن أيضا بسبب كثرة الولائم والتركيز على الأطعمة عالية الدهون والسكريات والسعرات الحرارية، وتشكل بمجملها حمية غذائية غير متوازنة وغير صحية قد تفاقم الأحوال المرضية المذكورة أعلاه، وتبدد معظم المزايا الصحية المتوخاة من حكمة الصيام.
ويحذر أهل الاختصاص من المشروبات شديدة البرودة والحرارة لأنها تستفز ردود فعل عصبية سلبية في المعدة، وتعوق عملية الهضم وتسبب عسره. ويوصون بمراقبة الوزن باستمرار تجنبا للزيادة غير المرغوبة واستدراك ذلك بالحمية الغذائية المناسبة لخفض الوزن.
يتأثر مريض الفشل الكلوي إيجابيا بالصيام إذا أدى إلى انخفاض الوزن والنشاط الأيضي الإجمالي، لكنه يتأثر به سلبا وبشدة إذا أدى إلى الجفاف، حيث تؤدي شدة الجفاف إلى إصابة الشخص السليم بالفشل الكلوي. وينبغي لمرضى الكلى والمسنين إجمالا استشارة الطبيب فيما يتعلق بقدرتهم على الصيام.
في أجواء الصيف الحارة، يفطر كثير من الصائمين بشرب كميات كبيرة من الماء والعصائر والمشروبات الباردة الأخرى قبل تناول طعام الإفطار، مما يربك المعدة فورا، ويتفاقم الأمر بتناول الطعام عالي الدهون والنشويات.
بيد أن الأصح هو شرب كميات معقولة من السوائل، وبشكل متتابع خلال ساعات الليل. وذلك أمر بالغ الأهمية لصحة وظائف الكلى، خاصة لدى الأشخاص المسنين الذين ينسون غالبا شرب الكفاية من الماء والسوائل، وبالتالي يكونون أكثر عرضة لمشكلات الجفاف وارتفاع درجة حرارة الجسم (الهابيرثرميا) ومضاعفاتها على الكلى ووظائف الأعضاء.
المصدر: مازن النجار
الجزيرة نت