الملايين من المرضى يتوقون لصيام شهر رمضان ولا يستطيعون، وعليهم استشارة الطبيب قبل البدء بالصيام. كما ينبغي عليهم اتباع نظام غذائي سليم بحيث يكون الطعام غنيا بالكربوهيدرات البطيئة الهضم، وتجنب الأغذية سريعة الاحتراق.
الأغذية المفيدة التي تهضم ببطء هي تلك التي تحتوي على الحبوب مثل القمح والشوفان والفول والعدس، والطحين الأسمر والخبز الأسمر، أما الأغذية سريعة الاحتراق فتلك الحاوية على السكر الأبيض والطحين الأبيض وغيرها. أما الأغذية الغنية بالألياف فهي الحبوب بقشورها، والبقول، والخضراوات كالبازلاء والفول والفاصوليا والسبانخ، والفواكه مثل التين والمشمش وغيرها. وينبغي الحرص على تناول غذاء متوازن يحتوي على الخضراوات والفواكه والنشويات واللحم خاصة الدجاج والسمك. أما الأغذية المقلية فهي غير صحية، وينبغي تحديد تناولها فقد تسبب عسر الهضم وازدياد الوزن.
يعتبر الصوم راحة للجسم في الدرجة الأولى، وراحة لأعضاء أنهكها الإفراط في الطعام، فيمنحها الفرصة لإصلاح ما أصابها من عطب وأذى، ويعطيها مهلة كافية تطرح فيها السموم والفضلات، وتصبح جاهزة لعام جديد. ومع إطلالة كل رمضان تتكاثر الأسئلة من المرضى، أو من ذويهم: ما هو الغذاء الصحي في رمضان؟ وهل وزنك، في رمضان، يزداد أم ينقص؟ إلى أي درجة تتعرض للغضب في رمضان؟
هل تعاني، أيها المدخن، عند إقلاعك عن التدخين وأنت صائم؟ هل يستطيع المصاب بالقرحة المعدية الصيام؟ من هو مريض السكر الذي لا يستطيع الصوم؟ ما موقف المريض المصاب بفشل القلب والمصاب بالذبحة الصدرية من الصوم؟ كيف يستخدم مريض الربو البخاخات؟
هل يصوم مريض الحصيات ومريض الفشل الكلوي؟ ماذا عن صوم الحامل والمرضع؟
نقلت «صحتك» هذه الأسئلة وغيرها إلى الأستاذ الدكتور حسان شمسي باشا استشاري أمراض القلب في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة زميل الكلية الملكية للأطباء في لندن وآيرلندا وغلاسكو زميل الكلية الأميركية في أمراض القلب، فأجاب عنها، موضحا في البداية أن من المؤسف أننا نرى رمضان قد أصبح مجالا للترف والإسراف والذي من أحد مضاعفاته زيادة الوزن التي أصبحت شكوى عامة بعد انتهاء شهر رمضان. ولو تساءلنا من أين جاءت هذه الزيادة لعلمنا أن استهلاكنا من المواد السكرية والدهنية قد تضاعف، وتراكمت في جسم الإنسان على هيئة دهون لا فائدة منها، بل تؤدي إلى نشوء أمراض القلب والسكر وارتفاع ضغط الدم.
* إنقاص الوزن ومع ذلك فقد جاءت بعض الدراسات العلمية لتؤكد أنه على الرغم من عدم التزام الكثير من المسلمين بقواعد الإسلام الصحية في غذاء رمضان، وإسرافهم في تناول الأطباق الرمضانية الدسمة والحلويات، فإن الصيام قد استطاع إنقاص الوزن بمعدل 2 – 3 كلغم. وفي هذا دلالة واضحة على أنه إذا ما التزم الصائم نظاما صحيا سليما في غذائه في رمضان، فإن ذلك سيؤدي إلى خفضٍ أكبر للوزن، وإلى التخلص من البدانة وما فيها من مساوئ.
* غذاء رمضان
* هل غذاؤك صحي في رمضان؟ ينبغي ألا يختلف غذاؤنا في رمضان كثيرا عما هو عليه الحال في الأشهر الأخرى، بل ينبغي أن يكون أبسط في مكوناته. ويوصي خبراء التغذية بأن يكون الطعام غنيا بالكربوهيدرات البطيئة الهضم، وتجنب الأغذية سريعة الاحتراق.
والأغذية المفيدة التي تهضم ببطء هي تلك التي تحتوي على الحبوب مثل القمح والشوفان والفول والعدس، والطحين الأسمر والخبز الأسمر. وهذه الأغذية يطلق عليها اسم الكربوهيدرات المعقدة. أما الأغذية سريعة الاحتراق فتلك الحاوية على السكر الأبيض والطحين الأبيض وغيرها.
والأغذية الغنية بالألياف هي الحبوب بقشورها، والبقول، والخضراوات كالبازلاء والفول والفاصوليا والسبانخ، والفواكه مثل التين والمشمش وغيرها.
وينبغي الحرص على تناول غذاء متوازن يحتوي على الخضراوات والفواكه والنشويات واللحم (خاصة الدجاج والسمك). أما الأغذية المقلية فهي غير صحية، وينبغي تحديد تناولها فقد تسبب عسر الهضم وازدياد الوزن.
* نصائح غذائية
* وإليك بعض النصائح السريعة لنظام غذائي سليم:
– تجنب الأطعمة المقلية والدهنية وقلل من اللحوم قدر الإمكان.
– افطر على رطبات أو بضع تمرات وماء.
– احذر الإفراط في الطعام، وخاصة في وجبة الإفطار. وتظل النصيحة المثلى في رمضان وغير رمضان، وفق الآية الكريمة «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا».
– قلل من سكر الطعام قدر الإمكان، واستعمل العسل في تحلية بعض الأطعمة بدلا من السكر، واستعمل التمر بدلا من الحلوى.
– لا تفرط في شرب القهوة والشاي في وقت السهرة، فالقهوة والشاي يجعلانك تطرح كمية أكبر من البول مع الأملاح التي يحتاجها الجسم خلال وقت النهار.
– تناول الكربوهيدرات المعقدة التي ذكرناها سابقا.
– اشرب عصائر الفواكه غير المحلاة وتجنب المشروبات الغازية.
– مارس نشاطا بدنيا منتظما، وتجنب النوم بعد الإفطار.
– تسحروا فإن في السحور بركة، ولو بكأس من الماء. وينصح أن تحتوي وجبة السحور على أطعمة سهلة الهضم كاللبن الزبادي أو الحليب والخبز والعسل والفواكه وغيرها.
* الغضب في رمضان
* من المؤسف أن تجد بعض الناس في رمضان تضيق صدورهم فلا يكظمون غيظا، ولا يحسنون تصرفا، وذلك كله بحجة أن الصيام أفقدهم القدرة على التحكم بأنفسهم.
فالغضب يزيد من إفراز هرمون يدعى الأدرينالين أضعافا مضاعفة، وهذا الهرمون يسرع من ضربات القلب، ويرفع ضغط الدم، ويعزز أهبة الإنسان للعراك أو الفرار. وليس هذا فحسب، بل إن زيادة هرمون الأدرينالين يمكن أن تزيد التأهب لحدوث نوبة من نوبات الذبحة الصدرية عند المصابين بهذا المرض. وكثيرا ما يشكو هؤلاء المرضى من انقباض في الصدر عند انفعالهم أو عندما يغضبون فتثور عندهم الشكوك بأزمة في القلب!
* فرصة المدخنين
* المدخنون الذي يريدون الإقلاع عن التدخين سوف يجدون في الصيام فرصة للتدريب على ذلك. ويكفي أن نذكّر أولئك المدخنين أن السيجارة تحتوي على أكثر من 4000 مركب كيميائي، خمسون مادة منها تسبب السرطان، ومنها ما يدمر شرايين القلب فيصاب المرء بجلطة في القلب وهو لا يزال في ريعان الشباب، ومنها ما يخرب الشعب الهوائية أو ما يصيب شرايين الأطراف.
* المرضى في رمضان
* ورغم أن هناك ما يربو على 400 مليون مسلم يصوم هذا الشهر العظيم، فليس كل أولئك الصائمين من الأصحاء! فهناك الملايين من المرضى الذين يتوقون لصيام شهر رمضان ولا يستطيعون.
ومع إطلالة كل رمضان تتكاثر الأسئلة من المرضى، أو من ذويهم، فيما إذا كان المريض يستطيع الصوم أم لا. والبعض يقع فريسة أوهام، فيصوم أو يفطر دون الرجوع إلى طبيب. ومن الأمراض ما تتحسن بالصيام، ومنها ما تزداد سوءا بالصيام.
* مرضى الجهاز الهضمي
* من المؤسف حقا أن يتخم الكثير منا نفسه عند الإفطار بشتى فنون الطعام والشراب، فيحوّل سعادة المعدة والأمعاء إلى مشقة وعناء. وكثير من الناس يشكو «عسر الهضم»، وهي كلمة شائعة تشمل عددا من الأعراض التي تعقب تناول الطعام، كألم البطن وغازاتها، والتجشؤ والغثيان، وخاصة عقب تناول وجبة كبيرة، أو عقب تناول طعام غني بالدسم أو البهارات. وعادة ما تتحسن أعراض هؤلاء بصيام رمضان شريطة ألا تكون لديهم قرحة حادة في المعدة، أو التهاب في المريء، وشريطة تجنب الإفراط في تناول الطعام عند الإفطار.
وقد يستطيع المصاب بالقرحة المعدية الصيام إذا كان يتناول أدويته بانتظام ولا يشكو من أية أعراض. ولكن على مريض القرحة الإفطار إن كان أصيب بقرحة حادة، يشكو فيها من الألم عند الجوع، أو ألم يوقظه من النوم، أو في حال حدوث انتكاسة حادة في القرحة المزمنة. وكذلك الأمر عند الذين تستمر أعراض القرحة عندهم رغم تناول العلاج بانتظام.
* مريض السكري
* يقدر الباحثون أن هناك 8 ملايين مسلم مصاب بمرض السكري يصومون شهر رمضان كل عام. وتشير الدراسات الحالية إلى أنه لم تحدث أية مشاكل مهمة عند صيام مرضى السكري من النوع الثاني (الذين يتناولون الحبوب الخافضة لسكر الدم) والمسيطر عليه ولكن لا بد من استشارة الطبيب. فالذين يتناولون جرعتين من الأقراص الخافضة لسكر الدم ينصحون عادة بتناول الجرعة الأولى عند الإفطار (وهي الجرعة التي كانت تؤخذ عند الصباح)، أما الجرعة الثانية فتؤخذ عند السحور، وتكون عادة نصف الجرعة التي كان يأخذها في المساء.
أما المرضى الذين يتناولون الأنسولين – خاصة الجرعات العالية من الأنسولين – فلا ينصحون عادة بالصيام. وقد يصر بعضهم على الصيام، فلا بد من استشارة الطبيب قبل ذلك.
من هو مريض السكر الذي لا يستطيع الصوم؟ تشمل هذه الفئة مريض السكري الشبابي، والمصاب بمرض السكر غير المستقر، والحامل المصابة بالسكري، ومريض السكري الذي يحقن بكمية كبيرة من الأنسولين، أو الذين يتعاطون الأنسولين مرتين يوميا.
وينبغي التنبيه على وجوب قطع الصيام فورا عند حدوث أعراض نقص السكر مهما كان قرب موعد المغرب. كما ينصح هؤلاء المرضى بتقسيم وجباتهم إلى ثلاثة أجزاء متساوية: الأول عند الإفطار، والثاني بعد صلاة التراويح، والثالث عند السحور. ويوصى بتأخير السحور إن أمكن. كما ينبغي التحذير من الإفراط في الطعام، وخاصة الحلويات أو السوائل المحلاة وما شابه.
* مريض القلب
* لا شك أن في الصيام فائدة عظيمة لكثير من مرضى القلب، وذلك لأن عشرة في المائة من كمية الدم التي يدفع بها القلب إلى الجسم تذهب إلى الجهاز الهضمي أثناء عملية الهضم. وكثير من مرضى القلب يصومون في رمضان دون مشاكل تذكر. ولكن ينبغي دوما استشارة الطبيب – كما في كل الأمراض الأخرى – لتقرير من يصوم ومن لا يصوم.
وقد نشرتُ بحثا في مجلة Saudi Medical Journal عام 2004 أجري في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة على 86 مريضا مصابا بأمراض القلب المختلفة. وكان وضع هؤلاء المرضى الصحي مسيطرا عليه بشكل جيد بالأدوية.
وقد استطاع 86% من هؤلاء صيام كل شهر رمضان. ومع نهاية شهر رمضان، شعر 78% منهم بتحسن في حالتهم الصحية، في حين شعر 11% منهم بازدياد الأعراض التي كانوا يشكون منها. وتبين أن معظم المرضى المصابين بأمراض القلب والمستقرين من الناحية الصحية يستطيعون صيام شهر رمضان بدون أية مشاكل تذكر، شريطة تناولهم لأدويتهم بانتظام.
ويستطيع، عادة، مريض ارتفاع ضغط الدم الصيام. ولحسن الحظ، فإن معظم أدوية الضغط تعطى مرة أو مرتين في اليوم، فيتناولها المريض وقت السحور وعند الإفطار. وأما المصاب بفشل (هبوط) القلب فينصح بعدم الصيام إذا كان بحاجة إلى تناول مدرات بولية بجرعات عالية.
والمصابون بالذبحة الصدرية المستقرة يمكنهم الصيام عادة شريطة تناول الدواء بانتظام. أما الذين يحتاجون إلى تناول الأقراص تحت اللسان أثناء النهار فلا ينصحون بالصيام. كما لا ينصح مرضى جلطة القلب في الأسابيع الستة الأولى بالصيام عادة.
* مريض الربو
* إذا كانت حالة مريض الربو مستقرة ولا يحتاج إلى تناول البخاخ أثناء النهار، أمكنه الصيام. ولكن قد يحتاج مريض الربو إلى تناول بختين أو أكثر من بخاخ الربو عند الإحساس بضيق في الصدر، يعود بعدها إلى ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي. فلا ينبغي للمريض عند حدوث الأزمة متابعة الصيام بل عليه تناول البخاخ فورا. ومن العلماء الأفاضل من أفتى بأن هذه البخاخات لا تفطر.
* مريض الكلى
* لا بد لمريض الكلى من استشارة طبيبه قبل دخول رمضان للتحقق من إمكانية صومه أم لا، فالصيام قد يكون عبئا على المريض المصاب بالفشل الكلوي، وخصوصا في المناطق الحارة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة البولة الدموية والكرياتينين في الدم. ولهذا ينصح مرضى الفشل الكلوي المزمن عادة بعدم الصوم. وعموما ينصح مرضى الحصيات الكلوية بوجوب تناول كمية وافرة من السوائل ما بين الإفطار والسحور، وتجنب تعرضهم للمجهود المضني أثناء النهار أو للحر الشديد.
* صيام الحامل والمرضع
* أوضحت الدراسات العلمية الحديثة أن صيام رمضان يؤدي إلى تغيرات فسيولوجية وكيميائية عند الحامل، ولكنها لا تؤثر على الحامل سليمة البدن، والتي لا تشكو من أية أعراض عضوية.
ومع ذلك لا يمكن إطلاق قول حاسم على كل الحوامل والمرضعات بحيث نقول إن الحامل أو المرضع تستطيع الصيام، وأخرى لا تقدر عليه. وعلى كل حال فإذا ما شعرت الحامل أو المرضع بصداع شديد أو إجهاد عام، فعليها استشارة الطبيب فقد يكون هناك أمر غير طبيعي. ويعود تقرير صيام الحامل في شهر رمضان إلى الطبيبة أو الطبيب الأخصائي المسلم.
وخلاصة القول في موضوع الصيام أن تقرير إمكانية الصيام أو عدمه ليس بالأمر السهل، ولا يمكن تقرير قواعد عامة لجميع المرضى، بل ينبغي بحث كل مريض على حدة، ولا يتيسر ذلك إلا للطبيب المختص، فهو يملك ما يكفيه من المعطيات التي تمكّنه من نصح مريضه بإمكانية الصوم أو عدمه، فلا بد من استشارة الطبيب قبل اتخاذ أي قرار في الصيام.
المصدر:
د. عبد الحفيظ خوجة
الشرق الاوسط