قال باحثون أمريكيون إن أطول تجربة لمعالجة أمراض العيون بزرع الخلايا الجذعية المأخوذة من جنين آدمي أظهرت أن الخلايا التي زرعت لم تسبب للمرضى أياً من المشاكل التي خشيها العلماء مثل ظهور أورام، كما أدت إلى زوال عمى جزئي في نحو نصف الأعين التي زرعت فيها .
تساعد النتائج التي نشرت في دورية “لانست” في تنشيط المساعي المثيرة للجدل لاستغلال الخلايا الجذعية التي لها القدرة على التحول إلى أي من مئتي نوع من الخلايا البشرية لعلاج أنواع أخرى من الأمراض .
ووصف الدكتور أنتوني أتالا من معهد ويك فورست للطب التجديدي التجربة بأنها “إنجاز مهم” .
وكان الهدف الرئيسي من هذه التجربة، والتي تمثلت في دراسة صغيرة، هو تقييم درجة سلامة الخلايا الجذعية المزروعة في العيون .
ومن المقرر إجراء تجربة سريرية أكبر في وقت لاحق من العام الجاري .
وقال الدكتور روبرت لانزا كبير الباحثين بمعهد تكنولوجيا الخلايا المتقدمة في الولايات المتحدة الذي قدم الخلايا للدراسة وقام بتمويلها، إن النتائج التي توصلت إليها تقدم أول دليل في البشر المصابين بأي مرض على السلامة في المدى الطويل .
ووصف خبير الخلايا الجذعية دوشكو إيليتش من جامعة كينجز كوليدج بلندن -الذي لم يشارك في الدراسة- النتائج بأنها مشجعة، إلا أنه حذر من أنه حتى مع نجاح التجربة السريرية الأكبر المقررة في وقت لاحق هذا العام فإن الأمر سيستغرق سنوات قبل أن يصبح العلاج متاحا .
يشار إلى أن هناك محاولات عديدة تم فيها زرع الخلايا الجذعية لمعالجة أمراض العيون المختلفة . وقد قطعت الأبحاث العلمية الطبية أشواطاً رائدة في علاج أمراض العين باستخدام الخلايا الجذعية لإنقاذ المرضى المهددين بالعمى الذين يتجاوز عددهم حول العالم ثلاثة ملايين شخص .
وفي هذا الإطار أثبتت دراسة أجراها باحثون في مركز تقنية الخلايا المتقدمة في مدينة مالبورو بالولايات المتحدة سلامة علاج مبتكر لفقدان البصر بصورة تدريجية، وذلك بعد 3 سنوات من حقن مرضى بخلايا جذعية مشتقة من أنسجة جنينية .
وواجه أكثر من نصف المرضى المصابين بمرض التنكس البقعي، الذي تتعرض فيه الخلايا الحساسة للضوء في شبكية العين للتلف بصورة تدريجية نتيجة لمرض السكري أو التقدم في السن، تحسناً ملحوظاً في بصرهم، ولم تظهر أي آثار سلبية ناجمة عن زرع الخلايا الجذعية .
وذكرت الدراسة أن الهدف العاجل من التجارب الإكلينيكية كان اختبار سلامة وتحمل المرضى للعملية، التي شملت حقن المرضى بثلاث جرعات مختلفة من الخلايا الجذعية .
كما طور علماء أرجنتينيون طريقة طبية وعلمية جديدة تبشر بثورة في علاج فقدان البصر، من خلال إعادة زرع خلايا جذعية دهنية في شبكية العين لفئران مريضة عانت فقدان البصر .
وقال العلماء الأرجنتينيون إنهم استطاعوا بطريقته الجديدة تحويل الخلايا الجذعية الدهنية وزرعها في الجزء المتضرر من العين لإعادة إصلاحه وتغذيته جيداً .
وتقوم التقنية على تحويل الخلايا الجذعية إلى خلايا مناسبة لشبكية العين، وهي تقنية سريعة وبسيطة تبدأ بشفط الخلايا الدهنية الأساسية وفرز الخلايا السليمة المنتجة التي تناسب عملية إعادة الزرع في العين .
وقال الباحث في الخلايا الجذعية غوستافو موفيغالي: “التقنية سريعة وعملية إذ تتم إزالة الدهون من جسم المريض في نفس اليوم ثم نبدأ العمل عليها خلال أسبوعين أوثلاثة حتى تصبح جاهزة للتطبيق في عين المريض” .
ومع التقدم في العمر تتعرض شبكية العين لتلف أو اعتلال، ما يؤدي إلى تضرر الأنسجة المسؤولة عن نقل الصورة للدماغ كما يتأثر مرضى السكري بهذه المشكلة .
كما أعلن علماء بريطانيون أن فرص علاج العمى باستخدام الخلايا الجذعية قد حققت طفرة كبيرة .
وأظهرت دراسة بريطانية أجريت على الحيوانات، ونشرت في مجلة “نيتشر بيوتكنولوجي” أن ذلك الجزء من العين المسؤول عن اكتشاف الضوء يمكن إصلاحه باستخدام الخلايا الجذعية .
وقال فريق البحث بمستشفى مورفيلدز للعيون وكلية يونيفرستي كوليدج لندن إن إجراء التجارب على البشر حاليا، وللمرة الأولى، أصبح احتمالاً واقعياً .
ووصف خبراء هذا الأمر بأنه “تقدم كبير”، ويمثل طفرة هائلة إلى الأمام .
والخلايا المستقبلة للضوء هي الخلايا الموجودة في قرنية العين وهي التي تتفاعل مع الضوء وتحوله إلى إشارات كهربائية يمكن إرسالها إلى الدماغ . لكن هذه الخلايا يمكن أن تموت في بعض حالات العمى، مثل ما يحدث في حالات الإصابة بمرض ستارغاردت (فقدان البصر التدريجي)، ومرض الضمور البقعي المرتبط بالتقدم في السن .
وهناك بالفعل تجارب تجرى على البشر لاستخدام الخلايا الجذعية لتحل محل خلايا “الدعم” في العين التي تساعد الخلايا المستقبلة للضوء على الحياة .
وقد أظهر فريق البحث الآن أنه من الممكن استبدال خلايا استشعار الضوء نفسها الموجودة في العين، ما يزيد من احتمالات علاج العمى .
وقد استخدم الباحثون تقنية جديدة لبناء شبكية العين في المختبر، وجمع خلال هذه التقنية آلاف الخلايا الجذعية، وتجهيزها للتحول إلى خلايا مستقبلة للضوء، ثم حقنت في عيون فئران مصابة بالعمى .
وأظهرت الدراسة أن هذه الخلايا يمكن أن تتشابك مع البناء التركيبي للعين، ويمكن أن تبدأ في العمل . إلا أن فعالية هذه الخطوة لا تزال ضعيفة، إذ تمكنت فقط ألف خلية، من بين 200 ألف خلية زرعت، من التشابك مع بقية العين .
وقال كبير الباحثين في هذه الدراسة الدكتور روبن علي: “يعد هذا دليلاً حقيقياً على أن الخلايا المستقبلة للضوء يمكن أن تزرع من مصدر لخلايا جذعية جنينية، وهذا يعطينا خارطة طريق لتطبيق هذه الخطوة على البشر الآن” .
وأضاف: “هذا هو السبب وراء اهتمامنا الكبير، وتعد فترة خمس سنوات هدفاً واقعياً الآن لبدء التجارب في المستشفى على مرضى” .
وتعد الدراسات التي تجرى على العين من بين أهم المجالات تقدماً فيما يتعلق بأبحاث الخلايا الجذعية .
ويعد الأمر بسيطاً نسبياً، إذ إن خلايا استشعار الضوء يجب أن تمرر رسائلها الكهربائية من خلية إلى أخرى حتى تصل هذه الرسائل إلى الدماغ .
وتسير هذه العملية بعكس محاولة علاج مرض الخرف، التي تتطلب من الخلايا المزروعة أن تتعلق بخلايا كثيرة جداً في جميع أنحاء الدماغ .
ويعد الجهاز المناعي ضعيفاً جداً في العين، وبالتالي فهناك فرصة ضعيفة في أن ترفض العين الخلايا المزروعة .
ويمكن لعشرات الآلاف من الخلايا الجذعية في العين أن تحسن من الرؤية، لكن مثل هذا الرقم من الخلايا الجذعية قد لا يستطيع أن يجدد عضواً آخر أكبر حجماً مثل الكبد المصاب بالفشل .
ومن جانبه قال كريس ماسون، الأستاذ بكلية يونيفرستي كوليدج لندن: “أعتقد أنهم حققوا خطوة كبيرة إلى الأمام، لكن فعالية هذه الخطوة لا تزال منخفضة جداً لحين إجراء التجارب في المستشفى على مرضى” .
وأضاف: “أعتقد أن هذا تقدم كبير يمكن أن يقود إلى علاج الخلايا، ويقدم لنا الكثير من المعرفة حول كيفية علاج العمى” .
وقال مارسيلو ريفولتا، الأستاذ بجامعة شيفيلد إن هذه الدراسة تعد “طفرة كبيرة” في مجال علاج العمى، ويمكن أن تكون لها آثارها في مجال بحوث الخلايا الجذعية .
الخليج