توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بمساعدة زجاج النافذة وقطعة من الورق، أو بناء واجهات للمنازل قادرة على توليد طاقة، هذا كله قد يبدو ضربا من الخيال العلمي، ولكنها أفكار قابلة للتطبيق بفضل تكنولوجيا الطاقة الشمسية الحديثة.
عندما قام المهندسون في معهد البحوث الأمريكية بيل Bell بتطوير أول خلية شمسية من السيليكون عام 1954 ، كانوا على قناعة كاملة بأن توليد الكهرباء من الشمس هي فكرة جيدة. ولم تكن الخلية الشمسية الأولى أكبر حجما بكثير من شفرة الحلاقة، وكان بإمكانها تحويل حوالي ستة في المائة من ضوء الشمس إلى طاقة. ومع هذا الاختراع بدأت الخلايا الكهروضوئية تكتسب أهمية كبيرة، فعبرها يتسنى تحويل ضوء الشمس بشكل مباشر إلى كهرباء بواسطة الخلايا الشمسية. ودخلت هذه التكنولوجيا حيز الاستخدام العملي في كل المجالات تقريبا، ابتداء بالأجهزة الصغيرة مثل حاسبات الجيب، ووصولا إلى الأجهزة المستخدمة في أبحاث الفضاء، حيث يتم عبر تلك التكنولوجيا توفير إمدادات الطاقة للأقمار الصناعية.
نمو قوي للطاقات المتجددة
اليوم تمثل الخلايا الكهروضوئية في ألمانيا 2 بالمائة فقط من حصة السوق، ولكن هذه النسبة في ارتفاع متزايد. ووفقا للرابطة الألمانية لاقتصاديات الطاقة الشمسية، فإن نسبة الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية في ألمانيا خلال عام 2011، زادت بنسبة حوالي ستين بالمائة عن العام الذي سبقه، وهذا يمثل رقما قياسيا جديدا. وسيتواصل التطور على هذا المنوال، ففي العام الماضي تبنت الحكومة الألمانية ما يعرف بخطة التحول في مجال الطاقة، ومن المخطط من خلال هذال التحول، زيادة حصة ألمانيا من الطاقات المتجددة إلى 35 بالمائة بحلول عام 2020، وهذا يعادل ضعف حصة ألمانيا من الطاقات المتجددة في الوقت الراهن. ولتحقيق هذا الهدف، يجب إنتاج ضعف كمية الكهرباء حاليا من الكهرباء من طاقة الرياح، وأيضا من الطاقة الشمسية.
وكذلك على الصعيد العالمي، فإن نسبة الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية آخذة في الارتفاع بسرعة، ووفقا للبنك السويسري ساراسين، فإن الكمية يمكن أن تصل بحلول عام 2020 إلى نحو 620 غيغاواط. وهذا يعادل النسبة المنتجة من 440 محطة كبيرة للطاقة النووية. وعلى سبيل المقارنة، فإن النسبة لم تتجاوز 42 غيغاواط في نهاية عام 2010.
خلايا كهروضوئية عضوية
وحتى الآن فإن الخلايا الشمسية المتوفرة في السوق منتجة في أغلبها من السيليكون، ووفقا لمعهد فراونهوفر لأنظمة الطاقة الشمسية فإن تلك المادة تشكل 90 في المائة من الخلايا الشمسية المنتجة. ويترتب على هذا تبعات سلبية كثيرة، فسعر السيليكون الخام مرتفع، كما أنه يعتبر أيضا مادة سامة، هذا بالإضافة إلى صلابة تلك المادة وقلة مرونتها بالإضافة إلى صعوبة إعادة تدويرها، لذا يعكف الباحثون في جميع أنحاء العالم تطوير بدائل للسيليكون. وكما يقول كارل ليو مدير معهد علوم الفيزياء التطبيقية (IAPP) فإن “الخلايا الكهروضوئية تأثرت دائما بنظم عديدة موازية .”ويقوم كارل ليو وفريقه بإجراء أبحاث على الخلايا الكهروضوئية العضوية، وهي أشباه موصلات تتكون من مواد عضوية، مثل الكربون والهيدروجين والأوكسجين، وهي مواد يمكن العثور عليها في كل مكان من الأرض، وهذا يعني بالتالي أنها لا تنضب، الأمر الذي يترتب عليه رخص تكلفتها. وكما يوضح كارل ليو: “هناك العديد من التطبيقات المختلفة، وهي تشمل محطات توليد الكهرباء وسقوف المنازل والهواتف المحمولة.”
وتتميز الخلايا التي تجرى عليها الأبحاث في معهدIAPP بالمرونة الكبيرة إذ يمكن “طلاؤها” على كل الأسطح تقريبا، على سبيل المثال على النوافذ والورق والبلاستيك أو القماش. ويمكن في المستقبل القريب استخدام حقائب يد تصلح لإعادة شحن الهواتف النقالة بالكهرباء، أو بناء واجهات للمنازل ونوافذ قادرة على توليد الكهرباء. وفازت هذه الأفكار الرائدة العام الماضي بجائزة المستقبل الألمانيةDeutsche Zukunftspreis ، وهي من أهم الجوائز في مجال الابتكار التقني في ألمانيا.
الاستفادة من كل ألوان الطيف
وكما يقول كارل ليو فإن “النظير المقابل للتكنولوجيا التي لدينا هي وحدات الطاقة الشمسية المركزة، حيث تطلى الخلايا الشمسية هنا بثلاث طبقات من المواد الضوئية بدلا من طبقة واحدة، وتستجيب كل طبقة من الطبقات الثلاث لألوان مختلفة من ألوان الطيف: الطبقة العلوية للأزرق، والوسطي للأخضر والأصفر، والدنيا للأشعة تحت الحمراء. وبذلك تستخدم الخلايا نسبة أكبر من الأشعة الضوئية وتنتج بالتالي المزيد من الطاقة. وبذلك تحقق الخلايا كفاءة عالية تصل إلى حوالي 40 في المائة، بمعنى أنها تستطيع تحويل ما يقرب من 40 في المائة من ضوء الشمس إلى طاقة، أما خلايا السليكون فإنها تحقق حوالي 20 في المائة فقط. لكن العيب في الخلايا المكثفة هو أن تكلفة المواد الخام الداخلة في إنتاجها أعلى تكلفة من خلايا السيليكون.
الخلايا الشمسية هي صمامات ثنائية عاكسة للضوء معكوسة فقط
وبحسب تقييم كارل ليو فإنه من ناحية الكفاءة ستظل الخلايا الكهروضوئية العضوية دون مستوى خلايا السيليكون، ولكن هدفه على المدى البعيد هو تخفيض تكلفة الخلايا الشمسية العضوية إلى النصف، وبحلول عام 2013 من المخطط الانتقال إلى مرحلة الإنتاج التجاري. ويمكن للتقنية التي يجري عليها كارل ليو أبحاثة تحقيق الكثير، فهي لا تتيح توليد الكهرباء من الضوء فحسب، وإنما العكس أيضا، أي إنتاج الضوء من الكهرباء. وكما يوضح الباحث الألماني: “فإن الخلايا الشمسية في الأساس، ما هي إلا صمامات ثنائية عاكسة للضوء ولكن فقط بطريقة معكوسة”. فالمواد المستخدمة تختلف، ولكن العناصر التي تتألف منها الخلايا متشابهة.وقريبا قد يصبح من الممكن إلصاق خلايا شمسية شفافة على النوافذ لتوليد الكهرباء من ضوء الشمس أثناء النهار، واستخدامها كنوع من الإضاءة عندما يحل المساء.
ميشائيلا فروار/ نهلة طاهر
DW