زاهر هاشم
تشير التوقعات إلى أن مستقبل التحول إلى السيارات الذاتية القيادة بشكل شبه كامل أصبح قريباً جداً، فمع ميزة “الملاح الآلي” (Autopilot) الشهيرة من تيسلا Tesla، وسيارة جوجل ذاتية القيادة، وأسطول “أوبر” (Uber) من السيارات ذاتية القيادة، وحتى ما يشاع عن سيارة “أبل” (Apple)، فإن المركبات ذاتية القيادة على وشك أن تصبح جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية.
وبعيداً عن متعة السيارات ذاتية القيادة (حيث يمكنك متابعة فيلمك المفضل على نيتفليكس أثناء القيادة)، فإن هناك العديد من الآثار الاجتماعية والبيئية الأخرى التي تجعل مستقبل السيارات بدون سائق مثيراً لاهتمام دعاة حماية البيئة.
تلقي هذه المقالة نظرة على القفزات الإيجابية التي ستحققها السيارات ذاتية القيادة مستقبلاً. لكن دعونا أولاً نلقي نظرة على ماهية السيارة ذاتية القيادة.
ما هي السيارات ذاتية القيادة؟
السيارات ذاتية القيادة، هي مركبات لا تتطلب من الإنسان التحكم بها يدوياً، لست بحاجة إلى وضع يديك على عجلة القيادة، وفي بعض الحالات، لا توجد حتى عجلة قيادة للإمساك بها.
تتوفر السيارات بدون سائق في عدد قليل من الأشكال المختلفة اليوم، والتي تتراوح من القيادة الذاتية بالكامل (مثل سيارة Google) إلى تكنولوجيا القيادة الذاتية بمساعدة السائق التي تتطلب فقط من السائق التحكم بالسيارة لبعض الوقت (على سبيل المثال “الملاح الآلي” في تسلا).
وبشكل عام، يتولى نظام الكمبيوتر في السيارة ذاتية القيادة جميع مسؤوليات القيادة. يستخدم نظام السيارة رادارات الأشعة تحت الحمراء،أو رادارات الليزر (LIDAR)، بالإضافة إلى مستشعرات الحركة المتطورة، والكاميرات، ونظام تحديد المواقع العالمي فائق الدقة، والخوارزميات المعقدة التي تسمح للسيارة بقيادة نفسها.
باستخدام كل هذه التكنولوجيا، جنباً إلى جنب مع البيانات التي يتم تسجيلها خلال ساعات القيادة، يمكن للسيارة ذاتية القيادة إنشاء خريطة لمحيطها لمعرفة أين تتجه ، وتمييز ما حولها والمناطق التي يجب تجنبها.
يمكن لهذه السيارة أيضاً قراءة شاخصات المرور والإشارات الضوئية، وعلامات الطريق، وحتى مراقبة المركبات الأخرى وراكبي الدراجات والمشاة.
كما تسير السيارة ذاتية القيادة وفقاً لقواعد الطريق، ما يعني أنه يتم دائماً الالتزام بحدود السرعة، ويتم رصد العوائق والمخاطر المحتملة بشكل أسرع بكثير، ما يسمح بالتوقف بشكل أكثر أماناً، مع تقليل مرات الكبح وتغيير التسارع.
الفوائد البيئية للسيارات ذاتية القيادة
تقليل الانبعاثات
بادئ ذي بدء، تقليل الانبعاثات.
تعمل معظم المركبات ذاتية القيادة التي يتم قيادتها (واختبارها) اليوم بالطاقة الكهربائية بشكل كامل بالفعل.
ولكن مع ذلك، ما لم يتم تشغيل شحن بطارية سيارتك بالطاقة النظيفة، فإنك لا تزال تساهم بشكل غير مباشر في الانبعاثات (على الرغم من أنها ليست بقدر محرك الوقود).
تستخدم السيارات ذاتية القيادة وقوداً وطاقة أقل بشكل ملحوظ عند القيادة، مقارنةً بالمركبة التي يقودها إنسان.
يتم حرق معظم الوقود في السيارات التقليدية عند القيادة بسرعات عالية، واستخدام المكابح، وإعادة التسارع بشكل مفرط.
تستبعد المركبات ذاتية القيادة هذه العوامل من أسلوب قيادتها، ما يعني حرق كمية أقل من الوقود أو طاقة البطارية، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل تلوث الهواء.
ومن المتوقع أيضاً، مع تقدم تقنية السيارات ذاتية القيادة، أن ينخفض وزن السيارات نتيجة تطوير بطاريات أخف وزنا، وتقليل الحاجة إلى تعديلات أمان ذات وزن كبير تضاف إلى السيارة، وهذا سيكون له أيضاً تأثير إيجابي على استهلاك الوقود أو الطاقة.
تقليل الحوادث
تقع معظم حوادث السيارات لأسباب بشرية مثل القيادة المتهورة، أو خطأ السائق، أو الانشغال بالمحادثات الهاتفية والرسائل النصية، أو تناول المشروبات الكحولية أثناء القيادة.
وقد يكون من الصعب على الإنسان اتخاذ قرار في جزء من الثانية بالانحراف إلى اليمين أو اليسار عندما يكون الاصطدام وشيكاً، ولكن بالنسبة لجهاز كمبيوتر أجرى آلاف عمليات المحاكاة (أو لديه تجربة قيادة جماعية لمئات الآلاف من الحوادث المماثلة)، يمكن اختيار المسار الأكثر أماناً على الفور، وتجنب أي تصادم.
على سبيل المثال، يوضح الفيديو أدناه، كيف تتجنب سيارة طراز Tesla Model S باستخدام الملاح الآلي بأمان شاحنة تتدخل في مسارها الذي لم يلاحظه السائق البشري حتى:
ستؤدي زيادة أمان المركبات ذاتية القيادة إلى إنقاذ عدد لا يحصى من الأرواح البشرية – سواء في السيارات أو على الدراجات أو سيراً على الأقدام – وكذلك إنقاذ الحيوانات التي قد تصطدم بسيارة ما.
تقليل الازدحام المروري
بالإضافة إلى الانبعاثات الغازية والضباب الدخاني في المدن، يعد الازدحام المروري بشكل عام مصدر إزعاج لمعظم السكان.
في كثير من الحالات، تحتل الطرق السريعة والشوارع في المدن مساحات واسعة من الأرض، ولا يترك سوى مساحة قليلة أو معدومة لتخصيصها للمشاة أو راكبي الدراجات أو الحدائق.
يوضح العرض التوضيحي في الفيديو أدناه نظام “إشارة المرور الذكية” الذي طوره باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا:
تتحرك حركة المرور بشكل أكثر ثباتاً، ما يفتح فرصاً جديدة لإعادة تخطيط المدينة لصالح المشاة والمساحات الخضراء بدلاً من تدفقات حركة المرور.
ستكون عملية الدخول إلى المدينة والخروج منها أسهل مع تدفقات مرورية ثابتة، ولن يضطر الكثير من الناس للعيش في وسط المدينة بجانب أماكن عملهم.
ختاماً.
السيارات ذاتية القيادة هي بلا شك نعمة لكوكب الأرض، فهي لن تساعد فقط في الحد من الانبعاثات، وتقليل وفيات البشر، والسماح لمخططي المدن بالتركيز على المساحات الخضراء بشكل أكبر من الطرق، بل ستوفر أيضاً الكثير من الوقت الذي يمكن استغلاله في أعمال أكثر فائدة اقتصادية واجتماعية للإنسان والمجتمع.
إعداد وترجمة
زاهر هاشم
بتصرف عن موقع greener ideal