تمكّن ثلاثة مهندسين في مجال الطاقة المتجددة يعملون أساتذة في جامعة الكوفة، من استخدام الطاقة الشمسية وقودا بديلا لتشغيل سيارة كانت تعمل بالكهرباء.
وكان المهندسون الثلاثة قد عادوا من ابتعاث علمي إلى هنغاريا حيث اطلعوا على الكثير من التجارب في مجال الطاقة النظيفة. وفي يونيو/حزيران 2018 بدؤوا بتنفيذ فكرتهم باستخدام ورشة كلية الهندسة التي وفرت لهم المواد الأولية اللازمة.
يقول المهندس إحسان محمد علي إن تخصصهم الهندسي وتوجه الجامعة لدعم الطاقة المتجددة شجعهم كثيرا على ابتكار الكثير من الأفكار وتنفيذها داخل الكلية.
وأوضح أن السيارة الملائمة للبيئة الخضراء كانت أحد أبرز تجاربهم، إذ فكروا في تطويرها بالشكل الذي يجعل منها تجربة ناجحة خاصة بعد أن وفرت الجامعة جميع المواد الضرورية للعمل “واشتغلنا ليل نهار ولم نكلف الجامعة أي نفقات مالية”.
وتابع “بعد أن كانت السيارة متهالكة ومهملة عملت مع زملائي بجهد متواصل ومحاولات وتجارب عديدة استمرت ستة أشهر أنتجنا خلالها هذه السيارة التي تتسم بالعديد من المميزات”.
مميزات السيارة
ويصف المهندس منصور صاحب الزبيدي السيارة بـ”الهادئة النظيفة” لما تتميز به من خصائص نوعية، ويقول “تعاني البيئة العراقية من تلوث بيئي بفعل الغازات والسموم، وأصبح العثور على بدائل الطاقة الملوثة أمرا ملحا، وهذا ما عملنا على توفيره من خلال تجربة السيارة الخضراء، فهي مريحة وسهلة الاستعمال جدا وبإمكان أي شخص قيادتها”.
ويضيف أن السيارة هادئة جدا لا تصدر أي ضوضاء عند تشغيلها وقيادتها وسيرها في الشارع، ولا ينبعث منها أي غازات عادمة أو ملوثات، كما أنها لا تنطفئ فجأة، فهي مزودة بمنظومة شحن شمسية وبطاريات احتياط، بالإضافة إلى كلفتها المنخفضة جدا مقارنة بالسيارات الشبيهة المستخدمة في العالم، ويمكن القول إن فائدتها أعلى بكثير من كلفتها، وفقا للزبيدي.
وقد واجه الفريق الهندسي بعض المعوقات خلال تنفيذ العمل داخل الورشة منها محدودية المواد الأولية المتاحة والوزن الكبير للسيارة الذي يعيق عملها، بالإضافة إلى عدم قدرتها على تحمل عدد كبير من الألواح الشمسية، علما بأن السيارة تحتاج إلى أربعة آلاف واط من الطاقة حتى تشتغل، بحسب المهندس محمد حسين.
آلية العمل
يتابع حسين قائلا “لقد وضعنا الخلية الشمسية (الألواح الشمسية) في أعلى السيارة وخلفها لتبدأ عملية الحصول على الطاقة مباشرة بعد سقوط الإشعاع الشمسي على الخلية، وكلما كان الإشعاع أكبر، زاد مقدار الطاقة التي تحصل عليها السيارة”، مشيرا إلى أن الأمر يتوقف على مقدار استيعاب الخلية للطاقة.
وأضاف أنهم وضعوا بطاريات إضافية لتخزين الطاقة الشمسية، وبذلك أصبح بالإمكان زيادة عدد البطاريات المشحونة بالطاقة الشمسية حتى في غياب الشمس.
وتعمل جامعة الكوفة على مواكبة التطور العالمي في مجال الطاقة المتجددة خاصة لما لها من فوائد عديدة تتجلى في ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية والحفاظ على سلامة البيئة من الملوثات، بحسب رئيس الجامعة الدكتور محسن الظالمي.
وأشار الظالمي إلى أن الجامعة شكلت فريقا أكاديميا للعمل في مختبر علمي مختص بالطاقة المتجددة “النظيفة” ليكون مركزا مهما لتنفيذ الأفكار والابتكارات العلمية وتثقيف طلبة الدراسات الأولية والدراسات العليا، مشيرا إلى وجود أفكار أخرى تتعلق باستخدام الطاقة المتجددة تعتزم الجامعة تنفيذها أبرزها الكراسي الإلكترونية للطلبة وتشغيل الآبار بالاعتماد على الطاقة الشمسية.
رأي الطلبة
ويقول حسن الموسوي (27 عاما)، وهو طالب في المرحلة الرابعة كلية الهندسة بقسم الميكانيك والأول على دفعته، “لقد تعودت على سماع المصطلحات العلمية الروتينية البدائية المتعارف عليها، ولذلك فإن الطاقة المتجددة مصطلح جديد وملفت للانتباه وبحاجة للتعمق فيه ومعرفة أهميته واستخداماته”.
وأشار إلى أنه ذهب إلى ورشة الكلية وواكب مراحل العمل على تطوير السيارة الخضراء التي عمل عليها أساتذته، حتى إنه قرر أن يكون مشروع تخرجه هذا العام خاصا بالطاقة المتجددة. وأكد أنه سيواصل مسيرته العملية في هذا المجال خلال مرحلتي الماجستير والدكتوراه.
وبحسب المختصين فإن الطّاقة المتجددة هي الطاقة المستمدة من الموارد الطبيعية ويمكن الحصول عليها من الرياح والمياه والشمس وحركة الأمواج والمد والجزر، أو من طاقة حرارية أرضية وغيرها، وهناك ما يقارب 65 دولة تخطّط للاستثمار في الطّاقة المتجددة، كما ازداد الاهتمام بها في السنوات الأخيرة في دول الشرق الأوسط.
المصدر : الجزيرة