لكل من أجهزة تنقية المياه وتحليتها مزاياه وعيوبه، ولا يكاد أحدها يبلغ الكمال. ومن أهم المزايا المرغوبة بشدة في مثل تلك الأجهزة خصيصة الاستقلالية، لا سيما عن شبكات الكهرباء العامة.
هذه الخصيصة تتمتع بها على نحو كبير الأجهزة التي تنقي الماء بطريقة التناضح العكسي، حيث ينتقل الماء فيها من المحلول الأعلى تركيزًا نحو الأدنى عبر غشاء شبه منفذ باستخدام الضغط.
بيد أن المدير التنفيذي لإحدى الشركات الناشئة يقول إنه هو وفريقه صمموا وطوروا نموذجًا أوليًّا لتحلية المياه المالحة يمتاز باستقلالية أكبر، لكنه يعتمد في عمله على الطاقة الشمسية لتوفير الماء الصالح للشرب ولأغراض الطهو.
مزايا أخرى لذلك النموذج الأولي، يعددها لشبكة SciDev.Net وليام يانسن، وهو أيضًا أحد مؤسسي شركة ’ديسوليناتور‘ -التي أعلنتها، أمس، صحيفة الجارديان البريطانية الشركة الناشئة لعام 2014- مؤكدًا أن الجهاز يتلافى العيوب التي تشوب الأجهزة الأخرى، فيقول: ”نحن نصل بالماء المراد تحليته وتنقيته إلى درجة الغليان، وجهازنا يتمتع بعزل حراري نسبته 100%، وقدرة تامة على التبادل الحراري“.
الجهاز الذي يحمل اسم الشركة نفسها، يقارب حجمه شاشة تلفاز مسطح، ووزنه خفيف يسهل تحريكه على عجلات ونقله من مكان لآخر، وسطحه مغطى بألواح شمسية.
بتلك المزايا يَعُد الفريق المطور للجهاز النموذج الأولي منافسًا قويًّا لأحدث أنظمة تحلية المياه النقالة المدعومة بألواح الخلايا الشمسية، ويَعِد بأقل تكلفة للتر المياه المحلاة بهذا الجهاز مقارنة بالأنظمة المثيلة بالأسواق.
يقول يانسن: يمتاز الجهاز عن أجهزة التحلية المعتمدة على الطاقة الشمسية بأنه أكثر كفاءة، فهو يوفر 15 لترًا من المياه العذبة يوميًّا، محققًا أعلى إفادة من الطاقة.
الجهاز لم يزل في مرحلة النموذج الأولي، إلا أن مطوريه تمكنوا من خلال محرك Indiegogo المعني بجمع التبرعات على الإنترنت عبر التمويل الجماعي، من جمع تبرعات لصالح تصنيع عدد أكبر من الوحدات؛ حتى يتسنى اختباره بشكل أوسع.
انتهت الحملة يوم 29 يناير 2015 وتجاوزت السقف المطلوب، حيث تم جمع ما يقترب من 160 ألف دولار أمريكي، وهو ما يعادل 106% من المبلغ المطلوب، وبلغ عدد المتبرعين 805 متبرعين.
ويؤكد جال مور -مسؤول تطوير الأعمال بالشركة- لشبكة SciDev.Net ”أن الحملة أسفرت عن تلقي 100 طلب لإنتاج الجهاز حتى الآن“.
هذا إلى جانب ”إرسال عشرات من الوحدات إلى منطقة الشرق الأوسط؛ للمساعدة في تخفيف أوضاع اللاجئين السوريين، وذلك بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP ومجموعة الساير بالكويت“، بحسب موور.
يقول يانسن: ”سعر الجهاز يبلغ 450 دولارًا أمريكيًّا، وعمره الافتراضي 20 عامًا“.
ويهدف الجهاز إلى توفير مياه صالحة للشرب في المناطق النائية البعيدة عن العمران والتي تفتقر إلى الكهرباء، إذ يقدر تقرير الأمم المتحدة للمياهGLAAS 2014 Report تعداد غير القادرين على الوصول للمياه النظيفة بنحو 748 مليون نسمة، إلى جانب استخدام 1.8 مليار نسمة لمياه ملوثة بالغائط والبكتيريا.
وعن ميكانيكية عمل الجهاز يقول يانسن: ”نستخدم الكهرباء المنتجة من الخلايا الشمسية في تسخين الماء لدرجة الغليان عبر سخان حلزوني، وهو ما ينتج عنه أبخرة يتم جمعها بالتكثيف وتقطيرها لتنتج ماء نقيًّا صالحًا للشرب“.
ويرى موور أن ما يميز هذا الجهاز هو استخدام كل من الطاقة الحرارية والكهروضوئية لتحلية المياه، ”فهو لا يعتمد على استخدام أي فلاتر أو مواد كيميائية في التحلية، خلافًا لمعظم الأجهزة؛ فهو يستخدم طاقة الشمس فقط“.
هذه النقطة يشرحها يانسن بقوله: ”إن الجهاز يُجري الماء المراد تحليته غشاءً رقيقًا على سطحه المعزول بصقيل حراري مزدوج ليمتص حرارة الشمس الواقعة على السطح، ثم يوجه هذا الماء المسخن، إلى وعاء يغلي فيه، بواسطة الكهرباء التي تولدها الخلايا الشمسية“.
يقر حسن البنا -أستاذ الميكانيكا بكلية الهندسة، جامعة الإسكندرية بمصر- ببساطة الجهاز وانخفاض تكلفة تصنيعه، ويرى أنه مناسب للأسر الصغيرة، ورغم هذا يشكك في قدرة الجهاز على إنتاج 15 لترًا من المياه الصالحة للشرب يوميًّا.
ويقول خبير الطاقة وتحلية المياه لشبكة SciDev.Net: ”أقصى طاقة متاحة يوميًّا لا تسمح بإنتاج أكثر من 10 لترات من المياه، هذا بفرض أن كفاءة الوحدة 100%، وهو ما لا يمكن تحقيقه أيضًا، فجميع وحدات الطاقة الشمسية تتراوح كفاءتها من 50 إلى 60 بالمائة“.
ويأمل مطورو الجهاز الحصول على منتج صالح للطرح تجاريا بحلول أكتوبر 2015.
والخطوة القادمة بحسب موور هي ”العمل على تطوير الجهاز بحيث يمكنه التعامل مع الملوثات الثقيلة كالزرنيخ للتخلص منها بلا أي مخاطر“.
شبكة SciDev.Net