إجهاض، حساسية جلد، تلوث المياه والمزروعات، والكثير من العلل يتهم بها بعض أهالي مدينة جالو (حوالي 300 كلم جنوب أجدابيا)، شركة الواحة المسؤولة عن العمليات البترولية بالمنطقة، وإحدى أهم الشركات النفطية بالبلاد، فأين الحقيقة؟
فرج الكيلاني، زوج إحدى السيدات اللواتي أجهضن من شهور قليلة، عبّر عن سخطه من شركات إنتاج النفط بمنطقتهم، متهمًا إياها بتلويث حياتهم و”قتل” أبنائهم لأجل المال وجني ثرواتٍ لا تصلهم منها حتى الفتات. أضاف: “نعيش حياة الجحيم والأمراض بسبب النفط الذي يذهب لجيوب من هم في السلطة”.
وفي سياق متصل، قال الدكتور يونس جويلي، طبيب في المستشفى العام بالمدينة: “لا يمكن الجزم بموضوع الإجهاض بسبب التلوث.
في الواقع تأتينا العديد من حالات الإجهاض ولكن لا يمكن الجزم علميًا عن سبب الاجهاض، ولغياب قسم الإحصاء بالمستشفى، فحالات الإجهاض المسجلة بالمستشفى هي فقط تلك التي تتطلب عمليات للإجهاض”، مشيرًا إلى أن المستشفى لم يسجل أي حالة من تفشي طفح جلدي بالمنطقة.
اتهامات الجمعية
كررت جمعية “حُماة البيئة الليبية” في منشورات عدة لها مطلع العام الجاري، اتهامات لشركة الواحة، المنشأة بشراكة بين المؤسسة الوطنية للنفط وثلاث شركات أمريكية.
الجمعية حمّلت الشركة المسؤولة عن الحقل الذي يبعد عن جالو 30 كلم، مسؤولية انتشار حالات الحساسية الجلدية والإجهاض بالمنطقة، كنتاج لعمليات الإنتاج التي تقوم بها الشركة.
كما اتهمت الجمعية مؤخرًا شركة الواحة بعدم التزام المعايير المقبولة أثناء عمليات الإنتاج، حيث تقوم الشركة بضخ المياه المصاحبة للنفط في برك سطحية مجاورة للحقول، بدلاً من حقنها في طبقات عميقة تحت سطح الأرض.
محمد صالح، أحد مواطني المدينة، حذر من تلوث مزروعات المنطقة والتي يعتمد عليها أهالي المدينة بشكل كبير، وأدى هذا الأمر إلى قلق المزارعين بخصوص سلامة محاصيلهم الزراعية.
من جانبه، يُطمئن وزير النفط د. عبد البارئ العروسي في معرض سنوي للتمور بطرابلس، مزارعي المنطقة بعدم تلوث ثمور المنطقة، واصفًا الأمر بمجرد الإشاعات.
مغالطة؟
يقول الخبير البترولي شريف الحلوة، عن اتهام الجمعية للشركة في طريقة معالجتها للمياه المصاحبة للنفط، إنه “اتهام مغلوط وغير علمي”.
ويؤكد أن الغرض من عملية حقن المياه لمسافة تصل 1500 مِتر في جوف الأرض، “هو لزيادة الضغط في البئر حتى يتم استخراج النفط منه”.
أما عن ضرر هذه المياه فيؤكد الحلوة “أنها سليمة وليس بها أي تلوث على الإطلاق، باعتبار أن هناك فرقا في كثافة النفط والماء، مما يجعل اختلاطهما أو تلوث الماء بالنفط مستحيل”، لافتًا إلى أن الشركات تقوم بعملية الحقن هذه “بعد فترة من استخدام البئر وضعف الضغط فيه”.
أما عن الدخان المتصاعد، فهو نتيجة لحرق فضلات الغاز والتي هي عادة ما تكون حوالي 5% من الإنتاج الغازي- والذي يكون عديم القيمة- وأوضح الحلوة أن عملية الاحتراق تنقسم لجزئيين، الأول هو الاحتراق الكامل الذي يكون ذو لهبٍ أزرق مُحمر ودخان أبيض- وهو غير ضار- أما غير الكامل هو الذي ينتج أعمدة ركامية سوداء، تكون من غاز أول أوكسيد الكربون السام.
وينهي الحلوة “أن المنظومة الإنتاجية في حال كانت كفؤة بنسبة 90% على الأقل، فإن ذلك سيوفر بيئة سليمة من دون أية مخاطر. ويعد حقل جالو أحد الحقول النفطية المهمة لشركة الواحة، فهو ثاني أكبر حقل لها ويضم أكثر من 300 بئر”.
ستظل الريبة تسيطر على أهالي جالو خاصةً مع غياب أي دور تنموي أو اجتماعي لهذه الشركات في المناطق التي تقبع فيها، والتي تنمي العداء ما بين الأهالي للشركات التي لا يرون فيها إلا وحشاً يلتهم أراضيهم ويلوث سَماءهُم ويقتل أبناءهم، قبل أن يفتحوا أعينهم ليروا مدينتهم الملوثة، على حد وصف الكيلاني.
هنا صوتك