ما زال النيل يجري, ومياهه العذبة تقدم الغذاء والكساء, ودفقاته الهادئة تجود بالخير علي العباد..إلا ان مياهه ما زالت تحمل بعض المخاطر والأمراض بسبب تلوث مصادره الصناعية.
أما مصادر تلوثه الطبيعية فأخطرها قواقع البلهارسيا التي ما زالت تنتشر في الترع والمصارف, وتبلغ نسبة الإصابة بها حاليا نحو15%, برغم الجهود المبذولة للقضاء عليها.
الدكتور احمد الهواري ـ أستاذ بحوث البيئة بمعهد تيودور بلهارس ـ يؤكد أن الدولة ما زالت تبذل جهود المقاومة لقواقع البلهارسيا إلا أنها غير كافية نتيجة الاعتماد علي الري من الترع والمصارف وهي الحلقة الأهم في انتشار مرض البلهارسيا في مصر, فمنذ عصور الفراعنة وحتي الآن ما زال الفلاح يعتمد علي الري المكشوف من الترع والمصارف علي عكس ما يحدث في الدول المتحضرة مما يحتم علي الدولة أن تسعي جاهدة لتنفيذ طرق الري الحديث سواء بالتنقيط أو الري المغطي فطرق الري الحديثة تجنب مصر مخاطر إصابة الفلاح إلي جانب تغير السلوك غير الحضاري مثل الاستحمام بالترع وغسل الحيوانات والأدوات المنزلية بها.
الدكتور الهواري يوضح أيضا أن هناك طريقتين للقضاء علي قواقع البلهارسيا, الأولي التحكم العضوي الطبيعي بتربية البط وأنواع أخري من الطيور المائية التي تتغذي علي القواقع, والأخري هي التحكم الكيميائي, ويتم ذلك برش المبيدات في المجاري المائية للقضاء علي القواقع مع الحذر في تطبيق هذه الطريقة لأن لها أضرارا بيئية تؤثر علي التوازن البيئي للنهر.
أما جهود الدولة فبلغت ذروتها منذ الثمانينيات بالقرن الماضي من خلال تنفيذ البرنامج القومي لمكافحة البلهارسيا في محافظات مصر, وأسفرت عن انخفاض معدل انتشار البلهارسيا الي ما يقرب من1.5% عام2005, بعد ما كانت تقترب من40% عام1983. وبرغم ذلك ما زالت هذه النسبة مقلقة, وتنتظر تعاون الجميع للقضاء علي هذا المرض الخطير.
والبلهارسيا مرض قديم منذ عصور الفراعنة اكتشفه العالم الألماني تيودور بلهارس سنة1850 عندما وصل إلي القاهرة, وقام بتشريح بعض جثث المصريين ليكتشف وجود دودة من النوع الماص يبلغ طولها سنتيمترا واحدا, وقد وجدها في الدم والكبد.
كمال الجرنوسي
جريدة الاهرام