أيهما أكثر ضرراً على البيئة: الأكياس الورقية أم أكياس البلاستيك؟
سؤال قد يبدو للوهلة الأولى بدهياً ولا يحتاج إلى تفكير، ويجيب معظمنا بأن الأكياس البلاستيكية هي العدو الأبرز للبيئة، خاصة أنها تحتاج إلى عقود طويلة لتتحل، وتسبب التلوث البصري والعضوي للبيئة.
فالعديد من دول العالم تشن الآن حرباً ضد أكياس التسوق البلاستيكية، والتي تتسبب بأضرار كبيرة تتمثل بسد المجاري وقنوات الصرف الصحي وفيضان الشوارع، وخنق الحيوانات وتتحمل المسؤولية عن أشكال أخرى من الأضرار البيئية.
لكن ليليا كازانوفا نائب المدير السابق في برنامج البيئة التابع للامم المتحدة والمركز الدولي لتكنولوجيا البيئة (UNEP-IETC) في اليابان. وهي حاليا المدير التنفيذي لمركز الدراسات المتقدمة في الفلبين، وعضو مجلس إدارة جمعية ادارة النفايات الصلبة في الفلبين، ترى أن المشكلة الأساسية ليست في المادة التي تصنع منها الأكياس أصلاً، ولكن في طريقة إدارة هذه المواد سواء أثناء استخدامها أو التخلص منها.
وترى كازانوفا أن الأكياس البلاستيكية الرقيقة قد صممت لأداء أغراض متعددة لا يمكن للأكياس الورقية المفضلة كبديل عنها أن تقوم بها، فعلى سبيل المثال يمكن استخدام الأكياس البلاستيكية الرقيقة في تغليف المواد الغذائية والسائلة والسلع الأخرى الرطبة، كما أنها مفيدة كبطانة داخلية لحماية صناديق القمامة، وكذلك العديد من الوظائف الأخرى التي تجعل من كيس البلاستيك اختراعاً عملياً شهده القرن العشرين.
وثمة ميزة أخرى للكيس البلاستيكي، وهي إمكانية إعادة استخدامه، على الرغم من أن بعض الأكياس البلاستيكية رقيقة جداً لإعادة الإستخدام، والحل هو تصنيع أكياس بلاستيكية أقوى وذات ديمومة أطول وليس التخلص منها.
سلوك خاطئ:
أحد أهم الاسباب التي ينظر إلى أكياس البلاستيك بإعتبارها تسبب آثاراً سيئة على البيئة هي في كونها غير قابلة للتحلل، لكن حتى مع استخدام مواد قابلة للتحلل فليس هناك ما يضمن أن الأضرار البيئية الناتجة عن المواد البلاستيكية ستتوقف، والسبب أن “الشر” لا يكمن في المواد المستخدمة وإنما في سلوك أولئك الذين لا يعرفون – أو لا يهتمون- أين ومتى وكيف يجب التخلص من هذه المنتجات.
وعلاوة على ذلك لا يمكن للحكومات أن تتجاهل مساهمة صناعة البلاستيك الرقيق في اقتصادها، فأستراليا على سبيل المثال قررت الحد من استخدام الأكياس البلاستيكية الرقيقة المصنعة من البولي اثيلين عالي الكثافة دون أن تقرر حظرها بسبب الآثار السلبية التي ستترتب على العمالة.
ووفقا لمعهد وورلد واتش، فإن صناعة البلاستيك تخلق مئات الألوف من فرص العمل في الصين وماليزيا وتايلاند، والتي صدّرت مجتمعة إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2005 نحو 239 مليون طن من الأكياس البلاستيكية بقيمة بلغت 108 مليون دولار أمريكي.
الإدارة البيئية الجيدة هي المفتاح:
يتوقف حل المشكلات المرتبطة باستخدام الأكياس البلاستيكية على الإدارة المثلى لاستخدامها وليس حظر استخدامها، الجوانب الثلاث لإدارة النفايات الصلبة – الخفض وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير- تنطبق أيضاً على الأكياس البلاستيكية.
وتمتلك دول قليلة في آسيا أنظمة إدارة النفايات الصلبة بشكل سليم، على الرغم من أن معظمها تمتلك قوانين تنظيمية بخصوص النفايات الصلبة، ويبدو هذا نتيجة لسوء فهم سائد بأن الإدارة هي ذاتها التنظيم.
إن إدارة الأكياس البلاستيكية تعني معرفة كيفية استخدامها وتخزينها بشكل صحيح بحيث يمكن إعادة استخدامها مرات عديدة، ومعرفة كيفية إعادة تدويرها عند انتهاء صلاحيتها.
في الواقع إن كثيراً من المواد التي لا تتم إدارتها بشكل صحيح ومنها الأكياس الورقية يمكن أن تكون ملوثاً سيئاً للبيئة أكثر من الأكياس البلاستيكية، فهي تحتل تسعة اضعاف المساحة في مقالب القمامة، ويتم التخلص منها بصورة أكثر بطئاً من البلاستيك.
وبحسب الوكالة الأمريكية لحماية البيئة فإن أكياس الورق تولد 70 بالمائة أكثر من ملوثات الهواء و50 مرة أكثر من ملوثات المياه التي تولدها أكياس البلاستيك، حيث يتطلب إنتاجها طاقة تعادل أربعة أضعاف الطاقة التي تحتاجها عملية إنتاج الأكياس البلاستيكية، و85 مرة من الطاقة المخصصة لإعادة التدوير.
في الواقع إن أي منتج سواء أكان أكياساً ورقية أم بلاستيكية تحتاج على حد سواء إلى إدارة جيدة للحفاظ على جدواها والحد من تأثيرها السلبي على التوازن في النظم البيئية.
إن سوء استخدام الأكياس البلاستيكية والتخلص غير السليم منها هو ما يسبب الضرر للبيئة وليس المنتج نفسه، وإن فرض حظر شامل على الأكياس البلاستيكية دليل على عدم وجود سياسة إدارة بيئية فعالة في بلد معين، حيث لا يمكن إنقاذ البيئة من الآثار السيئة من خلال عقلية “ارمها بعيداً”.
ترجمة مجلة أخبار البيئة بتصرف