في أعقاب انتشار وباء كورونا (كوفيد-19) تصاعد إنتاج كمامات الوجه ذات الاستخدام الواحد والقفازات وغيرها من أدوات الحماية الشخصية المعدة في الأغلب من المواد البلاستيكية التي يصعب إعادة تدويرها أو التخلص منها بشكل آمن دون أي أضرار بيئية.
وقد نشرت دورية “أنيمال بيولوجي” (Animal Biology) دراسة جديدة بتاريخ 22 مارس/آذار الماضي يوثق من خلالها علماء من جامعات في هولندا الآثار المميتة لـ”قمامة كوفيد-19″ على الحيوانات في بيئتها الطبيعية.
3 ملايين كمامة في الدقيقة
تصنع الكمامات ذات الاستخدام لمرة واحدة وكذلك قفازات اللاتكس من أقمشة خام من البولي بروبلين في الأغلب، إضافة إلى أنها تحتوي على خيوط مطاطية يمكن أن تشكل خطرا كبيرا على الحيوانات البرية كونها تتشابك مع أطرافها، أو يمكن أن تكون كفخ يحبسها عن الحركة إلى حد الاختناق، علاوة على خطر ابتلاعها أيضا، وتعد هذه بعضا من الآثار البيئية الرئيسية المسجلة للتلوث البلاستيكي.
ووفق تقرير نشر بتاريخ 28 فبراير/شباط الماضي في دورية “فرونتيرز أوف إنفاريومنتال ساينس آند إنجنيرنغ” (Frontiers of Environmental Science & Engineering)، يتم استخدام 3 ملايين كمامة كل دقيقة خلال جائحة “كوفيد-19″، ومعظمها من النوع المخصص للاستخدام مرة واحدة.
وهكذا دقت هذه الإحصائيات ناقوس الخطر لدى المهتمين بالشأن البيئي الذين يرون أن كارثة التلوث هذه لا تقتصر على اليابسة فحسب، بل يمتد أثرها ليطال البيئة البحرية أيضا.
وقد نشر موقع “أوشنز آسيا” (oceansasia.org) المهتم برصد التلوث البلاستيكي في البيئة المائية تقريرا يشير إلى أن ما يقارب 1.5 مليار كمامة قد انجرفت إلى المحيط خلال عام 2020 فقط.
نفوق الحيوانات البرية والبحرية
قام فريق الباحثين بتفتيش الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وجمع الملاحظات المبلغ عنها بشأن التفاعل بين الحيوانات ومخلفات أدوات الوقاية الشخصية منذ بداية جائحة كورونا.
وعثر الفريق على فرخ عالق في واحد من أصابع قفاز من اللاتكس، مما أدى إلى موته، ووجدوا أيضا طيورا تستخدم قمامة “كوفيد-19” في أعشاشها، إضافة إلى طائر شحرور ميت نتيجة أنه علق بالخيوط المطاطية لكمامة، وطائر نورس كان يحاول العيش بكمامة ملفوفة حول ساقه لأسابيع، إضافة إلى طيور أخرى غير قادرة على إزالة الكمامات من مخالبها أو مناقيرها.
وعثروا أيضا على خفافيش وقنافذ وسرطان البحر كانت جميعها عالقة مع الكمامات والقفازات، حيث يحاول بعضها التأقلم مع الوضع الجديد الذي لا يمكنه التخلص منه بمفرده، فيما يتعرض القسم الآخر للهلاك.
وفي بعض الأحيان تأكل الحيوانات البلاستيك عن غير قصد، مثل بطريق ماجلان الذي عثر عليه ميتا على أحد شواطئ البرازيل مع ابتلاعه كمامة عثر عليها لاحقا في معدته.
ويرى الباحثون أن هذه الأخطاء غير المقصودة التي نلحظها عند الحيوانات يمكن أن يرتكبها البشر أيضا، حيث أشاروا في دراستهم إلى أن طفلا يبلغ من العمر 6 سنوات ابتلع أجزاء من كمامة وجه زرقاء كان قد تم خبزها عن طريق الخطأ في قطعة دجاج ماكدونالدز.
رصد نفايات كورونا
وبهدف الاستمرار في جمع البيانات وزيادة الوعي بقضية التلوث الناتجة عن قمامة “كوفيد-19” أنشأ الباحثون موقعا إلكترونيا (covidlitter.com) يمكن الناس من مشاركة ملاحظاتهم الخاصة حول هذه الظاهرة المروعة، على أمل إيجاد طرق فعالة لمواجهتها، خاصة أن قمامة “كوفيد-19” المتناثرة برا وبحرا ستتحلل إلى لدائن دقيقة ومتناهية الصغر وستبقى في البيئة لمئات السنين.
أخيرا، يرى الباحثون أنه لا بد من رفع الوعي الفردي تجاه هذه الكارثة، حيث يمكن السيطرة عليها نوعا ما على المستوى الشخصي من خلال قص أشرطة الكمامات وقص القفازات قبل التخلص منها على الأقل.
كما يمكن تجنب استخدام أدوات الوقاية الشخصية المخصصة للاستعمال مرة واحدة إن أمكن عن طريق ابتكار بدائل آمنة وقابلة للاستخدام المديد.
الجزيرة نت