أوضح المهندس فهد محمد سعيد حارب مدير إدارة جودة الهواء في وزارة البيئة والمياه في دولة الإمارات العربية المتحدة بأنه بحسب الدراسة السنوية التي يجريها مرصد نواء الأمريكي (NOAA) لتقييم تراكيز المواد الجسيمة ذات القطر الأقل من 2,5 ميكرون (pm2,5) على مستوى العالم عبر استخدام الأقمار الاصطناعية، بأن دولة الإمارات العربية المتحدة لم تتخطى الـ μg/m3 30 مما يتماشى مع الخطوط الإرشادية لمنظمة الصحة العالمية WHO.
وأشارت الاستراتيجية الإقليمية للصحة والبيئة 2014-2019 التي أعدّتها منظمة الصحة العالمية WHO لمنطقة إقليم الشرق الأوسط بأن دولة الإمارات من الدول التي تحظى بنسبة وفيات منخفضة جداً جراء ما تسببه التأثيرات البيئية وفي مقدمتها ملوثات الهواء، مشيراُ الى أن هذه النتائج تؤكّد جهود دولة الإمارات الرامية الى تحسين جودة الهواء المحيط باعتباره من المكونات المهمة المرتبطة بجودة الحياة التي أكدت عليها الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 الرامية الى تأمين جودة حياة عالية في بيئة مستدامة.
وواصل المهندس حارب بأن جودة الهواء هي احدى أولويات العمل البيئي في دولة الإمارات وذلك نظراً لارتباطها بشكل مباشر بصحة الإنسان والبيئة، وتأثيرها على الوضع الاقتصادي. حيث تولي دولة الإمارات اهتماماً كبيراً في تحسين جودة الهواء من خلال تحقيق مؤشر جودة الهواء بنسبة 90 % بحلول العام 2021. ولهذا فقد تطورت الجهود المبذولة للمحافظة على جودة الهواء والتقليل من نسب تلوثه على المستوين الاتحادي والمحلي خلال السنوات الماضية، حيث تم تعزيز القدرات، المادية والبشرية، في مجال الرصد والمراقبة من خلال شبكة واسعة من المحطات المنتشرة في كل أرجاء الدولة، إذ يبلغ عدد محطات رصد نوعية الهواء في الوقت الحالي 46 محطة، إضافة إلى مجموعة من محطات قياس الغبار المتساقط في مواقع أنشطة الكسارات والمحاجر ومصانع الإسمنت. كما اهتمت الدولة بوضع الأطر التشريعية اللازمة لخفض انبعاثات الملوثات بهدف تحسين نوعية الهواء لضمان جودة حياة عالية في بيئة مستدامة.
وأفاد المهندس فهد سعيد حارب مدير إدارة جودة الهواء في وزارة البيئة والمياه، بأنه تتعرض جودة الهواء في الدولة للكثير من الضغوطات نتيجة للعديد من العوامل الطبيعية والبشرية ذات الصلة بالنهضة التنموية مثل زيادة أعداد المنشآت الصناعية، استهلاك الطاقة والمياه وتزايد أعداد المركبات. كما تختلف مصادر الملوثات بشكل عام فإما أن تكون بشرية المصدر أو طبيعية المصدر، حيث تنتج ملوثات الهواء من النشاطات البشرية كعمليات حرق الوقود لإنتاج الطاقة الكهربائية وفي عمليات التصنيع وعوادم المركبات، ويعتبر قطاع الطاقة من أكثر القطاعات المؤثرة على تلوث الهواء، مشيراً بأنه على الرغم من أن جميع الاجراءات التي تقوم بها الهيئات المعنية لتقليل من الانبعاثات وزيادة كفاءة انتاج الطاقة إلا أن نسبة الطاقة الكهربائية المستهلكة في أجهزة التكييف تصل إلى 51% وذلك بسبب طبيعة المناخ الحار للدولة، يليه قطاعي النقل والصناعة. أما بالنسبة للمصادر الطبيعية للملوثات في الدولة فهي العواصف الترابية ورذاذ الماء.
وأضاف حارب بأنه في إطار تعزيز الاستدامة البيئية، توظف وزارة البيئة والمياه جهودها الى تحويل الاقتصاد الوطني الى اقتصاد أخضر منخفض الكربون وخاصة من خلال إطلاق مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى خفض تراكيز الملوثات من أهمها الاستراتيجية الوطنية للتنمية الخضراء والتوسع في استخدام وسائل النقل الجماعي، وإحلال أنواع الوقود بأنواع أقل تلويثاً كالجازولين الخالي من الرصاص والديزل المنخفض الكبريت (الديزل الأخضر) واستخدام الغاز الطبيعي كوقود بديل للمركبات، واستخدام الطاقة المتجددة الشمسية والطاقة النووية للأغراض السلمية بغرض توليد الكهرباء، معايير المباني الخضراء، والتطبيقات الخضراء في المباني الحكومية كأحد محاور التميز الحكومي في جائزة الشيخ خليفة للتميز الحكومي، والبصمة البيئية، واستخدام تقنية تبريد المناطق الكفيلة بتخفيض ما يقارب 75% من الطاقة الكهربائية بالإضافة الى وضع نظام رفع كفاءة أجهزة التكييف بما بعمل على تحسين أدائها، موضحاً بأن الوزارة تسعى الى تحقيق ذلك بالتعاون مع الجهات الاتحادية والمحلية وتشجيع كافة القطاعات لتبني المبادرات وتنفيذ برامج كفيلة بتحسين نوعية الهواء وتقليل الانبعاثات لتأمين بيئة صحية ولتقليل نسب التلوث كأحد التوجهات الاستراتيجية للدولة.
كما أوضح فهد بأن دولة الإمارات تبذل جهداً كبيرا في رصد نوعية الهواء المحيط حيث تشير البيانات التي توفرها محطات الرصد في الدولة لنوعية الهواء المحيط أن نسب تراكيز معظم ملوثات الهواء تعتبر ضمن الحدود الوطنية المسموح بها وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (12) لسنة 2006 بشأن حماية الهواء من التلوث ماعدا الأوزون الأرضي والجسيمات الدقيقة ذات القطر الأقل من 10 ميكرون (PM10) ويتم في الوقت الحالي العمل على دراسة لوضع معيار وطني للمواد الجسيمة ذات القطر الأقل من 2,5 ميكرون.
واستكمالاً لجهود الوزارة المتواصلة لتحسين مستوى جودة الهواء المحيط، أفاد حارب بأن الوزارة قد وقّعت مؤخراً اتفاقية بشأن تدشين شبكة الإمارات لجودة الهواء مع 7 جهات حكومية والتي تهدف الى تحسين نوعية الهواء لخفض الانبعاثات من مختلف المصادر الثابتة التي تشمل المصانع ومحطات توليد الطاقة والمتحركة التي تشمل وسائل النقل، وذلك عبر توحيد طريقة قياس تراكيز الملوثات في الهواء المحيط، بالإضافة إلى آلية الإبلاغ والتعامل مع البيانات الخاصة بنظام حماية الهواء في الدولة، وذلك لحساب مؤشرين حيويين، هما: مؤشر جودة الهواء ومؤشر المواد الجسيمية على مستوى الدولة. وأضاف بأن الوزارة وقّعت عقد مع معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا بشأن دراسة العلاقة بين الجسيمات الدقيقة ذات القطر الأقل من 10 ميكرون والأقل من 2,5 ميكرون بالإضافة الى رصد ومراقبة جودة الهواء عبر الأقمار الاصطناعية.
ومن المشاريع الأخرى الهادفة لتقليل الانبعاثات من قطاع النقل مشروع استخدام الغاز الطبيعي كوقود بديل في المركبات، تمّ وضع وتطوير اللوائح الفنية والمواصفات القياسية الإماراتية وأدلة العمل لمشروع تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي في الدولة، حيث قامت شركة بترول أبوظبي الوطنية للتوزيع (أدنوك للتوزيع) بتحويل حوالي 2900 واسطة نقل من حافلات النقل الجماعي وسيارات الأجرة في إمارة أبوظبي وافتتاح 16 محطة للتزود بالوقود. كما قامت (مواصلات الإمارات) بتحويل ما يزيد على 1600 مركبة من سيارات الأجرة مختلفة الأنواع والأحجام للعمل على الغاز الطبيعي، ويجري العمل حاليا على إدخال السيارات الهجينة (سيارات تعمل على البنزين و الكهرباء معا) الى سوق الإمارات.
وفيما يخص تحسين نوعية الوقود المستخدم في قطاع النقل أصدر مجلس الوزراء الخاص قراراً بتحديث المواصفات القياسية الخاصة بمنتج الديزل لتقليل نسبة احتوائه على الكبريت من 500 جزء في المليون إلى 10 جزء في المليون في عام 2013، الأمر الذي سيسهم في تقليل انبعاثات ثاني اكسيد الكبريت الناتجة عن محركات الديزل وبالتالي تحسين نوعية الهواء. وبإقرار هذا الصنف الجديد من الديزل تكون الإمارات العربية المتحدة أول دولة في الشرق الأوسط تعتمد هذا النوع من الديزل.
والجدير بالذكر بأن وزارة البيئة والمياه تقوم على سن التشريعات والقوانين الرامية الى الحد من ملوثات الهواء ووضع نظام تقييم الأثر البيئي للمشاريع، ونظام حماية الهواء من التلوث الذي يتضمن المعايير والحدود القصوى المسموح بها لملوثات الهواء من مختلف المصادر، بالإضافة إلى قرارات مجلس الوزراء الخاصة بتنظيم الأنشطة ذات الطبيعة الخاصة والمؤثرة على نوعية الهواء مثل أنشطة الكسارات والمحاجر وصناعة الإسمنت، وقرار مجلس الوزراء الخاص بمادة الأسبستوس.