تدفقت مياه الصرف الصحي من جديد لتصب في خليج السويس بكثافة، وبدون معالجة مع مياه الصرف الصناعي ومخلفات السفن، التي تسببت في تغير لون مياه الخليج من الأزرق إلى الأسود؛ خاصة في منطقة “الكبانون” أول مدخل خليج السويس، ما أدى إلى نفوق عدد كبير من الأسماك والكائنات الحية.
نفوق الأسماك والقضاء على الزريعة
شهد أهالي السويس، وخاصة سكان منطقة “الكبانون والساحل” بحي عتاقة، واقعة تلوث خطيرة، جراء إلقاء آلاف الأمتار من الصرف غير المعالج بمياه خليج السويس، بعد توقف الصرف لفترة قصيرة منذ أن وقَّعت وزارة البيئة غرامة 16 مليون جنيه على المحطة، فضلًا عن إلقاء المخلفات الصناعية السائلة في الوقت نفسه على الخليج، الناتجة من المنشآت الصناعية التي تقع بالمنطقة الصناعية بالأدبية في مياه البحر مباشرة، بعدما تبين أن محطة الصرف الصناعي تلقي بمخلفات المصانع دون معالجة في الخليج، ما أدى إلى تلوث مياه البحر وتغير لونها وتراكم العناصر الكيميائية الخطيرة ونفوق أطنان من الأسماك والقضاء على الزريعة السمكية، الأمر الذي يحتاج إلى تدخل المسؤولين.
شكاوى متعددة وأزمة مستمرة
يستمر تدفق مياه الصرف الصحي من المحطة لتصب في الخليج، وأكد أهالي منطقة “الكبانون” فتح المحابس الخاصة بالصرف في الخليج دون توقف، متجاهلين جميع قرارات البيئة، التقطوا صورًا لخليج السويس والأسماك النافقة به، بعد تدفق آلاف الأمتار من مياه الصرف الصحي والصناعي إليه، وسلموها إلى محافظ السويس ومسؤولي وزارة البيئة بالمحافظة، واتهموهم بمعاودة صرف أكثر من 10 آلاف متر يوميًّا من مياه الصرف الصحي والكيماوي الصناعي في الخليج، متجاهلين المحاضر المحررة من البيئة، وقرارات محافظة السويس والوزير، وإصرارهم على تلويث البيئة بامتداد عدة كيلو مترات من خليج السويس من مجرد بقعة تلوث في المياه، إلى الخليج بأكمله، خاصة مع إصرار مسؤولي محطة الأدبية على تحدى قرارات وزير البيئة ومحافظ السويس بوقف الصرف في الخليج على الفور.
صب 7 آلاف متر يوميًّا ملوثات صحية
تلقي الصحي والصناعي بعتاقة نحو 7 آلاف متر مكعب يوميًّا من مياه الصرف غير المعالجة في مدخل خليج السويس، وهي منطقة مهمة لتوالد الذريعة وتنامي الثروة السمكية، بالإضافة إلى تأثير تلوث المياه على الأسماك، ويؤدي إلى فقر البحر، وبالتالي يؤثر على صحة الإنسان بالسلب.
وأدى إلقاء تلك الكميات من الصرف إلى تلوث مساحة 2 كيلو متر مربع، بالإضافة إلى ترسب المخلفات على شواطئ الخليج، كما أن هناك محطة فرعية لمعالجة مياه الصرف الصحي والصناعي بعتاقة، وتعتبر سعة هذه المحطة 3 آلاف متر مكعب في اليوم، بينما كميات المياه الناتجة عن منطقة عتاقة والمنطقة الحرة تقدر بنحو عشرة آلاف متر مكعب في اليوم، ولهذا تضطر الشركة المسؤولية عن تشغيل المحطة إلى إلقاء كميات المياه التي تزيد عن الطاقة الاستيعابية للمحطة في البحر.
ناقلات البترول تفاقم المشكلة
تعتبر ناقلات البترول وسفن الشحن والنقل الأخرى، أحد مصادر تلوث مصايد الخليج، حيث يمر معظم البترول المنقول بحرًا من منطقة الخليج العربي عبر البحر الأحمر ثم خليج السويس، مارًّا بقناة السويس والبحر المتوسط في طريقه إلى موانئ التفريغ، ما يلوث مياه الخليج نتيجة التشغيل العادي لهذه الناقلات والسفن، أو نتيجة للحوادث التي ينشأ عنها تلوث بترولي شديد يسبب أضرارًا بيئية بالغة الضرر للمصايد، ويمكن تصور حجم الملوثات التي تحدثها حركة النقل البحري من المتوسط السنوي لعدد السفن التي تعبر الخليج والتي تقدر بحوالي 18500 سفينة إجمالي حمولتها 425 مليون طن.
ووقعت عدة حوادث بحرية خلال السنوات الأخيرة، ما بين تصادم وجنوح وغرق تسببت في تلويث مياه الخليج، أما بالنسبة للتلوث البترولي من المصادر الأرضية فمصدره المنشآت البترولية الساحلية المقامة على شواطئ الخليج؛ مثل معامل تكرير البترول، وموانئ البترول في السويس والعين السخنة، ومنشآت بتروجاز، ومرسى خط سوميد والذي يستقبل الزيت الهام من منطقة العين السخنة بالخليج ليعاد شحنه.
وتقدر كمية مياه الصرف الصحي التي تصرف في خليج السويس بأكثر من 100 ألف متر مكعب يوميًّا، تحتوى على المياه والفضلات التي تتجمع نتيجة الاستخدامات المنزلية والآدمية والمياه المستخدمة في غسل الطرق، وبعض الورش والجراجات ومحطات البنزين، وأيضًا بعض المصانع التي تلقي بمخلفاتها في شبكات الصرف الصحي مثل مصانع الأسمدة، كذلك الصرف الصحي للسفن العابرة والمنتظرة دورها في العبور في منطقة الانتظار في الخليج، وبعض المنشآت السياحية، ولاحتواء مياه الصرف على الكثير من المواد العضوية، فإن عملية تحللها يستهلك كميات من الأكسجين الذائب في مياه الخليج، ومع زيادة معدلات استهلاك الأكسجين نتيجة لتجاوز طاقة الحمل للمياه، تقل كميات الأكسجين اللازمة لحياة العناصر الحية في البيئة المائية، ما يؤدى إلى هلاكها.
نقيب الصيادين: التلوث يضرب خليج السويس بأكمله
صرح “بكري أبو الحسن” نقيب الصيادين بالسويس بأن الصيادين اكتشفوا نفوق عدد كبير من الأسماك والكائنات الحية فجأة بعد إلقاء الصرف الصحي والصناعي في نفس التوقيت بعد توقفهم لفترة، ومتد التلوث إلى الخليج بأكمله بسبب مواصلة الصرف، وهي الكارثة الأكبر؛ خاصة مع إصرار مسؤولي محطة الأدبية على تحدي قرارات وزير البيئة.
وطالب “بكري” بوقف الصرف في الخليج على الفور، مشيرًا إلى أن عدم تشغيل محطة الصرف الجديدة من حجم الأزمة، مؤكدًا أن محطة الصرف الصحي بالأدبية عادت من جديد لصرف آلاف الأمتار اليومية من الصرف الصحي والكيماوي الخاص بالمصانع في الخليج متجاهلين الغرامة المالية التي وصلت إلى 16 مليون جنيه، وعلى الرغم من كل التحذيرات فقد تسببت محطة الصرف في تلوث بيئي خطير يحدث مجددًا بخليج السويس.
البديل