تستثمر الصين اموالا طائلة لتطوير مصادر الطاقة المتجددة، ولاسيما الطاقة الريحية، بينما يسارع جيل جديد من المستهلكين الصينيين لاقتناص فرصة التمتع بمستوى معيشي افضل تلعب فيه الطاقة دورا محوريا.
مراسل بي بي سي في بكين كوينتين سومرفيل زار منطقة منغوليا الداخلية بشمال الصين حيث التقى باسرة نانا البالغة من العمر عشرة اعوام.
تعيش الاسرة في ثلاث خيم يقال للواحدة منها “يرت”، وهي عبارة عن خيمة صغيرة مبطنة منصوبة وسط حقل “هويتينشيل” للطاقة الريحية اكبر حقل من نوعه في منغوليا الداخلية احدى مناطق الصين التي تتمتع بالحكم الذاتي.
ورغم وجودها وسط حقل للطاقة الريحية، تفتقر خيمة نانا للتيار الكهربائي، حيث تضطر الطفلة الصغيرة للاستعانة بالضوء الداخل من خلال ثقب في سقف الخيمة لقضاء واجباتها المدرسية.
اسرة نانا تنتمي للاثنية المنغولية، وتقيم في هذه المنطقة في فصل الصيف فقط حيث تعتاش على بيع الشاي للسائحين الصينيين الذين يأتون الى منغوليا الداخلية للتمتع بجمالها الطبيعي الخلاب ومساحاتها الشاسعة المفتوحة.
وتعد الاسرة الشاي للسائحين باستخدام موقد يعمل بالفحم.
تقول جي سيكسا جدة نانا: “نعم، ان الافتقار الى الطاقة الكهربائية امر صعب، ولكننا سنأتي بها في العام المقبل.”
وتريد نانا ان تصبح امرأة اعمال ناجحة عندما تكبر، وتقول “اريد تلفزيونا وثلاجة وسيارة وشقة”.
تلوث
توشك نانا اذا ان توسع تأثيرها الكربوني بشكل كبير، ولكنها ليست الوحيدة في الصين التي تحلم بحياة افضل.
فنانا تنتمي الى جيل جديد من ملايين المستهلكين الصينيين الشرهين الذين يقومون باقتناء كميات هائلة من السلع التي تعمل بالطاقة.
هذا يعني ان استهلاك الصين من الطاقة سيتضاعف عندما تبلغ نانا الثلاثين من عمرها.
وهذا ليس بالخبر السار بالنسبة لبقية سكان العالم، لأن ثلاثة ارباع هذه الزيادة في استهلاك الطاقة في الصين ستتأتى عن طريق محطات التوليد الملوثة التي تعمل بالفحم.
اصبحت الصين اكثر بلدان العالم تلويثا للبيئة في العام 2007 متجاوزة بذلك الولايات المتحدة.
فقد انتج الاقتصاد الصيني الجامح في عام 2007 كمية من الكربون تجاوزت 1,8 مليار طن من استهلاك النفط والفحم، حسب تقديرات مختبر اوك ريج في الولايات المتحدة.
واشارت دراسة نشرت مؤخرا اعدها معهد بحوث الطاقة – وهي مؤسسة امريكية مستقلة للدراسات – الى ان انتاج الصين من غازات الكربون سيتجاوز 3,5 مليار طن بحلول عام 2040 اذا ما استمرت في منح الافضلية للنمو الاقتصادي على حساب البيئة.
الا ان هذه الدراسة وغيرها قد حفزت الحكومة الصينية على المضي قدما في تنفيذ برنامج طموح للطاقة المتجددة.
الريح هي المستقبل
يمتد حقل الطاقة الريحية الذي يحيط بخيمة نانا على مدى البصر، ولكن اذا نفذت بكين المشاريع التي تخطط لها ستنشأ حقول اكبر منه بكثير.
فقد تضاعف انتاج الطاقة الكهربائية من الحقول الريحية في الصين في السنوات القليلة الماضية.
وتعكف الصين حاليا على انشاء ستة حقول ريحية عملاقة ستتمكن كل منها من انتاج اكثر من جيجاوات من الطاقة – اي ما يعادل انتاج 10 الى 16 محطة توليد تعمل بالفحم.
لن يكون ذلك كافيا لتنقية الجو الملوث الذي تعاني منه الصين، ولكنه قد يساعد في خفض مستوى الكربون في المستقبل.
وجاء في تقرير اصدرته لجنة حكومية صينية تتكون من خبراء في علم البيئة ان من شأن اتباع سياسة نشطة لمحاربة التغير المناخي ان تضع حدا لارتفاع نسبة الكربون في الجو بحلول عام 2030.
ويقول جيانج كيجون، وهو احد واضعي التقرير المذكور، إن هذا الهدف سيكون صعب المنال، ولكنه ليس مستحيلا.
ولكن ما زال على الصين التخلي عن اعتمادها على الفحم كمصدر للطاقة، او على الاقل التوصل الى سبيل اقل ضررا للبيئة لاستخدام هذا المورد المتوفر والملوث.
BBC