في عام 2023، حقق العالم إنجازاً جديداً في مجال الطاقة النظيفة، إذ تم توليد أكثر من 30 في المئة من الاحتياجات العالمية من الكهرباء من مصادر متجددة أبرزها الطاقة الشمسية و طاقة الرياح، وفقاً لدراسة حديثة أصدرتها مؤسسة إمبر الرائدة في أبحاث الطاقة.
وتعقيباً على نتائج الدراسة، قالت المؤسسة إن كوكب الأرض وصل إلى «نقطة تحول حاسمة» تجاه تبني الطاقة النظيفة، متوقعة انخفاضاً طفيفاً في الاستهلاك العالمي للوقود الأحفوري خلال عام 2024، قبل أن يتراجع بمعدلات أسرع كثيراً خلال الأعوام المقبلة.
واعتبرت المؤسسة هذا الإنجاز خطوة رئيسية تجاه تحقيق الهدف العالمي بتوليد 60 في المئة من الكهرباء من مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2030.
الطاقة المتجددة في مواجهة الوقود الأحفوري
في عام 2000، مثّلت المصادر المتجددة أقل من 19 في المئة من مزيج الطاقة العالمي، أمّا الآن فهي تمثّل أكثر من 30 في المئة، وإذا تم وضع الطاقة النووية في الاعتبار، فقد تقفز هذه النسبة إلى 40 في المئة.
ورغم بلوغ ظاهرة الاحترار العالمي مستويات مرتفعة غير مسبوقة في عام 2023، فقد هوت الكثافة الكربونية لقطاع الكهرباء (كمية الكربون الناتجة عن كل وحدة من الكهرباء) إلى مستوى منخفض للغاية بفضل زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة خلال العام.
في المقابل، انخفضت حصة الوقود الأحفوري من مزيج الطاقة العالمي من 64.7 في المئة عام 2000 إلى 60.6 في 2023، وتوقعت أمبر انخفاض هذه النسبة إلى 57.6 في المئة في 2024 مع بدء تشغيل أنظمة الطاقة الشمسية الجديدة.
الطاقة الشمسية تكتسح
للعام الـ19 على التوالي، مثّلت الطاقة الشمسية أسرع المصادر المتجددة نمواً في 2023، إذ سجلت معدل نمو بلغ 28.8 في المئة خلال الفترة من 2014 حتى 2023، مقابل 13.8 في المئة لطاقة الرياح، و5.6 في المئة للطاقة الحيوية، و1.1 في المئة للطاقة الكهرومائية خلال الفترة ذاتها.
ولفت التقرير إلى أن معظم أنظمة الطاقة الشمسية الجديدة تم تركيبها في نهاية 2023؛ أي أن تأثيرها سيبدأ بالظهور بشكل كبير هذا العام.
وعلى الرغم من أن الفحم والغاز لا يزالان يمثلان النسبة الأكبر من مزيج الطاقة العام الماضي، فإن معدل نموهما جاء أقل كثيراً من نظيره للطاقة الشمسية وطاقة الرياح خلال الفترة ذاتها.
الصين تقود التحول
وعلى الرغم من أن الصين تُعد أحد أكبر المتهمين في التلوث البيئي، فقد حققت الدولة إنجازاً كبيراً في مجال الطاقة النظيفة، إذ أظهر التقرير أن التنين الأصفر أنتج أكثر من ثلث الإنتاج العالمي من الطاقة الشمسية العام الماضي، بل إن إنتاجها في هذا المجال تجاوز الولايات المتحدة بنحو الضعف.
وشكّل الإنتاج الصيني ما يقرب من 36 في المئة من إجمالي الإنتاج العالمي من الطاقة الشمسية خلال العام.
لكن الأمر يبدو مختلفاً على المستوى المحلي، حيث شكّلت الطاقة الشمسية 6 في المئة فقط من مزيج الطاقة في البلاد، وهي نسبة أقل كثيراً من نظيراتها في الدول المنافسة الأخرى على القائمة.
وبحسب التقرير، تمثّل طاقة الشمس أكثر من 10 في المئة من مزيج الطاقة في 33 دولة، على رأسها تشيلي (30%)، ثم أستراليا وهولندا (17% لكل منهما)، وفي ولاية كاليفورنيا الأميركية التي تمتلك خامس أكبر اقتصاد في العالم، تصل تلك النسبة إلى 28 في المئة.
التقنيات الحديثة تزيد الطلب على الطاقة
ارتفع الطلب العالمي على الكهرباء بشكل كبير عام 2023، وإن ظل معدل الارتفاع أبطء من نظيره خلال العقد الماضي.
وقادت الصين الزيادة في الطلب على الطاقة، في حين شهدت كل من الولايات المتحدة وأوروبا تراجعاً حاداً في الطلب نتيجة تباطؤ النشاط الصناعي والطقس الأدفأ من المعتاد -خاصة في أوروبا.
وتوقع التقرير أن يشهد الطلب على الكهرباء ارتفاعاً مستمراً بدءاً من عام 2024 فصاعداً، نتيجة انتشار التقنيات والمنتجات الحديثة، مثل السيارات الكهربائية، ومضخات التدفئة، وعمليات التحليل الكهربائي المستخدمة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وأنظمة الذكاء الاصطناعي المعروفة بكثافة استهلاكها للطاقة.