شهد العقدان الأخيران تطورات مهمة في تقنيات الطاقة النظيفة. ويعد توافر الطاقة عاملاً أساسياً في التخفيف من حدة الفقر وتحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية التي تعاني من نقص في أنواع الوقود التقليدية. لذلك، يمكن طاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرهما من مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة مساعدتها على توفير الخدمات الأساسية لشعوبها، فضلاً عن تخفيف أعباء استيراد الوقود وتكاليفه.
وفي إطار المساعدات الإنسانية والتنموية التي تقدمها دولة الإمارات، قامت مبادرة أبو ظبي المتعددة الأوجه للطاقة المتجددة (مصدر) من خلال اتفاق تعاون مع هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، بإدراج حلول الطاقة المتجددة والنظيفة ضمن المساعدات التي تقدمها الهيئة إلى عدد من الدول النامية والفقيرة، مثل أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية وأنظمة ضخ المياه وتحليتها بالطاقة الشمسية.
في ما يأتي موجز لبعض هذه المشاريع:
طاقة شمسية لمنازل أفغانستان
قامت دولة الإمارات، من خلال «مصدر»، بتنفيذ مشروع حيوي في أفغانستان يتمثل في توريد وتركيب 600 نظام شمسي منزلي في 27 قرية ضمن مقاطعة هلمند جنوب البلاد. وساهم هذا المشروع في تحسين مستوى معيشة أكثر من 3000 شخص ممن كانوا يفتقرون تماماً إلى أي شكل من أشكال الكهرباء. وتم تمويله بمنحة من «صندوق أبو ظبي للتنمية»، ليغطي 545 منزلاً و55 منشأة عامة بينها مدارس ومساجد وعيادات. إضافة إلى ذلك، تم تزويد البيوت بأجهزة منزلية كالثلاجات والمراوح وأجهزة التلفزيون ومصابيح الإنارة. ولضمان استدامة المشروع، وفرت «مصدر» برنامجاً تدريبياً لتعليم القرويين كيفية تشغيل الأنظمة الشمسية وصيانتها.
محطة كهرضوئية في تونغا
تضم مملكة تونغا مجموعة جزر منتشرة في جنوب المحيط الهادئ. وتعمل الحكومة هناك على تنفيذ سياسات لتوفير الطاقة بطرق مستدامة بغية تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء، نظراً إلى تكاليف استيراده المرتفعة بسبب الموقع الجغرافي البعيد، فضلاً عن تخفيف آثاره البيئية.
للمساعدة في تحقيق هذه الأهداف، قامت «مصدر» بتنفيذ المشروع الأول للطاقة المتجددة على مستوى المرافق الخدمية في تونغا. وتساهم محطة الطاقة الشمسية الكهرضوئية التي أنشأتها في جزيرة فافاو، والبالغة استطاعتها 512 كيلوواط، بتلبية نحو 17 في المئة من إجمالي احتياجات الكهرباء السنوية في المملكة. وتعد هذه المحطة أولى المشاريع المستفيدة من «صندوق الشراكة مع دول المحيط الهادئ»، الذي تبلغ قيمته 50 مليون دولار ويقدم منحاً بتنسيق من وزارة الخارجية الإماراتية لدعم تطوير مشاريع الطاقة المتجددة في دول المحيط الهادئ. ويوفر المشروع أيضاً ما يصل إلى 70 في المئة من الطلب على الشبكة المحلية خلال ساعات الذروة. وتعمل المحطة على توليد 866 ميغاواط من الطاقة النظيفة سنوياً، ما يساهم في تفادي إطلاق 724 طناً من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون سنوياً.
توربينات رياح في سيشيل
تعتمد سيشيل في شكل كبير على مولدات الديزل لتأمين احتياجاتها من الطاقة الكهربائية. هناك قامت «مصدر» بتطوير المشروع الأول لتوليد الكهرباء بالطاقة المتجددة على نطاق المرافق الخدمية باستطاعة 6 ميغاواط، بمنحة من «صندوق أبو ظبي للتنمية». وذلك لدعم الخطة التي تبنتها حكومة سيشيل والرامية إلى تقليل الاعتماد على الوقود المستورد، وتوليد 15 في المئة من إجمالي احتياجاتها من الطاقة بالاعتماد على مصادر متجددة بحلول سنة 2030.
ونظراً إلى طبيعة التضاريس الجغرافية في سيشيل، المكونة من مجموعة جزر، فإن وجود محطة لطاقة الرياح يمثل حلاً اقتصادياً عملياً لمساعدتها في تحقيق هذا الهدف. وتساهم محطة ميناء فيكتوريا لطاقة الرياح في تأمين أكثر من 8 في المئة من إجمالي الطاقة المركّبة في جزيرة ماهي، وهي تضم ثمانية توربينات رياح مثبتة على امتداد جزيرتين صغيرتين قبالة ساحل ماهي، بقدرة إنتاجية تبلغ 7 جيغاواط/ ساعة من الطاقة النظيفة سنوياً، تمد أكثر من 2100 منزل بالكهرباء، وتعمل على تفادي إطلاق 5500 طن من ثاني أوكسيد الكربون كل عام.
المحطة الأكبر في أفريقيا
تفتقر موريتانيا إلى مصادر الطاقة التقليدية، ويتم إنتاج معظم القدرة الحالية لشبكة الكهرباء من مولدات الديزل. وقد نفذت «مصدر» محطة الطاقة الشمسية الكهرضوئية في العاصمة نواكشوط، بقدرة 15 ميغاواط، وهي الأكبر من نوعها في أفريقيا. وتمتلك موريتانيا موارد غنية من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما يتيح لها تأمين جزء كبير من الطاقة الكهربائية عبر مصادر نظيفة ومستدامة وموثوقة، خصوصاً طاقة الرياح التي يمكنها إنتاج أربعة أضعاف الطلب السنوي على الطاقة في البلاد.
وستساعد محطة الطاقة الشمسية على مواكبة نمو الطلب على الكهرباء في موريتانيا، الذي يقدر بـ12 في المئة سنوياً. وهي تنتج 25.4 جيغاواط ساعة من الطاقة النظيفة سنوياً، أي ما يلبي احتياجات نحو 10 آلاف منزل من الكهرباء، كما تساهم في تفادي إطلاق نحو 21 ألف طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً، فضلاً عن دورها في خلق فرص عمل مستدامة.
لقد احتلت الإمارات المرتبة الأولى عام 2013 كأكثر دول العالم منحاً للمساعدات الإنمائية مقارنة بدخلها القومي. وبهذا النهج الذي لا يقتصر على تقديم الدعم المالي أو العيني، باتت نموذجاً ليس فقط في مجال المساعدات التنموية الدولية، بل أيضاً في نشر حلول الطاقة المتجددة والنظيفة في أنحاء العالم.
الحياة