قد يكون الموت هو مصير مشروع ’ديزرتك‘، لكن حلم نقل الكهرباء المولدة بالطاقة الشمسية من شمال أفريقيا إلى البلدان الأوروبية لا يزال حيًّا نابضًا، على الأقل بالنسبة لمشروع ’تونور‘.
ففي صحراء تونس التي تتميز بإشعاع شمسي عالٍ يفوق أفضل المواقع في أوروبا بنحو 20%، تجري الاستعدادات للبدء في تنفيذ مشروع ضخم بين شركة ’Nur Energie‘، التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، ومستثمرين من تونس ومالطا يعملون في مجال النفط والغاز.
المشروع عبارة عن محطة ضخمة تقام على 10,000 هكتار بولاية قبلي جنوب غرب البلاد، بتكلفة قدرها 10 مليارات يورو، لتوليد 2.25 جيجاوات من الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية المركزة، وتصديرها إلى دول أوروبية لإمداد مليونين ونصف مليون منزل كمرحلة أولى بنهاية عام 2018م.
وتؤكد خديجة الصغيري -المديرة التنفيذية للمشروع- أنه ”وصل إلى مرحلة متقدمة، بعد العديد من الدراسات المعمقة، والإجراءات القانونية لدى السلطات الحكومية، وأن تنصيب المحطة يبدأ مطلع عام 2016م“.
ويشير نجيب عصمان -مدير الدراسات والتخطيط في ’الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة‘- إلى أن الوضع السياسي بالبلاد عطل المشروع فترة، وقال ”القانون المنظم لاستغلال الثروات الوطنية في البلاد يقتضي موافقة البرلمان التونسي“، مشيرًا إلى تأسيسه نهاية الشهر الحالي، ما يعني في رأيه أنها ”مسألة وقت“.
أما التكنولوجيا القائم عليها المشروع فتشرحها خديجة قائلة: ”هي مجموعة من المرايا الشمسية التي تتعقب أشعة الشمس الحادة وتعكسها على برج مركزي؛ ليعمد الأخير إلى تسخين الماء أو الملح المنصهر إلى درجة حرارة 550 درجة مئوية، ويقوم البخار الناتج عن ذلك بتشغيل التوربينات البخارية التي تولد الكهرباء“.
وتستطرد خديجة: ”تنقل الطاقة الكهربائية في خطوط هوائية إلى الساحل التونسي لتمر في كابل بحري خاص عبر مضيق صقلية إلى الشبكات الكهربائية في شمال إيطاليا“.
وقال نجيب -معلقًا على ضخامة المشروع، وكونه أكبر مشاريع الطاقات المتجددة بالبلاد والموجهة للتصدير-: ”صحيح أن تونس تنتج من الكهرباء 2% فقط من طاقات متجددة، وتستهدف بلوغ النسبة 30% بحلول 2030، إلا أن ما سيوفره المشروع من فرص عمل سيحقق عائدًا تنمويًّا أكبر“.
بالمثل ترى خديجة أن المشروع سيحرك عجلة الاقتصاد، ويخلق قفزة نوعية في التنمية بالمناطق الجنوبية بتونس، وقالت: ”سيوفر المشروع آلافًا من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، بولاية القبلي والولايات المجاورة المعروفة باقتصاد قائم على الفلاحة والسياحة، ومن شأنه أيضًا خلق حياة اقتصادية صناعية جديدة للجهة“.
في المقابل يتخوف بوعلي المباركي -الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل- من الاستثمارات الأجنبية في الطاقات المتجددة بالبلاد، ويطالب بمراجعة قانون الاستثمار لتحصين ثروات البلاد.
يقول المباركي: ”يجب التدقيق في الإجراءات التي يمر عبرها استثمار الأجانب في الطاقة المتجددة الموجهة للتصدير“.
وللحيلولة دون تحكم المستثمر الأجنبي في المستقبل يرى المباركي ”ضرورة في أن يملك المستثمر الوطني التونسي غالبية أسهم الشركات“. ويطالب أيضًا ببناء خطوط نقل الكهرباء قبل بدء تنصيب المحطة؛ لضمان تصدير المنتج.
بينما يقول أمين مبارك -أستاذ القوى الميكانيكية بكلية الهندسة، جامعة القاهرة في مصر : ”إن الأنسب هو بناء خطوط النقل بالتزامن مع تشييد المحطة“.
SciDev.Net