تمكن باحثون جيولوجيون من اكتشاف أحد أكبر الوديان في العالم يمر تحت الرقعة الثلجية التي تغطي معظم أرجاء غرينلاند.ونتج ذلك الوادي الذي يبلغ طوله 800 كيلو متر وعمقه 800 متر نتيجة تدفق أحد الأنهار الكبيرة عبره منذ ما يزيد على أربعة ملايين عام، قبل أن تغطيه الرقعة الثلجية.وجرى اكتشاف ذلك الوادي بمحض الصدفة، عندما كان بعض العلماء الباحثين في موضوع التغير المناخي يعملون على تخطيط القاعدة الصخرية لغرينلاند باستخدام الرادار.
ووصفت هيئة المسح البريطانية للقطب الجنوبي العثور على مثل هذه التضاريس الجيولوجية الضخمة التي لم يسبق رؤيتها من قبل بأنه أمر رائع.
ويعتبر هذا الوادي الخفي أطول من وادي “الغراند كانيون” بولاية أريزونا الأمريكية، ويمتد ذلك الوادي ابتداء من وسط غرينلاند متلويا حتى يصل إلى الخط الساحلي في الشمال.
وقبل أن تتكون تلك الرقعة الثلجية، كان يمر من خلالها نهر يصب في محيط القطب الشمالي، إلا أنه الآن مملوء بالثلج.
وعلى الرغم من ذلك، يظل ذلك الوادي منحدرا لتتسرب المياه الذائبة من تلك الرقعة الجليدية وتتقاطر بنسب محدودة بدلا من أن تنهمر بكميات كبيرة إلى المستويات الأكثر انخفاضا عن مستوى سطح البحر عند الطرف الشمالي منه.
ويعتقد خبراء علم الجليد أن هذا الوادي يلعب دورا هاما في نقل المياه الذائبة إلى المحيط، والتي تمر تحت الرقع الجليدية وتتكون عند القاعدة من الوادي.
وجرى اكتشاف ذلك الوادي الضخم من قبل بعض الباحثين الذين يعملون على دراسة أحد أبرز الألغاز التي تحير العلماء، والذي يتمحور حول مدى تأثير الرقعة الجليدية في غرينلاند على الارتفاع في مستوى سطح البحر، وذلك إذا ما استمر القطب الشمالي في الذوبان، كما هو متوقع، بفعل تأثير الزيادة في غازات الاحتباس الحراري.
واعتمد الباحثون في معرفتهم ذلك على عدد لا حصر له من الرحلات الجوية الاستكشافية التي استخدم فيها الرادار لإرسال بعض الإشارات إلى قاع الوادي لترتد إلى الرادار مرة أخرى. حيث إن الثلج يكون شفافا أمام موجات الراديو عند ترددات معينة.وبعد دراستهم للبيانات التي تم جمعها على مدار عقود من وكالة الفضاء الأمريكية ناسا إلى جانب بيانات جرى جمعها من ألمانيا، أثار دهشة العلماء عثورهم على هذا الوادي.
وقال جوناثان بامبر، كبير الباحثين والأستاذ بجامعة بريستول “من خلال صور الأقمار الصناعية المتاحة لدى الجميع، كان يمكننا أن نقول إنه جرى عمل مسح كامل للكرة الأرضية، إلا أنه ومن الواضح أن الكثير لم يكتشف بعد. لذا فنحن نشعر بقدر كبير من الإثارة حيال هذا الاكتشاف الذي قد لا يظهر في الحقيقة سوى مرة واحدة في عمر الإنسان.”أما ديفيد فوغان، وهو الأستاذ بهيئة المسح البريطانية للقطب الجنوبي فقال لبي بي سي “تخبئ الرقعتان الثلجيتان في غرينلاند والقطب الشمالي الكثير تحتهما.
ومن المذهل ظهور هذا الوادي، حيث إن مساحة غرينلاند ليست بذلك الحجم الكبير حتى يمر من تحتها وادٍ بهذا الحجم.
ومن المدهش أن يصمد هذا الوادي بشكله الذي يعود إلى ما قبل العصر الجليدي.”وقال فوغان إن هذا الوادي كان من الممكن اكتشافه جزئيا في الفترة الزمنية الأخيرة ما بين العصور الجليدية منذ 100 ألف عام. مضيفا أنه “من الممكن أن يكون هناك نوع من البكتيريا كامن في ذلك الوادي، إلا أن فكرة قابليته للحياة يعتبر أمرا مختلفا.
“ولم تقع عين أحد من البشر على هذا الوادي ممن لم يكونوا موجودين قبل أربعة ملايين عام.
وإذا ما انصهرت تلك الرقعة الجليدية في غرينلاند، فإن المستوى العالمي لسطح البحر سيرتفع بمعدل سبعة أمتار مما سيغرق العديد من المدن الكبرى في المستنقعات.
bbc