أعلن ايفو دوبوير أعلى مسؤول مكلف بشؤون المناخ في الأمم المتحدة يوم 7 أكتوبر 2009 في العاصمة التايلاندية بانكوك أن المفاوضات الجارية الآن حول التقلبات المناخية هي الأكثر ايجابية منذ عامين. وقال بوير قبل شهرين من موعد قمة كوبنهاغن بحسب (أ ف ب) إنها المرة الأولى منذ عامين التي نرى فيها مثل هذا النقاش البناء حول طريقة تطبيق الاتفاق العالمي المقبل حوا ظاهرة الاحتباس الحراري. وكانت المباحثات بشأن المناخ قد بدأت في بانكوك بمشاركة مندوبو 180 بلداً مع مطالبة القادة بالتوصل إلى أتفاق بشأن الاحتباس الحراري وتحذيرهم من أن الفشل في ذلك من الممكن أن يؤدي إلى جعل أجيال المستقبل يكافحون من أجل البقاء. وحذر يفو دي بوير وهو أعلى مسؤول عن المناخ في الأمم المتحدة من العواقب المستقبلية في حال عدم التوصل إلى اتفاقية بشأن المناخ.
وقال بوير إن الوقت لا يمر فقط بل إنه قارب على النفاد مع بقاء 70 يوما للوقت المحدد للقاء قادة العالم في كوبنهاغن لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية المناخ مضيفا أن التوصل إلى أتفاق والتعاون لتحقيق تقدم من الممكن أن يتم خلال أسبوعين. وتعثرت المفاوضات للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن المناخ بسبب عدم رغبة الكثير من الدول بالالتزام بالحد من الانبعاثات الغازية ورفض الدول النامية توقيع الاتفاقية إلا في حال ضمان الحصول على مساعدات تصل إلى مليارات الدولارات من قبل الدول الغنية الأمر الذي ترفضه هذه الدول.
وقالت كوني هيدغار وزيرة المناخ والطاقة في الدانمارك التي ستستضيف بلادها مؤتمر المناخ في كانون الأول المقبل أن الدول المشاركة في المؤتمر لديها عمل ضخم لانجازه إزاء التغير المناخي إذ أن العالم يريد منهم التصرف الفوري محذرة من أنه في حال فشل هذه الدول فإنها ستعاني من عواقب شديدة.
وتعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما منذ وصوله إلى البيت الأبيض في كانون الثاني الماضي باتخاذ إجراءات هامة للمساهمة في خفض إنبعاثات الغازات المسببة للاحترار خلافا لما كان عليه الوضع في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش الذي رفض الالتزام بأهداف بروتوكول كيوتو. ولم يصدر الكونغرس رغم تعهد أوباما أي قانون بهذا الصدد حتى الآن.
كما وعد الرئيس الصيني هو جينتاو بخفض تزايد انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل كبير في بلاده بحلول العام 2020 بالمقارنة مع مستواها العام 2005 موضحا أن بإمكان بلاده أن تولد 15 بالمائة من الطاقة التي تستهلكها من موارد الطاقة المتجددة خلال عشر سنوات كما تعهد بخفض الانبعاثات الغازية. وتعهد رئيس الوزراء الياباني الجديد يوكيو هاتوياما بتكثيف جهوده بهذا الصدد وبخفض الانبعاثات الغازية 25 بالمائة بحلول عام 2020 عن مستوى عام 1990. في حين أكد رئيس الوزراء الاسترالي كيفن رود الذي أبرم بروتوكول كيوتو عند توليه مهامه عام 2007 أن الجميع متفق على ضرورة التوصل إلى معاهدة جديدة رغم أنه ينبغي القيام بمساومات كبرى من أجل التوصل إليها مشددا على ضرورة اعتبار اتفاق بشأن المناخ بمثابة عامل محفز للنمو العالمي ما يستوجب إدراجه على جدول أعمال القمة حيث قد يحول الاتفاق خطر الاحتباس الحراري إلى فرصة هائلة لتحقيق تحول اقتصادي.
بدوره استبعد ديفيد فيكتور وهو عالم في شؤون المناخ إمكانية التوصل إلى اتفاقية مناخ شاملة العام الجاري إذ أن الركود الاقتصادي جعل غالبية الحكومات مدركة للسياسات التي من الممكن أن تؤثر على النمو الاقتصادي.
وأوضح فيكتور أن القضايا التي ستعرض في كوبنهاغن كبيرة ومعقدة كما أن الوقت المتاح لمعالجتها قصير جدا. وفيما يتعلق بالموقف الأوروبي من المقرر أن يقترح الاتحاد الأوروبي أثناء المحادثات في بانكوك خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون التي تتسبب بها وسائل النقل الجوية والبحرية ما بين 10 و20 بالمائة أثناء السنوات العشر القادمة عن المستوى المحدد عام 2005.
وقال دبلوماسيون أوروبيون إن خفض الانبعاثات الغازية من الممكن أن يؤدي إلى فرض ضرائب على الوقود لكسب مليارات الدولارات لاستخدامها في مساعدة الدول الفقيرة لمواجهة التغير المناخي ما يسهم في إيجاد اتفاقية مناخ عالمية بحلول كانون الأول القادم.
وأعربوا عن قلقهم من بطء المفاوضات الدولية مؤكدين حرص الاتحاد على تغيير الوسائل للخفض من حجم الانبعاثات.
وأعرب الصندوق العالمي للحياة البرية المعني بالحفاظ على الطبيعة في تقرير صدر مؤخرا عن قلقه من أن التغير المناخي يهدد 163 نوعا نادرا اكتشفت فقط العام الماضي في منطقة ميكونغ الكبرى الممتدة من منطقة كمبوديا ولاوس وميانمار وتايلاند وفيتنام وإقليم يونان في الصين. ويشارك في محادثات بانكوك 190 دولة للتفاوض بهدف التوصل إلى اتفاق جديد بحلول عام 2013 يحل بديلا عن بروتوكول كيوتو الذي وقع عام 1997 والذي لا يغطي قطاعي الطيران والملاحة البحرية.
يذكر أن بريطانيا وايرلندا وفرنسا وهولندا وغالبية الدول الأوروبية أشارت إلى دعمها لخفض الانبعاثات الغازية التي تتسبب بها وسائل النقل البحرية 20 بالمائة عن المستوى المحدد عام 2005. ومن المقرر أن يعقد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ فى كوبنهاغن في كانون الأول المقبل بهدف الوصول إلى اتفاقية للحد من تغير المناخ ليحل مكان بروتوكول كيوتو الذي سينتهى عام 2012.
مجموعة الثماني في قفص الاتهام:
إلى ذلك فقد بدأت محكمة المناخ التي نظمتها المنظمات غير الحكومية المجتمعة في بانكوك للمطالبة بتحرك حاسم من الدول الغنية أعمالها يوم 6 أكتوبر 2009 في بانكوك مع وضع مجموعة الثماني في قفص الاتهام على هامش المفاوضات التي تجري بإشراف الأمم المتحدة.
وقالت دينا فوينتيسفينا منسقة الائتلاف من أجل التحرك المناخي إنه لتجنب سلسلة من المحاكمات الفعلية من هذا النوع عبر العالم في المستقبل على الدول الغنية أن تخفض انبعاثاتها اعتباراً من الآن ومساعدة الدول النامية ماليا لتتكيف مع التغير المناخي.
وتنظم جلسة المحاكمة هذه في إطار حملة عالمية تضم منظمات عدة تطالب بإبرام اتفاق طموح خلال قمة كوبنهاغن بين 7 – 18 ديسمبر المقبل حيث ستنظم حوالي مئة جلسة محاكمة مماثلة عبر العالم بحلول مؤتمر كوبنهاغن الذي يهدف للتوصل إلى اتفاق عالمي للحد من ارتفاع حرارة الأرض.
ويمثل أطفال آسيا الذين يتحركون باسم جيلهم والأجيال المقبلة جهة الادعاء بينما تمثل الحكومات والشعوب في مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى وهي ألمانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان وروسيا في قفص الاتهام وقد وجهت إليها تهم ارتكاب تجاوزات في الأرض أدت إلى أضرار على مدى أجيال عدة أما الأشخاص الفعليون الوحيدون في المحكمة فهم مزارع تايلاندي وصياد فيليبيني سيدليان بشهادتهما حول الاضطراب في المناخ وارتفاع مستوى البحار الذي يقضي على نمط حياتهما.
مصائب قوم عند قوم فوائد:
من جهة أخرى قالت وكالة الطاقة الدولية في دراسة نشرت في بانكوك إن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون قد تتدنى نحو 3 بالمائة عام 2009 بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية. وقال كبير الاقتصاديين في الوكالة إن هذا التراجع سيكون الأكبر منذ أربعين عاما مذكرا بأن تطور الانبعاثات العالمية بلغ حتى الآن ما معدله 3 بالمائة سنويا. ورأى الخبير أن هذا التحول يمثل فرصة فريدة لنضع أنفسنا على مسار يسمح في النهاية بالحد من الاحتباس الحراري على الكرة الأرضية وحصر ارتفاع نسبة الكربون بدرجتين شرط التحرك بسرعة لوضع سياسات ملائمة.
عـماد سـعد