تبين ان القرش الأبيض الكبير يعيش سنوات أطول بكثير مما كان يعتقد في الماضي. تمكن علماء، باستخدام تقنية جديدة لمعرفة السن الحقيقي لأنسجة هذه المخلوقات المثيرة للإعجاب، من التأكد من أن القرش الأبيض الكبير قد يعمر 70 عاما.
يقول الباحثون إن هذا الاكتشاف مهم للغاية لحماية الحيوانات، نظرا لأن معرفة طول عمر الحيوان وسرعة نموه وتوقيت وصوله لمرحلة النضج الجنسي هي معلومات حيوية للغاية في تصميم برامج حماية الحيوانات.
وتقول لي لينغ هامادي، التي تشارك في برنامج يديره كل من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومعهد وودز هول لعلوم المحيطات في الولايات المتحدة: “هذه الكائنات مذهلة، وإنه لشيء رائع أن نقوم بدراستها”.
وأضافت، في حوار خاص مع بي بي سي “يعتقد الجميع أنهم يعرفون هذه الحيوانات جيدا، وثمة تصور عام بأن هذه الحيوانات إما محبوبة أو مكروهة، ولكن من الناحية العلمية بدأنا الآن فقط نعرف الطعام الذي تتناوله هذه الحيوانات وأين تذهب وكم من السنوات تعيش”.
حاول العلماء معرفة عمر هذه الحيوانات المفترسة من خلال عد حلقات النمو السنوية في أنسجتها، مثل تلك الموجودة في فقراتها.
لكن غضروف الهيكل العظمي لتلك القروش جعل الجزم بالفوارق بين هذه الحلقات أمرا صعبا للغاية، حتى تحت المجهر. وقالت هامادي وزملاؤها في البرنامج لمجلة “بلوس وان” العلمية إنهم سهلوا عملية تحديد هذه الحلقات من خلال البحث عن علامة مشعة معروفة، وهي عبارة عن نوع معين، أو نظائر من ذرة الكربون التي تم إنتاجها من الآثار الناجمة عن اختبارات القنبلة النووية في الغلاف الجوي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
وقد تكون هذه النظائر قد انتقلت إلى المحيط واندمجت في أنسجة الحيوانات البحرية التي كانت تعيش خلال تلك الفترة. واستخدم العلماء مادة الكربون المشعة، التي يسهل اكتشافها، لمساعدتهم على عد وفحص الطبقات بصورة أفضل، وبالتالي تحديد عمر عينات الاختبار.
وقالت هامادي: “دائما ما كنت أرى أن الفقرات صغيرة بشكل ملحوظ بالنسبة لمثل هذا الحيوان الكبير”. لا يعتقد الباحثون أن هناك أي فوارق عمرية بين أسماك القرش التي تعيش في المحيطات الثلاثة الكبرى.
الأطول عمرا
كانت الدراسات السابقة على الحيوانات التي تعيش في المحيط الهندي والمحيط الهادئ قد أشارت إلى أن القرش الأبيض الكبير – بدون استخدام العلامة المشعة – قادر على العيش حتى 20 عاما.
ولكن باستخدام العلامة المشعة، ارتفعت التقديرات العمرية للحيوانات التي أجريت عليها دراسة من قبل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومعهد وودز هول لعلوم المحيطات، إلى 73 عاما لأكبر ذكر شملته الدراسة و40 عاما لأكبر أنثى.
وعلى افتراض وصول العمر العادي إلى سبعين عاما، فيمكن الآن اعتبار أسماك القرش الأبيض الأطول عمرا بين جميع الأسماك الغضروفية.
وتعرضت القروش البحرية لضغوط شديدة على مر السنين، أحيانا بصورة غير منصفة، وعلى غرار العديد من أسماك القرش في العالم تعاني هذه القروش من زيادة معدلات الصيد.
ووفقا لقائمة الأنواع المهددة التي يصدرها الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة ومواردها، فإن القرش الأبيض الكبير “معرض” للانقراض.
وإذا كان القرش الأبيض، على ما يبدو في الوقت الحالي، ينمو بصورة أبطأ ويصل لمرحلة النضج في وقت متأخر عما كان معروفا في السابق، فهذا يعني أنه سيواجه مصاعب أكبر بسبب معدلات الصيد والعوامل البيئية والضغوط الأخرى.
bbc